من يقف في – المغيسل – قبل دفن ضحايا الانفجارات ؟
يقلقني هذا السوال بعد كل انفجار في بلدي و مشاهدة الاشلاء و الدماء وبكاء الايتام و الرهبة في عيون الامهات و الزوجات . و لا يتزحزح عن ذهني و يستوطن هناك كشاهد ازلي مع كل صور البؤس في هذا العالم .
يتكلم الكل و خصوصا بعد كل تفجير عن اسفه لما قد حصل و عن حقده على مسببي الارهاب و من يقتل الناس بهذه البشاعة وتقراء صورة الفاتحه و تستعمل كل مفردات القاموس العربي المأساوية للتعبير عن الحدث الجلل لمأساويته. و لا يتكلم احد او يٌكّتب بعدها عن ماذا سيصنع اهل الضحايا بعد ايقاف البث المباشر و ايقاف اجهزت الصوت و التصوير من موقع الحدث . يٌتّرَكٌ ( اهل الضحايا ) لوحدهم في خانة النسيان و شياء فشياء تسدل الستائر عليهم الا بعض ذكرهم في وقت ما عندما تتطلب الحاجة لتضخيم و تسمين مقالات السياسيين . لقد ادى الضحايا ما عليهم من واجب فماتوا كمادة دسمة للسياسين و الكتاب وتنشر في حينها في كل الصحف و الجرائد و قنواة التلفزة . لكننا لا نرى من سيسير وراء تلك الجنازات و من سيسهر الليل قرب صندوق الخشب الملقى على الارض ولا يٌكّتب عن طفل سيقف عند المغيسل مع بعض من جسم ابيه . لان الاحداث من هذه الانواع اصبحت وفيرة فليختار من يشاء ان يستفاد منها كمادة اعلامية او يتقول بها من يحتاج من السياسين عندما يلبسون اثواب الوطنية امام الكامرات .
الا ايتام الضحايا فحزنهم اعمق من كل بحار الارض . يختلط غبار تراب العراق فيرسم مع دموع اطفال الضحايا لوحة الاسى الطينية لكنه لن يخفي نظرة الخوف الرهيب عن وجوههم ، لانهم وحدهم من يقف ليبصروا ماذا صنع الارهاب باشلاء ابائهم ويشهد عليها معهم ( المغيسلجي ) حين يجمع الاشلاء المقطوعة من اجسام ابائهم الملتسقة مع الدم بقماش لفلفهم من ارض الحدث فيضعها ليجمعها مع الجسد الاسود المحروق من بارود السي فور على تراتيل و عبرات و بكاء الامهات في ركن مترب خلف جدار المغيسل . و تنتهي التمثيلية بكل فصولها و يتقاسم السياسيون كممثلين بارعين اتعابهم عن اسفهم الكاذب لهذا المشهد و سيستفادون من هذه الخبرة في مشاهد اخرى .
لن اكتب اكثر عن هذه الخواطر كي لا تتحول المأساة الى فصول كوميدية . و لا اتمكن من الكتابة اكثر من هذا لانها الكلمات التي ابدا ترفض الا ان تغوص في الاعماق و انا عند السبعين لا اقوى عليها .
————————
كتب سامؤيل بيكت
يقلقني هذا السوال بعد كل انفجار في بلدي و مشاهدة الاشلاء و الدماء وبكاء الايتام و الرهبة في عيون الامهات و الزوجات . و لا يتزحزح عن ذهني و يستوطن هناك كشاهد ازلي مع كل صور البؤس في هذا العالم .
يتكلم الكل و خصوصا بعد كل تفجير عن اسفه لما قد حصل و عن حقده على مسببي الارهاب و من يقتل الناس بهذه البشاعة وتقراء صورة الفاتحه و تستعمل كل مفردات القاموس العربي المأساوية للتعبير عن الحدث الجلل لمأساويته. و لا يتكلم احد او يٌكّتب بعدها عن ماذا سيصنع اهل الضحايا بعد ايقاف البث المباشر و ايقاف اجهزت الصوت و التصوير من موقع الحدث . يٌتّرَكٌ ( اهل الضحايا ) لوحدهم في خانة النسيان و شياء فشياء تسدل الستائر عليهم الا بعض ذكرهم في وقت ما عندما تتطلب الحاجة لتضخيم و تسمين مقالات السياسيين . لقد ادى الضحايا ما عليهم من واجب فماتوا كمادة دسمة للسياسين و الكتاب وتنشر في حينها في كل الصحف و الجرائد و قنواة التلفزة . لكننا لا نرى من سيسير وراء تلك الجنازات و من سيسهر الليل قرب صندوق الخشب الملقى على الارض ولا يٌكّتب عن طفل سيقف عند المغيسل مع بعض من جسم ابيه . لان الاحداث من هذه الانواع اصبحت وفيرة فليختار من يشاء ان يستفاد منها كمادة اعلامية او يتقول بها من يحتاج من السياسين عندما يلبسون اثواب الوطنية امام الكامرات .
الا ايتام الضحايا فحزنهم اعمق من كل بحار الارض . يختلط غبار تراب العراق فيرسم مع دموع اطفال الضحايا لوحة الاسى الطينية لكنه لن يخفي نظرة الخوف الرهيب عن وجوههم ، لانهم وحدهم من يقف ليبصروا ماذا صنع الارهاب باشلاء ابائهم ويشهد عليها معهم ( المغيسلجي ) حين يجمع الاشلاء المقطوعة من اجسام ابائهم الملتسقة مع الدم بقماش لفلفهم من ارض الحدث فيضعها ليجمعها مع الجسد الاسود المحروق من بارود السي فور على تراتيل و عبرات و بكاء الامهات في ركن مترب خلف جدار المغيسل . و تنتهي التمثيلية بكل فصولها و يتقاسم السياسيون كممثلين بارعين اتعابهم عن اسفهم الكاذب لهذا المشهد و سيستفادون من هذه الخبرة في مشاهد اخرى .
لن اكتب اكثر عن هذه الخواطر كي لا تتحول المأساة الى فصول كوميدية . و لا اتمكن من الكتابة اكثر من هذا لانها الكلمات التي ابدا ترفض الا ان تغوص في الاعماق و انا عند السبعين لا اقوى عليها .
————————
كتب سامؤيل بيكت
The tears of the world are a constant quality. For each one who begins to weep, somewhere else another stops. The same is true of the laugh.