تبلور في الاسبوع المنصرم رأيان سياسيان مختلفان الاتجاه في السياسة العراقية ، الاول عند صدور بيان الهيئة القضائية المشؤم و الثاني يوم الثامن من شباط المشؤم كذلك ّيوم موقف مجلس النواب . الاول عندما تصور المغرورون البعثيون انهم انتصروا وهم في طريقهم لاستلام العراق عن طريق الانتخابات ليهيؤا لانقلاب ابيض كما حدث في سنة ٦٨ وكما يدعون ( نشير لهم هنا بالخط الاول ). فتبسمت وجوههم و من كان يتعاطف معهم في العلن و من كان يتمنى هذا في السر . و الثاني يوم وقفت كل القوى الخيرة في العراق في صف متوحد قلما وقفوا مثله في الفترة الاخيرة من عمر المجلس النيابي (سنشير لهم بالخط الثاني ) مسنودا من شارع لا يتساهل هذه المرة ، وقفوا ضد كل افكار و مشاريع البعث المشؤم و ضد كل اختبار خارجي للنيل من المسيرة الديمقراطية في العراق . و بالرغم من اهمية تبلور هذه المواقف الصحيح ، الا اني ارى حدث اخر اهم ، وهو كشف من كان يقف مع البعث و مع التدخل الخارجي في شؤؤن العراق في السر (سنشير لهم بالخط الثالث ). لقد توهم هولاء بان الوضع اصبح أمننا لكيشفوا عن موقفهم الحقيقي الذي تعودا عليه في السابق و مثلهم انشكف من كان يتوقع طويلا تدخل الامريكان لصالح قوى البعث بحجة مقاومة التعصب الطائفي و التدخل /الاحتلال / الايراني للعراق . شعر كل هذا الجمع العجيب بامان هذه المرة و تخيلوا ان الوضع مقبل على فترة مشابهة للايام الاخيرة من حكم الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ، اي فترة انقلاب البعث في ٦٣ المشؤم . و في راءي ( المتواضع ) تخيل كل هولاء ان التاريخ سيعيد نفسه ، فما عليهم الا ان يعلنوا تضامنهم مع البعث و اصحابه ليضمنوا السبق السياسي و الموقف المتضامن مع البعث متمنين منافع لا حدود لها ، ربما اكثر من كوبونات النفط هذه المرة ، و بالاخص حينما تخيلوا ان الامريكان اصبحوا يقفون مع البعث رسميا و بكل قواهم وتذكروا كل الاشاعات التي كانت تدور في سماء السيا سة في العراق وكذلك تصريحات بايدن و كلنتن و الجنرال ( العراقي الوطني ) بتريؤس و السفير هلل مع تواجد القوات الامريكية في قواعدها في العراق / بحدود مئة واربعون الف جندي . . و لم ينسوا الموقف ( الاجماعي ) للدول العربية فركت لهاتهم للدولارات السعودية التي تصرف ببذخ وبالملايين كل يوم وامام اعينهم ، اي تصورا ان التفكير الحالم ( wish full thinking) قد اصبح حقيقة . فتأكدوا ان كل هذه مؤشرات لا يمكن الا الاخذ بها بل يجب الاستفادة منها حالا، وهذا تفكير من لم يهضموا واقع استتباب الخطوات الديمقراطية في العراق ، وتخيلوا ان الشعب العراقي كثير ما ينسى و يخضع بسهولة للاقدار كما يقول السيد علاوي للسادة الامريكان دائما . كان من ضمن هولاء في الخط الثالث من هم مؤازرون للبعث صراحة وهولاء متواجدون في الخارج بعيدين او قريبين من الحدود العراقية ، كتاب او انصاف كتاب و محللون سياسيون كما يدعون و متتخصصون في الشؤون العراقية و مدعي انصار منظمات حقوق الانسان زورا ، ويمكن جمع من هذه الالقاب ما ترغب . و خلال الاسبوع المنصرم ( اسبوع عسل عرس الواوية ) ازدادت و تكاثرت المقالات و التصريحات و الرغبة او التسابق في التنبأت كسبق تحليلي سياسي . و من اهم هولاء و اخطرهم على الشعب العراقي من كان يتبرقع في غطاء الوطنية والديمقراطية و العقلانية اليسارية . اي من كان يستفاد من كونه سياسي دمقراطي معتدل . و كان هناك كذلك من هم من ( الخط الرابع ) اصحاب النيات الحسنة و القلوب الطيبة التي استفاد منهم البعثية ايما فائدة . لم يكتشف هولاء الناس اهم عنصر في اخلاقية البعثيين ( الخبث و التلون ) ، فغرهم ان يتخذوا موقف الانسان المحايد ، و من هم شديدي العزيمة لحبهم للانسانية بالرغم من مرارة تجربتهم مع البعث .
ما يهمني هنا هو موقف الخط الثالث لان هولاء كانوا يعملون من الداخل و بصفة وطنية و لهم مناصب مؤثرة في الدولة العراقية و ضمنوا مكانتهم بين المجتمع على انهم ( وطنيون اقحاح ) و ليس من السهل على هذا الشعب ان يخوّن او يشكك بالوطنيين في هذا الوقت و بمن ائتمنهم لسبع سنوات . لانها لو حدثت لخلقة ردة و هزة نفسية في نفوس العراقين لا نعرف عمقها و لا نعرف طرق شفائها . اي حين يفقد الشعب الثقة بكل السياسين الوطنيين الذين ربط مصيره بايديهم . لانها ستخلق ما يدعى بسلسلة الانفعالات ( chain reaction) السالبة التي تاخذنا للانحدار . لكن ومن حسن حظ هذا الشعب المظلوم منذ عقود ، ان كشف هولاء قبل الوقت عن ما يضمرون ، لطمعهم بالسبق الانتمائي للبعثيين حين يعودون هذه المرة بدبابات امريكية و معبئة بغازولين عراقي من داخل العراق .
حالتان متشنجتان متزامنتان تسيران على خط متوازي . حالة الامل المرتبك المؤقت الذي تحول بسرعة الى حالة احباط ويأس ( الخط الاول ) وحالة الخوف و الشك بخيانة الاصدقاء الذي تحول بسرعة الى حالة التصدي و العزيمة ورفض القبول بالامر الواقع . و من حسنات طالع الشعب العراقي ايضا ان ماكنة ( جهاز ) التغير الديمقراطي متوفرة و قريبة وضمن الدستور العراقي ( الامل الاهم ) اي ان الانتخابات قريبة و سيطرد الخطان الاول و الثالث ببصمة بنفسجية على ورقة الانتخابات .
ساكتب بتفاصيل اكثر عن ابطال الخط الثالث في كتابة لاحقة . انتظر قرار هيئة القضاة بتدقيق صحة اوعدم صحة اسماء المشمولين بقرار اجتثاث البعث / لاحظ اصراري على استعمال التسمية الاصلية لهذه اللجنة ، لان هذه التسمية ستفرض نفسها من واقع المؤامرة البعثية ، التي صرح و حذر منها السيد المالكي ، و استسخف بها كثير من ابطال الخطان الاول و الثالث .
ملاحظة – سيكون الثامن من شباط ( 2010 ) لصالح الشعب العراقي هذه المرة . فلنحافظ على كريمنا الجديد . ولنتذكر شهدائنا الاحرار .