وحدي من لايقول للقاص محمود الظاهر : استاذ ..وحدي مَن يتقبل كلامه بكل أصنافه ..بين عائلتينا وشائج قوية زاد في تعميقها المشترك الفكري..في الخمسينيات كانت محلتنا (أبريهة ) تنظر لعائلة الخال بفخر واعتزاز ،فهي عائلة الشهيد الشيوعي خليل الذي اعدمه النظام الملكي وبعد 8شباط 1963ازدادت القيمة النضالية لعائلة الظاهر بسبب مشاركة جليل ابن عم محمود الظاهر في حركة حسن سريع ثم ألقي عليه القبض وحكم بالاعدام بعد فترة لايستهان بها خفف الحكم واحيل جليل الى احدى السجون ..بالنسبة للخال محمود الظاهر استطاع الوصول الى رومانيا وامضى فترة فيها لينشر بعد سنوات مجموعته القصصية الثالثة (وجه على رصيف روماني ) الخال محمود الظاهر ربما آخر من تبقى من (جيل الخمسينات) ،مجموعته الاولى (درب المراهقات ) صدرت 1958 والثانية (النافذة) 1962….وحين صدرت ..وجه روماني ،تساءل الناقد فاضل ثامر (ماذا يعني ذلك؟ هل هو أمكانية أو حتمية عودة كتّاب القصة التكرلية الى ميدان الفن القصصي كظاهرة عامة؟ أم ان ذلك مجرد ظاهرة فردية تتعلق بقاص معين فقط ؟ والسؤال الاستفزازي هو :ماهو الموقع الحقيقي الذي تحتله في السبعينات مثل هذه الاعمال القصصية؟ )في التسعينات صدرت للقاص محمود الظاهر (لمسة إنسان ) وهي مجموعة أكدت للأسف ان الخال محمود صار يلاقي صعوبة بين الفن والواقع فيلوذ بذلك الفهم القصصي البسيط الذي يبث نصوصا أقرب للأعلام منها للأدب القصصي..ويبدو ان الخال محمود الظاهر قد زادته الحياة رهقا وغلّقت عليه الابواب
..خصوصا وهو يفقد احبة من افراد عائلته آخرهم كنته التي كانت بمثابة ابنته..في ضحى 9/9/ 2015 لمحته يغادر مقهى سيد هاني يتوكأ على ابنه الوسيم مؤيد ..غادرت مكاني وهرولت صوبه ..اعانقه بالشوق كله ..كانت ملامحه توجعني ثم همسني ولده : (الوالد مصاب بالزهايمر ..)..عدتُ به لنجلس في واجهة المقهى نفسها وأمضيت وقتا مرا/ حلوا..وسألني كما كان يسألني في سنوات الحصار (حافظ على نفسك حتى لاتراك الحكومة) فهو كان يعلم بحالي السياسي وبترقين قيد ي وقيد عائلتي منذ 1979 ويتصورني مطاردا ما أزال ..ثم أخبرني : (هل دريت ؟ استاذ محمود عبدالوهاب : مات …) لحظتها رأيت خالي العزير محمود الظاهر يدخل في الصورة الفوتوغرافية المثبتّة في قصة (سيرة) لمحمود عبدالوهاب ويتكىء على جسر المغايز مع احمد عبد الوهاب ومحمود عبدالوهاب وخليل وعبدالواحد : كلهم بياقات عريضة وبناطيل فضاضة موديل 1942..
*عمود صحفي أسبوعي / طريق الشعب /16/ أيلول/ 2015
—-