اسمه الكامل “جمال حسين عبدالناصر سلطان عليعبدالنبي”، ولد عام 1918م في حي فلمنج بمحافظة الإسكندرية لعائلة صعيدية، انتقل والده من قرية بني مر بمحافظة أسيوط ليعمل وكيلاً لمكتب بريد باكوس بالإسكندرية، وهناك تزوج من السيدة “فهيمة” ابنة تاجر فحم بالمدينة. الضابط الشاب جمال عبدالناصر تزوج تحية محمد كاظم (1920 – 25 آذار 1992م)، عام 1944 والدها من رعايا إيران. تعرف عليها في الإسكندرية. كان جمال عبدالناصر صديق والدها تاجر السجاد ميسور الحال. شقيقها “عبدالحميد كاظم” التمس مباركة رئيس الجالية الإيرانية بالقاهرة كشرط لزواجها بضابط.. عاش معها حياة سعيدة قبل وبتوليه حكم مصر. أنجب منها: منى، هدى، خالد، عبدالحكيم، عبدالحميد. توفيت ودفنت جوار زوجها الزعيم حسب وصيتها.
«عبداللطيف البغدادي» في مذاكراته: «في يوم 15 مايو 1967، تحدثت الصحف عن امر هام، لتطالعنا بأن قواتنا المسلحة تحركت الى سيناء وهذا التحرك لمساندة سوريا ضد التهديدات الاسرائيلية التي تقوم بحشد قواتنا العسكرية على الحدود المشتركة مع سوريا، فوضعت مصر اتفاقية الدفاع المشترك موضع التنفيذ، ان قامت اسرائيل بأي عدوان على سوريا واعلن في يوم 4 يونيوـ انضمام العراق الى هذه الاتفاقية». في يوم 18 مايو طلبت مصر من اوثانت سكرتير عام منظمة الامم المتحدة سحب قوات الطوارئ الدولية على الحدود بين مصر واسرائيل. وفي 21 مايو 967، اعلن يوثانت موافقته على سحب قوات الطوارئ الدولية من الحدود المصرية الاسرائيلية. يقول البغدادي: ان عبدالناصر يهدف من هذا التحرك ارسال قوات مصرية لاحتلال منطقة شرم الشيخ بعد انسحاب قوات الأمم المتحدة منها، وتهديد ملاحة اسرائيل في مضيق تيران دون الدخول في معركة حربية، وربما في اعتقاده هذا هو الاكتفاء بتأزيم الموقف، وان القضية في الغالب ستحال الى منظمة الأمم المتحدة ولن تصل الى درجة الحرب. ان جمال فيما يبدو مستعداً لخوض معركة عسكرية مصيرية ضد اسرائيل. وتحضرني في بعض الشواهد العجلى من تساؤلات، تلمظ بها بعض الشخوص من الذين شهدوا الهزيمة منها: هل تسبق مصر الاحداث وتوجه ضربة مفاجئة لأسرائيل؟. قال عبدالناصر في خطابه يوم 23 يوليو 1967. ان علينا الا نبدأ بالهجوم ونتلقى الضربة الاولى التي ستوجه الى قوتنا الجوية، وعدم المبادأة بالعدوان، استجابة لنداء امريكا وروسيا واشار عبدالناصر في اجتماعه بالقادة العسكريين الكبار بمبنى القيادة العامة للقوات المسلحة، يوم 2 حزيران 1967، انه لابد لنا ان نتوقع ضربة من العدو خلال 48 ساعة الى 72 ساعة لا تتأخر عنها ابداً. ويقول هيكل في مقاله (بصراحة) في جريدة الاهرام المصرية: ان المواجهة المسلحة مع اسرائيل اصبحت واقعة لا محالة، ولكننا سننتظر الضربة الاولى ونرد عليها بضربة ردع حاسمة. عبدالناصر على علم بقرب الهجوم وتحديداً يوم الاثنين 5 حزيران 1967م عن طريق مندوب المخابرات المصرية (رأفت الهجان) ووصول معلومات أخرى عن طريق الكولونيل الفرنسي في اعطاء تفاصيل الهجوم على مصر وساعته وتاريخه للمفوض المصري بباريس (عزالدين شرف) الذي سافر للقاهرة لابلاغ شقيقه (سامي شرف) مدير مكتب الرئيس، الذي قام بدوره بأبلاغ عبدالناصر بذلك في نفس اليوم، اضافة الى ما جاء على لسان الفريق الاول محمد احمد صادق مدير المخابرات الحربية المصرية في احد الاجتماعات العسكرية التي عقدت برئاسة عبدالناصر يوم 23 يونيو 1967، واعلن فيه ان معلومات حصل عليها شخصياً من مصادر دولية، كالهند، تؤكد هجوم اسرائيلي يوم 4 او 5 يونيو (حزيران). ووقعت الضربة، دون ان يكون هناك ادنى استعداد من جهة مصر، فالأمر في منتهى الغرابة، وفي غاية الدهشة، وهناك ما يلاحظه ممن يشككون بنزاهة عبدالناصر في امره بتخفيض حمولات الطائرات، والسماح في منح اجازات للطيارين، وعدم التعرض الاسرائيلي المهاجم بالصواريخ، او المدفعية المضادات للطائرات وهي جاثمة على ارض المطارات، دون ملاجئ، وأحس عبدالناصر بالمرارة، والذهول عندما كان يقرأ كشفاً وصله يتضمن خسائر الجيش المصري، وعندها على حد تعبير هيكل أحس بهول الكارثة، ويتساءل مع نفسه مالي والراحة بعد ان تغضنت ملامحه كأرض محروثة بالآسى والألم خلال أيام؟. واتصل بوزير الخارجية (محمود رياض) ابلاغ موافقة مصر على وقف اطلاق النار ولم يبق في قدرته وروحه الرغبة في البقاء وتبنى فكرة الاستقالة او التنحي عن اي مسؤولية بعد ان شعر مبكراً بأنه المسؤول عن ما حصل، وتحميل الذات جريرة الهزيمة او النكسة التي اطلق عليها لاحقاً، ونفث مافي اعماقه من حزن كظيم، وهم بروح مسكونة بالخيبة والخسران تداعب عقله الانصات الى فكرة التنحي عن المسؤولية بايمان مطلق، تاركاً الى من يتحمل المسؤولية من بعده (زكريا محي الدين) في انتباه الى انه كان ينكأ جرحاً مؤلماً، لازال ينزف دماً فأتصل عبدالناصر بمحمد حسنين هيكل الذي اصبح صديقه واثيره كل مساء ليقول، بدأ صوته لاول وهلة على التلفون مثقلاً بهموم الدنيا كلها، وقد سألني ما الذي اقترح عليه، فقلت له: لم يبق امامك غير الاستقالة الذي جاء مطابقاً لما فكر فيه تماماً وطلب ناصر من هيكل ان يكتب له خطاب الاستقالة، كجهد اخير في معاونته، واتفقا على اللقاء الساعة الثامنة من صباح يوم التاسع من حزيران، ظل هيكل يكتب مسودات الخطاب طيلة الليل ارهقتني سطوره اكثر من اي شيء اخر كتبته من قبل هذا ما قاله الراحل هيكل واستطرد: فاستدرت خارجاً من غرفة مكتبه متجهاً الى مكتب (سامي شرف) مدير مكتب عبدالناصر في بيت مقابل بيت الرئيس فأصابته حالة من الهستيريا عندما قرأ عبارة التنحي تماماً ونهائياً عن اي منصب رسمي واي دور سياسي نفس الحالة اصابت موظف الالة الكاتبة، الذي اجهش بالبكاء. ان الاثر الشعبي الذي سيسببه الخطاب، سيكون اقوى بكثير من هستيريا سامي شرف، وبكاء موظف الألة الكاتبة. حسن التهامي في اب عام 1979 قائلاً بجريدة الاهرام ما يؤكد الاعتقاد بأن الهزيمة التي لحقت بمصر عام 1967، لم يكن بخطأ عبدالحكيم عامر، او جمال عبدالناصر، بل الامر يحمل وراءه شيئاً غير الخطأ.
—