كلماتها كالفراشات تحلق في أزهى الحدائق تداعب الزهور العطرة وهي تتنقل بأخف من النسمة بين الزهور المفعمة بعطر التوهان , تنثر رحيقها على المتنفسين الباحثين عن الأجواء العطرة لتهدئة أعصابهم المشتتة من غثيان الدنيا وآلامها المستمرة . الهام الزبيدي ,الملاك الأبيض هي الفراشة والحلم البادي بلا نهاية , نجد في حديقتها مولدوها النثري ( همسات شجرة الجوز ) التي تهمس وتصغي لها في آن واحد لان الاثنان نفس الشجرة الأب والابنة . الأب الذي وهب ابنته الحياة بعد الوفاة , والابنة التي بقت تبحث عن خلود والدها لتعيد ملحمة كلكامش وانكيدو في أبيات إصدارها ( همسات شجرة الجوز ) حيث يجد المتلقي عذوبة القراءة في أحلام وردية مفعمة بالأنوثة الحنينة أكثر من قرينها الرجل وهي تسرد ذكرياتها وحنينها لوالدها الراحل من حديقتها في الأرض الى حدائق السماء , لتبوح ما في داخلها من حب متبادل و وعذوبة الوفاء , هذا ما تقوله وتسهب فيه في صمتا في داخلها لأنها لم تتحدث شعرا بل رسمته بتسطير كلماتها وصياغتها بلوحة تشكيلية من مدرستها الواقعية الزبيدية باستخدام الفرشاة الوردية ليتسنى للحالم معها فهم لوحتها النثرية ليس للحالم الخالد المستغرق في النوم فقط بل للحالم في عز النهار لان الأحلام تأتي للمستيقظ وما أكثر أحلام اليقظة في ارض الواقع . همسات الهام الزبيدي تداعب مشاعر الإنسانية وتمنحه نشوة الإحساس الدافئ الراقي التي ربما افتقدناها دهرا من الزمان ….. فقد استخدمت لغة الحسد (باسقة يا شجرة الجوز) وهي غير حسودة وجاء حسدها من اجل العطاء. وتحدثت مع والدها بلغة البكاء ( حديث) . وخاطبته بلغة الحنان ( العيد … أنت) و (غياب). ودمعت عيناها عليه ب (دمعة) . وانتظرته ب(لما) .وكانت تائهة ب(صمت) . وهمست له ب(…..). وألحت بالأسئلة عليه ب(خلف الساتر) . واشتاقت له ب (أغنية) .وتأملته ب(؟). وخافت عليه ب(جمرة). وابتعدت واقتربت عنه ب(عتاب). واستذكرته ب (لوحة) . وكانت وحيده بدونه ب ( صدفة على الشاطئ). وبحثت عنه ب (يا) . وحاولت نسيانه وعادت وتذكرته بملامح أخرى رغم عنها ب (هي). وتوسلت به ب(أنت). وتاهت معه (جوار النافذة). وهطلت دموعها عليه مع هطول الإمطار ب( عندما). وغردت بلغة (العصافير) ولم تحلق معهم لأنها آبت تعيش الذكريات في الأرض لا لموعد المستقبل المجهول . وخاطبته بإلحاح ونهلا من الأسئلة ب(غصن داخل زجاجة) لتبحث عن جواب ربما يكون في داخلها وتعرف إجابتها ولكنها أحبت معرف الجواب من غيرها ربما تغالط نفسها وتناقض إجابتها . واستنجدت به بلهفة ب (إلى …..) ثم احتارت وتساءلت كيف جاء إليها ومن بعثه لإزاحة جبال البؤس ليفترش المروج الخضراء المطلية ب أزهى ألوان الزهور , وظلت تهذي بحيرة .. من الذي بعثه لتتوقف متسائلة وخاتمه أبيات قصيدتها ب(يوجد بقية للقصيدة لكني لا أجرأ حتى على كتابته لك) . وسافرت وحلقت معه في رحلة العمر وهي تصغي لفيروز في (على دروب القمر) لتكون خاتمة مولدوها النثري (باسقة يا شجرة الجوز) وتحرق جميع ذكريات الأرض بتذكرتين لتفتح سجلا جديدا للذكريات معه , يركضون ويضحكون ويلعبون ويبكون ويرقصون ويغنون ولا يتعبون من السهر ولا يخشون ما يخبئه لهم القدر . لأنهما وجدا في عالمهما الجديد الذي اختاروه بمحض إرادتهما وصوتوا عليه بأصابعهما العشرتين . .ان هذا العالم يختلف جذريا عن عالم الأرض المفترس المملوء بالشر من البشر . فيما عالمهما مملوء بلغة الحب لا يعرف الخصام والبعاد والهجر .. حتى تناسوا جنسهما ملائكة آم بشر . ولم يدركوا كم لبثوا يوما آم أيام آم مر عليهم دهرا على دروب القمر , ولكنهما اقسما بان يكونا كا اللون للزهر وكالموج للبحر وكالعشب للسهول الخضر, بدون خوفا وترددا وحذر ليكتبوا أول قصيدة حب يغنوها معا وهما (على دروب القمر) . وما زالت الهام الزبيدي تغني للقمر وهي (على دروب القمر و الأرض معا ) ولكن بهمس مع نفسها لا يسمعه أحدا غيرها و(شجرة الجوز) الباسقة الراحل الأقرب والأحب لنفسها .