يمثل الفنان د. حسين علي هارف واحدا ممن واكبوا المسرح العراقي طيلة عقدين من الزمن المنصرم، ممثلا ومخرجا وناقدا واستاذا جامعيا عشق المسرح منذ صباه والتصق به بعد ان تخرج من كلية الفنون الجميلة اواسط الثمانينيات ولحد الآن. هذه الفترة مر بها المسرح العراقي بالكثير من الاشكالات والتداعيات وبرزت تسميات صنفت المسرح الى جاد وتجاري والى من يمثل الخطاب السلطوي والمؤسساتي والخطاب المغاير المشاكس الذي يمثل الصوت. الحقيقي لضمير المواطن. “الاتحاد” التقت بالفنان حسين علي هارف ليحدثنا عن تلك الحقبة وما تحمل في طياتها من شجون وحقائق وعن المسرح العراقي الراهن:
*كيف ترى المسرح العراقي في تلك الفترة..؟
ـــ المسرح العراقي وطوال السنوات الماضية ورغم وقوعه في الاسر طوال الفترة المنصرمة. كان مسرحا مناضلا ورصينا وصاحب موقف مبدئي واخلاقي لم يفتقد الى الكلمة الشجاعة والطروحات الذكية و الاشارات البليغة.
*ماذا تقصد بذلك بالضبط؟
ـــ اقصد رغم كل القيود واساليب القمع والوصاية المفروضة على ميادين الثقافة العراقية بمختلف تخصصاتها كان المسرح العراقي (مشاكسا) للنظام السابق وكان المسرحيون الجادون الذين كانت عروضهم تقول كلمتها الشجاعة في التحريض وفي رفض منطق الحرب وادانتها وكشف ماساتها الانسانية والدليل كنا لجنة نقدية لمهرجان المسرح العراقي عام (2000) قدمت مسرحيات متنوعة وفيها من المشاكسة الشيء الكبير وكانت اللجنة متكونة من د. عقيل مهدي وصلاح القصب وعباس لطيف ورياض موسى سكران، هؤلاء لهم قراءاتهم النقدية في المسرح فيعرفون ماذا يجري على خشبة المسرح. من المسرحيات (العقد) للراحل عزيز عبدالصحاب و(بريد جوي) ليوسف الصائغ و(الكاروك) لفرقة البصرة و(بقايا حزن ثقيل) للمخرج عدنان منشد واخريات.
*هذا يعني ان المسرح العراقي كان منبرا سريا لرفض الفساد الذي تحتويه السلطات السابقة؟
ـــ ان معظم عروض مسرح الرشيد (التابع لدائرة السينما والمسرح) وهي مؤسسة حكومية حينذاك وعروض منتدى المسرح كانت تقول خطابها الشجاع والصريح رغم التلميح والاستعانة بالرمز والمعالجات (الاسقاطية) وان جمهور المسرح كان ذكيا في تسلم (الرسائل) المبثوثة في هذه العروض ومن هنا الجمهور (الشعبي) الذي كان يرتاد المسارح الكوميدية كان شجاعا وذكيا ومتفاعلا وكان عنصرا مهما في عملية التلقي بالغة الحساسية والدقة.
*كيف ترى المسرحيات حاليا.. وبعين ناقد؟
ـــ معظمها تتمتع بالبطولة والتواصل مع الفن.. رغم الكثير من العيوب النقدية وهذا نتيجة الوضع الراهن .. فشجاعة المخرج والممثل بالتواصل والذهاب الى التمرين هي قوة استثنائية والذي يحصل في دائرة السينما والمسرح بطولات حقيقية.. رغم التهديدات والوعيد وغيرها من الامور لكن حققت الدائرة منجزات ابداعية كبيرة منذ عام (2003) اي مرحلة ما بعد سقوط النظام.. فكان اول مهرجان مسرحي خاص بالطفولة اقامه الفنان عباس الخفاجي استدعى المسرحيين وقدم مسرحية الحفرة نالت استحسان الكل وقد حضر المهرجان اعداد كبيرة من الاطفال وساهموا فعليا في المهرجان وتلتها اخريات وكان اخرها مهرجان مسرح الطفل الثالث ومؤتمر خاص بتفعيل مسرح الطفل.
*ماذا قدمت في تلك المهرجانات؟
ـــ مسرحية (عالم فيتامينات) في مهرجان مسرح الطفل الثاني ونالت افضل عرض مسرحي ومسرحية (الذئب المزيف) في مهرجان مسرح الطفل الثالث اضافة الى تقديمي دراسة موسعة في كيفية التفاعل مع الطفل والوصول اليه من اجله.
*ماذا عن دورك الاخير في مسرحية (جمهورية الجواهري)؟
ـــ هذه المسرحية تختلف عن كل ما قدم سابقا كونها مسرحية متعالية في لغتها التاريخية فمؤلفها عملاق وهو الدكتور عقيل مهدي علي عميد كلية الفنون الجميلة حاليا، رأي هذا الشخص ان المسرحيات يجب ان ترتقي سلمين سلم الابداع المهني والسلم الاكاديمي فكان لهذه المسرحية أبطال فنانون يجمعون الصفتين، الفنية والاكاديمية وهم ، رياض شهيد ود.ريكاردوس يوسف د. جبار خماط.. ود. طارق حسون فريد المختص في الموسيقى.. وهكذا اصبحت مسرحية (جمهورية الجواهري انموذجا) للمسرحيات الحالية.
*اذن هذه المسرحيات كلها بعيدة عن مقص الرقيب الذي كان؟
ــ كلا المسرحيات تخضع إلى لجنة مشاهدة متكونة من خيرة الفنانين العراقيين تنظمها اداريا دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة، وكل المسرحيات التي تعرض تمر اولا الى لجنة قراءة النصوص وبعدها لجنة المشاهدة وتحديد يوم العرض وهذا عمل دائرة السينما والمسرح، فهم حريصون على ان تكون المسرحيات بالمستوى الذي يليق بالمسرح العراقي..
*ماذا كان يمثل لك مقص الرقيب المسرحي سابقا؟
ـــ مقص الرقيب وعيونه ورغم سلطة الرقابة من (زملائنا وبعض اساتذتنا كانت تمر نصوص وعروض تمثل في جوهرها اختراقا للخطوط المرسومة وتقاطعا مع توجهات النظام السابق وافكاره. كذلك ان الكثير من العروض ومعالجاتها سلبت الحروب شرعيتها التي كان النظام يحاول اسباغها عليه وان الكثير من هذه العروض تستحق منا ان نطلق عليها تسمية (عروض مناضلة) سواء تلك التي تمكنت بوسائل مختلفة من ان ترى النور والجمهور وان تتخطى المصاعب والشرور.
*ماذا حققت دوليا وعربيا.؟
ـــ الكثير من الجوائز والشهادات لكن الذي اعتز به الدرع الذي حصلت عليه في مهرجان الفجيرة (درع الفجيرة الدولي)..
*ما جديدك على الساحة الفنية؟
ـــ هناك دراسة قدمتها الى دائرة السينما والمسرح من اجل تنظيم مهرجان الموندراما العراقي، وقد تمت الموافقة عليه، وستشترك في المهرجان دول عربية وعالمية لها حضورها المسرحي، ومن المؤمل اقامته نهاية هذه السنة على قاعة المسرح الوطني التابع لدائرة السينما والمسرح.
تحياتي … اتمنى لكم مزيد من التقدم هل بالامكان ارسال إيميل او رقم السيد حسين هارف … أودّ التواصل معه حول رساله الماجستير التي حصل عليها والتي تتعلق بالمسرح الموندراما
بالامكان التواصل مع الزميل الدكتور حسين علي هارف عبر صفحته بالفيسبوك