انتخبهم لانهم من هذه الارض السبخة ولانهم ولد الملحة, انتخبهم لانهم يعشقون القرآن بصوت عبد الباسط ويدندنون بانتعاش مع فيروز في غبش الصبح (بآخر ايام الشتوية ) ويبكون مع حمزة الرميثي في( يحسين بضمايرنه),انتخبهم لانهم يشترون مهور زوجاتهم من الصاغة الصبّة و يولّدون نسائهم في مستشفى الراهبات ويشعلون الشموع النذور في كنيسة مريم العذراء ويقصدون باب الحوايج ابو الجوادين عند كل مفزع, انتخبهم لانهم يرتبكون حين تجلس بجانبهم حسناء ويخلون في (باص المصلحة) مكانهم للعجائز والامهات, انتخبهم لانهم ينظرون الى الاشياء بدهشة من يراها لاول مرّة, انتخبهم لانهم يسمعون سورة يوسف في الفواتح ويتعاطفون معه لمحنته حين تراوده امراة العزيزعن نفسها رغم ان العزيز يراودهم عن نفسه خارج سرادق العزاء لخمس وثلاثين عاما!!, انتخبهم لانهم يعشقون شعر الغزل ويخربشون على الورق بقصائد الحب ويحفظون الدارمي والابوذية ,انتخبهم لانهم ياتون من البصرة والديوانية والنجف والانبار وبلد والسماوة وواسط والعمارة واربيل ليشاركوا في مظاهرة سيّارة يعيدوا فيها اهالي حي العدل و الجامعة الى مساكنهم بعد ان هجرهم منظّروا الطائفية, انتخبهم لانهم يعرفون سر عشق الشعوب لعلي عليه السلام وعشق العراقيين للزعيم عبد الكريم قاسم,انتخبهم لانهم كرماء بنفوسهم واموالهم(ان كانت لهم اموال)وبخلاء (الا على شعبهم) بالمال العام , انتخبهم لانهم خلعوا نعال الطائفية والشمولية واقبلوا على محراب الامة العراقية حيث دفء العراق كقرمشة خبز التنّور, انتخبهم لانهم وبرغم انهم اطباء ومهندسون ومحامون ومعلمون واساتذة جامعة وطلبة وعلماء وموظفون, لكنهم امّيون في حسابات البنوك وسعر تصريف الدولار وسعر الكلاشنكوف والرمانة اليدوية في السوق السوداء,انتخبهم لان كل مرشح فيهم لديه بطاقة تموينية وبطاقة سكن وجنسية وشهادة جنسية بليت اغلفتها من القدم لانها تعود الى اكثر من سبعة آلاف سنة,انتخبهم لانهم لايريدون فقط انصاف الفقراء والضحايا,لكنهم يريدون ان يبنوا وطنا بلافقراء ولا ضحايا, انتخبهم لانهم يريدون ان يغسلوا شوارع الوطن من الدماء التي اسالها غاسلوا الادمغة ,انتخبهم لانني كافر بكل من لايرفع شعار (العراق اولا وبعده الطوفان), انتخبهم لانني مؤمن ,والمؤمن لايلدغ من جحر مرتين, انتخبهم لانني اريد ان ارى المعلّم يدرّس اولادي افكارا نظيفة تليق بأمّة علّمت العالم الكتابة, ,انتخبهم لانني اريد ان انام مطمئن البال على زوجتي و اولادي ووطني وحتما سنكون اكثر امانا حين يكون حارسنا قد نفض للتو يداه من تراب دفن ولديه بعد ان همس في اذنيهما (اولادي العراق يستاهل)………
——————————————
* رئيس تحرير صحيفة الامة العراقية
——————————————
* رئيس تحرير صحيفة الامة العراقية