اربعة و خمسون عاما مرت و انا احلم باليوم الابيض . الا ان الغبار في بغداد يزداد بمرور الزمن فيغبر كل الاجواء و يهبط ليستقر على اوراق التين و يغلف الخضرة فيحولها الى سموم ، منذ ان اوقفت في سنة ستة وخمسون في بناية الامن الاعامة في شارع النهر كان عمري حينها ستة عشر عاما ، و نحن نحلم بيوم نقف بطولنا بدون خوف و نقول كلاما بدون خوف و ننام مطمئنين بدون خوف . من يسرق هذه الاحلام ؟ قالوا لنا في السابق انه الاستعمار و الرأسمالية و الامبريالية و و و و اليوم نعرف ان اكثرهم من ابناء جلدتنا . هل دربهم و جهزهم الاستعمار لكي يحلوا محله ؟ هل دمرت الرأسمالية وابنها البار الاستعمار دمرت العراق اكثر من ما دمره صدام ؟ ويعودون اليوم يقولون لنا قفوا مع العرب في صف عروبي واحد لكنهم لا يقولوا لنا اين هذا الصف لانهم انفسهم قد فقدوا الطريق اليه و اصبح هذا الصف كالحلم الذي تحول الى سراب في الصحراء العربية المترامية الاطراف ويتباعد هذا الحلم – كالسراب كلما اقترب الانسان المتعب منه . كلف تهديم العراق من قبل القوات ( الصديقة ) مئات من مليارات الدولارات و سيكلف اكثر لاعادة بنائه و يقف الشعب العراقي صامت يتفرج و يتسائل عن حقيقة ماذا يعملون هنا في العراق بدون اذن و لا حتي اشعار منا . يقولون لقد جئنا لتحريركم و نقول كيف و متى و يتسائل الناس عن ماذا يحدث حقيقة، كما تسائل الدكتور كنعان مكية يوم كتب ( خانوا احلامنا ) ( Our hopes betrayed ) وذلك في مقالة يوم الاحد ١٦ شباط ٢٠٠٣ في جريدة الاوفزرفر ، اي قبل بدء الحرب بايام . ( The United States is on the verge of committing itself to a post-Saddam plan for a military government in Baghdad with Americans appointed to head Iraqi ministries, and American soldiers to patrol the streets of Iraqi cities. The plan, as dictated to the Iraqi opposition in Ankara last week by a United States-led delegation, further envisages the appointment by the US of an unknown number of Iraqi quislings palatable to the Arab countries of the Gulf and Saudi Arabia as a council of advisers to this military government. The plan reverses a decade-long moral and financial commitment by the US to the Iraqi opposition, and is guaranteed to turn that opposition from the close ally it has always been during the 1990s into an opponent of the United States on the streets of Baghdad the day after liberation. ) و يزيد المقال ب ( the plan is the brainchild of the would-be coup-makers of the CIA and their allies in the Department of State, who now wish to achieve through direct American control over the people of Iraq what they so dismally failed to achieve on the ground since 1991. الرابط http://www.mail-archive.com/sam11@erols.com/msg00056.html و يبقى السوال يلح اليوم اكثر من اي يوم مضى . من خان امالنا. في اخر لقاء مع المعارضة العراقية في انقرة قبل بدء عمليات الاحتلال ، املى الوفد الامريكي ( اعضاء من ( CIA) على العراقيين بطريقة مفاجئة شروط جديدة و غيروا من محتوى التحرير فحولوه الى احتلال . اي حولوا مشروع تحرير العراق الى احتلاله وخالفوا بذلك كل اللتزاماتهم المالية و المعنوية و التفاهم بين لمعارضة و الامريكان خلال التسعينات ، حولوا العراقيين في المعارضة من حليف ينظر للمستقبل الي معارضة تجوب شوارع بغداد . وذلك من اجل ارضاء و طمئنة بعض القادة العرب الذين لا يفقهون محتوى الديمقراطية و لا يستسغونها ابدا. و اليوم و من نفس المنطلق مولوا السيد علاوي ليس لخير اهل العراق بل مولوه بمليارات الدولارات العربية في حملة انتخابية هي اقرب الى الانقلاب الابيض بدون سلاح لقلب نظام الحكم في العراق عن طريق انتخابات، صحيح انهم لم يتمكنوا من انجاح علاوي و جماعته بصورة كاملة ليتسنم زمام الحكم في العراق وليتبعه بانقلاب لا اخلاقي و بعده تتوسع دكتاتورية جديدة من نوع اذكى من صدام و مدربة تدريب جيدا .وجاؤ بالسيدة رند الرحيم خصيصا الى بغداد لنجدة علاوي و قائمته في الحملة الانتخابية و اخروجها على انها العلامانية ضد التعصب الديني ، اتت السيده رند و هي لم تسكن لاكثر من اسابيع في العراق بعد التغيير . و يتنقل علاوي بالعلن بين السعودية و سورية و تركيا ومصر و يقابل الملوك و رؤساء مخابراتهم بالعلن ايضا وبطائرة خاصة يتحمل اجورها غير العراقيين . لماذا لا تقبل القيادة الامريكية صداقة الشعب العراقي الا ان تشترط عليه ان يطيع السادة العرب ؟ انهم نفس السادة العرب الذين مولو صدام في حربة مع ايران و حاربهم هو في احتلاله للكويت و من بلدانهم خرجت القاعدة . لماذا تريد القيادة الامريكية تثبيت مشروع جديد في العراق لكنها لا تعتمد على الشعب العراقي بل تعتمد على ملوك و روساء مهزوزين بين شعوبهم . لماذا يسمح القادة الامريكان بان يتدخل كل الجيران في امور العراق و تعاند و تشتكي من تدخل ايران في نفس الوقت . على الساسة و القادة الامريكان ان يتعلموا امر واحد فقط . ان الشعب العراقي ليس عدو لهم و انه انما يطلب صداقتهم ، و لكن لا يطلب الصداقة التي يشترطها عليه جيرانه المفزوعين من التطور الديمقراطي في العراق . هذا اذا كانت امريكا حقا ترغب في مساعدة العراق في تأسيس الحياة الديمقراطية في العراق و في بلدان الشرق الاوسط . اما اذا كان الامر غير ذلك فانها تحفر الخنادق لحروب فيتنامية كثيرة جديدة لا تنتهي في افغانستان او تبداء في العراق . و على امريكان ان تفهم ان التطرف الديني و الظلام الاسلامي و امراء القاعدة ليسو من العراق بل من اصدقائهم في الصحراء ، و عليهم ان يفهموا ان التطرف الديني ليس من المذهب الشيعي او السني العام او من العراقيين ، بل من الوهابية و منبعها المملكة العربية السعودية . و لنعود لنسال السيد علاوي اولا ، ليس لك بلد اهم و اجمل و اكبر غير العراق ، وكنت انت اول رئيس وزراء له بعد التغيير ويمكنك ان تعود و تقوده من جديد ، و لكن باصاوت العراقيين كلهم و ليس باصوات البعثين ولا باموال السعودية و لا بمساعدة امراء مخابراتها . تعال و عمر بيتك في بغداد لتسكنه و تعيش فيه . لا لتحوك منه مؤامراتك ، واعلم ، لقد باع الامريكان قبلك كثير من القادة . عبد الصاحب الناصر – مهندس معماري / لندن