أُشهرت في مدينة أسطنبول التّركية في تظاهرة ثقافيّة على شاطئ بحر مرمرة الطّبعة الثّالثة من رواية “أَعْشَقُني” للأديبة الأردنيّة من أصول فلسطينيّة د.سناء الشّعلان.ويأتي إشهار هذه الطّبعة الجديدة بعد نجاح لاقته الرّواية في الطبعيتن السّابقتين؛إذ حصلت الرّواية على الكثير من الجوائز العربيّة،فضلاً أنّها حظيت بأن تكون مادة للدراسة في المؤتمرات العلميّة المتخصّصة والدّراسات النّقديّة والأطروحات الجامعيّة.كما أُشهرت في أكثر من بلد عربيّ في طبعيتها السّابقتين.والرّواية في طبعتها الجديدة تقع 232 صفحة من القطع المتوسّط ضمن ثمانية فصول.
وتقول د.الشّعلان أنّها سعيدة لإطلاق الطّبعة الجديدة من روايتها في عاصمة من عواصم الثّقافة والجمال والأصالة(أسطنبول) والإرث؛لتحظى روايتها بإطلالة جديدة لا على المتلقي العربيّ فقط،بل على المتلقي التّركي ومن ثم العالميّ في خطّة مستقبليّة لترجمة الرّواية إلى التّركية.وتتمنّى من أعماق قلبها أنّ يكون الإشهار المقبل للرّواية في القدس عاصمة العرب والمسلمين في العصور والأزمان جميعها بعد تحرّرها من النّجس الصّهيونيّ.
وحول هذه الرّواية يقول أ.د خالد اليعبودي/جامعة محمد الخامس:”رواية “أَعْشَقُني” تعدّ من الروايات القلائل التي تنتمي إلى جنس الخيال العلمي، وهي متفرّدة بموضوعاتها الاجتماعية المطروقة، وتحمل رسالة تنويرية للجمهور المتلقي بتحليقها في عوالم الخيال المستند إلى الحقائق العلمية،وهي وإن لم تفصّل كثيرا في دقائق التطور العلمي الذي افترضته، ولم تحافظ على لغة إيحائية في جميع مقاطع الرواية، فإن هذا العمل الأدبي يبقى متميزا ينضاف إلى روائع مكتبة الروايات العربية في هذا الجنس السردي”. في حين يقول أ.د ضياء غني العبودي/جامعة ذي قار:” تعد رواية أَعْشَقُني من الروايات التي تعتمد على تقانات حديثة ، وتعد العجائبية واحدة من أهم تلك التقانات التي استطاعت الدكتورة سناء توظيفها بشكل ناجح.ومن المعروف ان هذه العجائبية تقوم في بنيتها على أحداث تفوق الطبيعي ، وتعمل على إثارة دهشة المتلقي ،في اطار صوفي فلسفي عجائبيّ.
أمّا د.صلاح المحاميد/ إيطاليا فيقول:” “أَعْشَقُني”رواية ذات مضامين تخصّ البشريّة،وذات رسالة تنبيه لمُسيري الإنسان للعواقب الوخيمة التي تتأتى عن النّهج الحالي،وتدعو الكاتبة،بنت الخليل مرقد الآباء، إلى العودة إلى التّعاليم الأولى”،في إزاء ما يقوله أ.م. د. حسنين غازي لطيف/جامعة المستنصريّة:” ان الرواية تمتلك خطوطا واضحة عبر الأبعاد الثمانية التي أعدتها الروائية وكان الأقرب لها هو البعد الخامس لان الحياة بلا عاطفة تشبه العيش بلا روح، هكذا يفترض أن يكتب النص الروائي إنزياح عن الإنزياح وعدول عن العدول”،وفي هذا الشّأن يقول أ.د نور الدين صدار /جامعة معسكر:”الثّورة التي كانت هي مضمون هذه الرّواية وهاجسها،هي كانت مسوّغها ودافعها نحو التّحرّر من الشّكل التّقليديّ للرّواية،فلا يمكن أن نتحدّث عن الثّورة إلاّ بالثّورة،لذا فقد شُكّلت الرّواية كما يشاء الانعتاق،مادام السّرد قادراً على النّهوض بهذه الرّواية”.
ويرى أ.د عبد العاطي كيوان /جامعة الفيوم عن جنوح الرّواية إلى الصّوفيّة :” كذلك تكشّفت الرّواية من شيء آخر في وريقاتها الأخيرة،تجسّد في نوع من علاقة فاعلة بين الصّوفي والعاشق والفيلسوف”،ويضيف الناقد والأديب الأردني نازك ضمرة:” لا ينكر قارئ منصف أنّ الأديبة د. سناء شعلان استجمعت كل قواها ومصادرها ومعارفها لتؤسس لها ولنا عالماً غريباً غير مألوف من الناحية الأدبية”،في حين يقول النّاقد اليمني هايل المذابي:” إن العالم كما تصوره الروائية سناء الشعلان في روايتها ” أَعْشَقُني” رغم تطوره تكنولوجياً وطبياً سيظل مسكوناً بدافع البقاء.ويقول النّاقد المصري فـرج مجـاهد عبـدالوهـاب : “مما لا شك فيه، أن الروائية المبدعة (سناء شعلان) في( أَعْشَقُني) قدمت أكثر من إشكالية فنية وتناولية، سردية ولغوية، تماهي فيها الفنتازي مع الغرائبي مع الحب ورسالة المشتعلة بالشبق الجنس والعاطفة الفياضة والجياشة التي تستبيح الجسد كقوة، والحب كأداة والجنس كوسيلة من أجل التأكد على بلاغة وأهمية البعد الخامس”.
وعن هذه الرّواية تقول الشّعلان :”رواية ” أَعْشَقُني” هي من الرّوايات العربيّة بل العالميّة القليلة جدّاً التي تحمل اسماً يتكوّن من جملة فعليّة كاملة،وفي حين معظم الرّوايات تحمل اسماً لا غير أو جملة منقوصة تبدأ باسم أو بظرف أو بحرف جرّ.وهذا الاختيار يقودنا منذ البداية إلى حالة القلق التي تعيشها مؤلّفة الرّواية،إذ إنّها الفعل المضارع يحمل الاستمراريّة والقلق والإلحاح إلى جانب الملحميّة؛فالفعل المضارع هو من يحمل ثيمة الصّراع بحكم الاستمرار،فهو بامتياز فعل ملحميّ ينقل إصرار المؤلّفة على أن يكون القلق هو البوابة نحو الدّخول إلى الرّواية،تقول الأديبة د.سناء شعلان حول هذا الأمر :”رواية ” أَعْشَقُني” وُلدتْ عندي في حالة غضب وانزعاج،وهي دون شكّ لم تنحرْ هذا الغضب وذلك الانزعاج،ولكنّها نقلته من حالة العصاب والكبت إلى حيّز الوعي والنّقد والتّشكيل والتّحرر والرّفض،هي صنعت من قهري حالة إبداع إداركيّة تنطلق من العلم والعقل والقلب لبناء عالم يوتيوبيّ منشود يفارق العالم المنكود الذي اجتهدت الرّواية في التّمرد عليه،وعدم الانصياع لإكراهاته. كنتُ غاضبةً بحقّ من البشريّة الحمقاء التي تتصارع دون توقّف،من البشر القساة اللامباليين،من حمّام الدّم المشرع في كلّ مكان بزخم دماء الأبرياء،من مشهد الحياة دون كرامة،من جداريّة الموت دون ونيس،من سلطة الفاسدين،ومن قهر المستلبين،من إعدام العشق،كنتُ حانقة على المتخمين كلّهم،وثائرة باسم الجائعين والمحرومين والمنكدين جميعهم،كنتُ في حرب ضدّ الحرب،وفي صرخة ضدّ جعجعات الكاذبين،كنتُ أريد أن أقول لا حتى ولو كلّفتني أن أنجز عملاً روائيّاً يعدم نفسه عند أوّل مفترق كتابة،كنتُ أدرك تماماً وأيقن في لحظة إيمان لا تعترف بالشّك أنّني أقامر على طاولة الفنتازيا بكلّ ألآمي ومعاناتي،وأنّني أراهن على الاستشراف العلميّ لرسم مستقبل ممكن في طور بناء عالمي يوتيوبيّ يخلص للحظّة الحبّ التي أؤمن بها خلاصاً للبشريّة في ظلّ أزمة البشرية الكبرى،وهي غياب الحبّ؛فالبشريّة في حالة إفلاس روحيّ وشعوريّ،ولذلك فهي تبتدع حرف الموت والكره،وتتنافس في الفحش والإيذاء،وتتذرّع بشتّى الذّرائع لتكسو نفسها بالسّلاح والبطش والتسّلط،وماهي في الحقيقة إلاّ منكوبة في قلوبها العاصية التي لم تتعلّم أن تحبّ،البشر في حاجة لدرس إنسانيّ في الحبّ،وهو خيارهم الأخير قبل أن يبدوا وينتهوا”.
ومن أجواء هذه الرّواية :” يالجمال قدري الجديد! يا لجمال قدر يقودني إلى أن أعشقها!! أقصد أن أعشق جسدها، بل أن أعشق روحها وذاتها، من الصّعب أن أشرح لنفسي هذه القضية الملبسة، فأنا أعشق امرأة هي أنا في واقع الحقيقة الملموس، وأنا إيّاها في السّياق المنطقيّ نفسه، ولكنّ الحقيقة أنّني رجلّ يعشق امرأة في ظروف عجيبة، إذ هو ماديّاً مفقود، وهي روحانيّاً مفقودة، ولكن كلينا في هذه اللّحظة في ذات واحدة، هي إيّاها وإيّاي، إذن أنا أَعْشَقُني، ولذلك فأنا أعشقُها.
لابدّ أنّ هذه القضية أكبر من فهمكِ الصّغير يا ورد، يوماً ما ستكبر، وتفهم معنى ما يحدث، وستفهم دون غيركَ من البشر معنى كلمة أَعْشَقُني، أنا يا وردي أَعْشَقُني، أتعرف معنى ذلك؟معناه أنّني أعشق أمّكَ شمس بامتداد لا يعرف نهاية، فهل تغضب؟تستطيع أن تركلني بقدر ما تشاء إن كنتَ حانقاً علي، ولكن ذلك لن يغيّر شيئاً من حقيقة أنّني أَ…عْ…شَ…قُ..نِ…ي…”.
—