ضيفت اللجنة الثقافية في اتحاد أدباء البصرة الناقد المسرحي “حميد مجيد مال لله” بمناسبة صدور كتابه “التدوير الدرامي”. أدار الجلسة الكاتب جاسم العايف موضحاً أن الناقد المسرحي “حميد مجيد مال الله” ، منذ السبعينيات يواصل الكتابة في العروض المسرحية العراقية ، ويقدم رؤى نقدية تطبيقية لها. ولازال يكتب عن العروض المسرحية التي تقدم في البصرة . وهو عضو رابطة نقاد المسرح العراقيين، وعضو جماعة “كتابات مسرحية” التي تشكلت في البصرة في مرحلة السبعينيات من الكاتب والناقد المسرحي بنيان صالح والناقد ياسين النصير والكاتب المسرحي عبد الصاحب إبراهيم، والذي هُجَر خارج العراق بحجة التبعية، والمسرحي عزيز الساعدي ود. كاظم عيدان لازم ، والمرحوم جبار صبري العطية. و صدر له وضمن منشورات “اتحاد أدباء وكتاب البصرة” كتابه البحثي “التدوير الدرامي” تناول خلاله معنى التدوير المسرحي والذي هو من المقترحات الحديثة في الفن المسرحي و يعتبر أكثر الفنون تداولية للـ”تدوير” الذي يعني إعادة إنتاج مادة بحيث تحوي جدلية تفاوضية مع ذاكرة المتلقي وتتحرك باتجاه البحث عن مراجع استقيت منها تلك المادة و التي تقود إلى وهم مفاده إن ما يقدم مادة جديدة أو مستحدثة قد تُفاجئ المتلقي . ورصد في كتابه مسألة “التدوير” في مسرح الطفل تحديداً، وبحث في علاماته واشتغالاته من العنوان إلى التلقي ، وكيفية تجسدهما في فضائي النص والإخراج. وقدم الناقد بنيان صالح قراءة استعراضية للكتاب تحدث فيها عن أهمية العنوان الذي حمله وما الذي يشكله ويبعث عليه مفهوم التدوير خاصة في شؤون ونصوص وتقنيات مسرح الطفل تحديداً وان الناقد قد قدم رؤى مغايرة لما هو سائد عن هذا الموضوع ، وبحث في آليات وتقنيات وخطاب اشتغال مسرح الطفل من خلال العنوان وفضاء النص و اللعب والاستعارة والتشبيهية والمسرح البيئي/من البيئة التي يعيشها ويتعايش فيها ومعها الطفل/ وآلية تلقي الطفل ، والقناع المستخدم لتوصيل الخطاب والعرض المسرحي له ، وخطاب اللون والدراما الموسيغنائية وهل يعتمد مسرح الطفل الانفتاح أم الانغلاق؟ وأضاف الناقد بنيان صالح: لقد اجتهد الكاتب في كتابه باستخدام مسالة (التدوير) والتي قد يفهم منها القارئ انه لا جديد في أي شيء ينتج في المسرح وهو ما تفصح عنه مقولة (التدوير)، واقتبس الكثير من أراء العاملين في الفكر والمسرح واستنبط الكثير منها وكان مخلصا لموضوعه لكنه اعتمد في كتاباته على بعض العلامات المسرحية الحديثة ، وهي جزء من اجتهادات المسرح الحداثوي الأوربي تحديداً. وضَمن خطابه النقدي عن العروض المسرحية للطفل اقتباسات لكتاب وباحثين متخصصين أوربيين لا شأن لمسرح طفل العراق بأطروحاتهم وتطبيقاتها في اشتغالاتهم. ورأى الناقد بنيان أن ثمة تفريغ للمسرح العالمي من توجهاته الاجتماعية الإنسانية كونها تنطلق من آليات الخطاب الذي يعبر عما وصلته مجتمعاتهم وانعكاسات الحركة المسرحية في بلدانهم على ذلك. وتمنى الناقد بنيان صالح على المؤلف لو عمد إلى تضمين كتابه بعض النصوص المسرحية العراقية المكتوبة للأطفال حتى يتم الاحتكام لها في تنظيراته واستنتاجاته حولها وحول مسرح الطفل بالعراق. وتحدث الناقد المسرحي عزيز الساعدي عن حدوث تحول في الخطاب النقدي المسرحي للناقد ” مال الله” الراهن منتقلاً من خطاب البحث الواقعي الاجتماعي في العرض المسرحي إلى الكتابة الجمالية المجردة ، وعزا ذلك بتـأثير اطلاعه المتواصل على الكتابات النقدية الأجنبية النظرية دون التطبيقية ، مع تأثره بأطروحات د. صلاح القصب وبياناته عن مسرح الصورة وطرائقه الإخراجية لبعض الأعمال المسرحية الكلاسيكية. وقال الساعدي هذه المصطلحات تأسست في بيئات اجتماعية متحضرة تختلف عن بيئتنا التي تعاني من الأمية بشكل كبير ، وقد ساهمت بعض ترجمات المصطلحات الغربية والمشوشة بتقديم مفاهيم مضللة ومنحرفة عن المفاهيم الحديثة للمسرح وتم اعتمادها لدينا دون تمحيص. كما تحدث د. عباس الجميلي رئيس قسم الفنون المسرحية في كلية الفنون عن جهود الناقد في متابعات أعمال طلبة الكلية واهتمامه بها وكتابته عنها . وساهم في الحديث عن نشاطات الناقد المسرحية بعض الحاضرين مجمعين على دأبه المتواصل في متابعة الشأن المسرحي في المدينة . وأوضح المحتفى به احترامه لكل الرؤى المغايرة لما جاء في كتابه، مؤكدا أنه يجل الملاحظات التي استمع أليها ويعتبرها شهادة اعتزاز بكتابه مع اختلافها معه في المنهج وطرائق التناول وآليات التلقي المسرحي. وذكر انه بدأ بالعرض النقدي الصحفي وعده من تفرعات نص النقد ، و كان لا بد له من إرسائه على أرضية ما، وإن إهمال فضاءات المسرح وجماليات تلقي العرض المسرحي، ربما تقود إلى مفارقة شاسعة بين ما أراه على مسارحنا، وبين خزين متراكم في الذاكرة يتعلق بطرائق تمثيل مسرحي عالمي راقي، اطمح لوصول المسرح العراق إلى بعضه.