رواية منفى الجسد الصادرة عن دار ضفاف للطباعة والنشر الشارقة-بغداد 2015 .
(الى كل الأجساد التي ارتهن مصيرها بنفي الاستبداد)
ليس صدفة عفوية أن يستمر الروائي خضر عواد الخزاعي بوصف قضايا واقعية تأريخية يبحث فيها عن متلقي وعن مجتمع يتقبل السرد التحليلي للوصول إلى معرفة ماهو (النفي الجسدي) وكيف ولماذا يكون منفيا ليمتلك عناصر التغير .
رواية (منفى الجسد) أسلوب ابتعدت عن السرد القصصي والروائي واهتم كاتبها بتحليل واقع الإنسان العراقي وطرحَ تساولات كثيرة، أهمها هل نعيش في مساومة كبيرة على حساب أجسادنا معادلتها الجسد أو الحب ثم حلم الانعتاق وليس الاستجداء على دروب القدر . نحن نملك في أكثر الأحيان الحلول دون أن نعرف النتيجة نحن نحتاج إلى معجزة بحجم الكارثة التي نعيشها لنصنع مستقبلنا، دائما نحن نفضل الهروب للخلاص (ها أنا أعطيك كل مفاتيح روحي وجسدي وبمليء إرادتي أما ما تركته هناك في بلدي في مدينتي فلقد أغلقت عليه بصندوق اليأس ورميت مفاتيحه بعيدا لأنني سأرحل)
في الشرفة هدى مع قاسم(كنا في الشرفة قريبين من بعضنا لامسني بذراعه….لا أتذكر التفاصيل، لكني أعرف أن جسدي، كان مستسلما تماماً، لم أمارس أي دور غريب عللا طبيعتي، بقيت كما أنا، ساهية، مستسلمة، انظر أمامي، أشم رائحة جديدة، رائحة تلبست حواسي،لم تكن تشبه تلك الرائحة، التي كنت أشمها، وأنا متلاشية تحت الجسد الشهي لعمار.) .
في هذه الرواية يجسد الروائي أسمى وأعذب المشاعر الإنسانية في محور الحب، لحظة حب عرَّفنا فيها الكاتب بالأنثى وهي هاربة من مدينتها وواقع بلدها ولكنها باقية على حبها القديم تحمل ازدواجية الحب والزواج، المشهد يضعنا قريبين جدا من شعور الذين اختاروا غربة الجسد ورحلو اليها إلى غربة البلدان.
الرواية تمعن بالتفاصيل (الزمكانية) وتمعن في كيفية تحول الإنسان الى نصفين نصف للذاكرة والأخر، للغربة وجدلية الأرواح الضالة بين الحزن والفرح، ورغم تكرار السرد إلا ان هناك شد لجماليته وخاصة رسائل الحب بين هدى وعمار ثم تعرفها على جارتها شوان ولقائها معها، وكيف وظفهما الروائي لإيصال صورة واضحة لما كان يجري في بلدي في حقبة جديرة بالدراسة السياسية التأريخية، وعن وقائع غفل عنها المؤرخون، (نعم تعلمت من شوان أن يكون الجسد معلقاً بمنفى حتى وان كان حراً )
الرسائل بين هدى بطلة الرواية وحبيبها عمار، هيَّ مراسلات ومذكرات مرحلة جديرة بالدراسة الأدبية، لروعتها.
الكاتب تعمق بوصف تفاصيل مدينة آما التي هاجرت إليها هدى، البنايات والشوارع والحانات وحتى الأشخاص، ليكون تؤامة بين السرد والأحاسيس والمشاعر ليمنحك مشهد سينمائي مجسم (3d) ولغرض تبرير العلاقة بين عمار وهدى بعد قرارها السفر وزواجها من قاسم عمد الروائي إلى وصف مطول لازدواجية الحب عند عمار وهدى لأننا سلوكيا وأخلاقياً نستهجنها، ولكني لم أتصفح يوماً أجمل من هذه الرسائل
إلا اني لم أجد هدفا ساميا لما يفعله الأثنين، ما جدوى ما فعلته هدى وما فعله عمار وقاسم وشوان سوى أنهم هاجروا ليجدوا أنفسهم ففقدوها من جديد.
جميعا في غربة الجسد ومنفى الجسد، ومعظمنا يمارس الخيانة بأي شكل دون أن تأتيه الجرأة ليدونها في كتاب
وأخيراً نقول شكرا للكاتب الذي أجاب عن اسأله كثيرة في معادلة منفى الحب والجسد، ومشكلة الحلول النصفية والمبتورة والتي نتيجتها سنكون دون ان نعلم في منفى الجسد ودون ارادتنا.
—