اللعبة الديمقراطية بقيت في يد من يمتلك مفاتيح المشهد العراقي بامتياز وبصك تخويل أميركي
انتخابات العراق جرت وسط هالة إعلامية عالمية وعربية غير مسبوقة ولم تحظ انتخابات في العالم بما فيها انتخابات الرئاسة الأميركية بمثل هذه التغطيات والاهتمام الإعلامي, وكأنَّ حدثاً او تغييراً دراماتيكياً سوف يقلب الأمور على عقب, وستنقلب حياة العراقيين من حالة بؤس وشقاء إلى نعيم مقيم!, وسيحق للإدارة الأميركية ومن تحالف معها في جريمة (غزو العراق), أن يفتخروا أنهم صنعوا أعظم تجربة ديمقراطية ليس في العالم اليوم بل عبر التاريخ! وان دماء الجنود الأميركيين وقوات التحالف التي سالت على درب (تحرير العراق) لم تذهب هدراً ولا هباءً!
وان نبوءة ما وَعدَ به “بطل التحرير” جورج بوش من انه سيجعل من العراق إنموذجاً مشعاً للديمقراطية الجديدة في الشرق الأوسط والعالم.. قد تحققت!! وسوف تنقلب شعوب الشرق الأوسط (بما فيها إسرائيل!) على حكامها وتخرج في تظاهرات عارمة لتطالب بالسير على وفق (منهج الديمقراطية العراقية الجديدة المشعة!) التي حققها وأنجزها التحرير الأميركي لبلادهم!
ما أسموها بقواعد اللعبة الديمقراطية الجديدة يبدو أنها مُحكمة ومُتقنة في الوصول إلى حقيقة مفادها المثل الدارج: “إذا أردت الأرنب فخذ الأرنب وان أردت الغزال فخذ الأرنب” وهو عين ما حققته الديمقراطية الجديدة في العراق, فاللعبة الديمقراطية بقيت بيد من يمتلك مفاتيح المشهد العراقي بامتياز, وبصكِ تخويلٍ أميركي, ورغم كل حالة العداء (المسرحي) بين الإدارتين: (إيران) التي تسميها أميركا إعلاميا (محور الشر), في الوقت الذي تسمى طهران الإدارة الأميركية (الشيطان الأكبر), لكن ما بينهما من توافق وانسجام وتناغم في إدارة الشأن العراقي بعد الغزو, على أحسن ما يرام! !
وها هي إيران تستقطب قادة الكتل الموالية لها التي لم تحقق في انتخابات 7 مارس الأغلبية اللازمة لتأليف الحكومة, وفازت فيها قائمة د. إياد علاوي بما تحمله من حد ادنى من امتيازات الحفاظ على الهوية الوطنية العراقية والهوية العروبية للعراق والوقوف بوجه التدخل الإيراني الصريح في الشؤون العراقية, إلا أن قواعد اللعبة, وتأثيرات طهران وأتباعها, والتي ما عادت تخفى على احد, وجهت بان تكون طهران الكفيل الراعي لتشكيل الحكومة الجديدة في العراق, فإيران تضع خطاً أحمر مُعلناً صراحة ضد إياد علاوي, رغم انه من طائفتها, إلا انه خارج عن طوعها لكونه يرفض التدخل الإيراني ويسعى لتثبيت هوية العراق العربية والوطنية, وبالرغم من حصاده النسبة الأعلى من الأصوات وبأغلبية نسبية من الشعب العراقي, إلا أن إيران التي لعبت على الوتر الطائفي وما زالت تغذيه وتنميه في العراق, رفعت عصاها على الكتلتين المتخاصمتين, كتلة المالكي المسماة (ائتلاف دولة القانون), وكتلة المجلس الأعلى والصدريين المسماة (الائتلاف الوطني العراقي), وجمعت رموزهما في طهران لإعطاء التوجيهات بالتوحد في مواجهة خطر أياد علاوي بكل ما يحمله من تهديدات وطنية عروبية علمانية ليبرالية, وهو ما ترفضه إيران إطلاقا..
والمؤسف أن يجهر اكبر مسؤول في إيران علنا بأنه لن يسمح بعودة البعثيين إلى الحكم, ويضع مسؤول آخر خطا احمر على إياد علاوي, وتتدخل إيران في تسيير دفة الأمور علناً بما يخدم مصالحها الطائفية والإقليمية, ونلحظ صمتا عربيا رهيبا وخجلا من التدخل بل أن القمة العربية الأخيرة مرت على الشأن العراقي مرور الكرام.. وكأن المسألة تخص بلدا في كوكب آخر.
محافظات عراقية حققت فيها القائمة العراقية تفوقا كاسحا, خرج مواطنوها للاحتفال وأطلقوا الأعيرة النارية في الهواء ابتهاجا وفرحا وأملا في التخلص من التخندق الطائفي اللعين وعودة الهوية الوطنية العراقية من دون تأثيرات لا من الشرق ولا من الغرب, وحدثني صديق أن أكثر منطقة احتفلت وابتهجت بفوز أياد علاوي وأطلقت أكثر من مليون أطلاقة نارية هي مدينة الفلوجة, وهي المدينة الصامدة التي وقفت بشراسة في وجه الاحتلال الأميركي 2004 وتم في عهد رئاسة أياد علاوي للحكومة قصفها وتدميرها, إلا أن أهلها اليوم يحتفون بفوز علاوي لأنهم يرون فيه صمام الأمان للهوية الوطنية في مواجهة هويات الولاء للأجنبي!! وكان كثيرون ومازالوا يعتقدون ان الانتخابات العراقية الأخيرة كانت تشكل هزيمة مفاجئة لإيران وأهم مسؤولي استخباراتها, أي قاسم سليماني الذي يقود فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. فقد صرف سليماني الملايين لإيقاف نصر إياد علاوي. لكنه فشل. إذا لم يكن ذلك يدل على شيء, فهو على الأقل يبرهن على مرونة الوطنية العراقية, والشعور المعادي لإيران, الذي فشلت الأحزاب الطائفية الدينية التي حكمت العراق في السنوات الخمس الماضية في سحقه, بل أن محافظات السنة هي التي انتخبت الشيعي الليبرالي أياد علاوي!, قد .شن سليماني وقواته في فيلق القدس حملة كبيرة وواسعة النطاق, وفق قادة في الجيش الأميركي ووثائق استخباراتية أميركية أزيلت عنها السرية. كان هدفهم الأول تعطيل عمل قائمة علاوي “العراقية”, عبر استخدام لجنة اجتثاث البعث الموالية لإيران, لمنع أكبر عدد ممكن من المرشحين من الترشح.
نوري المالكي الذي أدرك جيدا أن التدخل الإيراني لا يحظى بشعبية بين عموم الناس في العراق, قرر خوض الانتخابات منفرداً, لكنه لم يحقق الفوز المطلوب, فكان تكتيك إيران الثاني الضغط على نوري المالكي للانضمام إلى تحالف الأحزاب الشيعية الدينية الذي يعرف ب¯”الائتلاف الوطني العراقي”. وهو يحاول الآن أن يتحالف مع هذه الأحزاب الطائفية نفسها على أمل أن يصبح لديه عدد المقاعد الضرورية للأغلبية البرلمانية المطلوبة بالتحالف مع الأكراد الذين يضعون (عودة كركوك السليبة) شرطا أوليا مقدسا قبل التحالف مع أي كتلة عربية!, وبذلك اثبت الأكراد أنهم اللاعب الأمهر والأكثر مكراً ودهاءً في ساحة السياسة العراقية الجديدة!
الأوضاع في العراق اليوم لا تبشر بخير وأخبار الدم تترى من بغداد, بعد أن عاد الصراع المحموم على السلطة يتحرك بدماء الضحايا الأبرياء في شوارع بغداد, ويبدو أن العراق سيكون ساحة تصفية حسابات إقليمية. ورغم أن صناديق الانتخاب قالت إن إياد علاوي قد فاز, بينما اللعبة السياسية السقيمة في العراق تقول إنه قد خسر, وستبقى هذه السجالات بين أطراف اللعبة مستمرة إلى أن يقرر (المحتلان للعراق) منْ سيكون رئيسا للحكومة المقبلة!!, وحينها سنحتفل بالديمقراطية المزيفة التي يريدها الاحتلال وأعوانه في العراق الديمقراطي الجديد ومن المؤسف أن الخاسر الأكبر في المحصلة من كل هذه المآسي والمساخر هو الشعب العراقي المسكين
انتخابات العراق جرت وسط هالة إعلامية عالمية وعربية غير مسبوقة ولم تحظ انتخابات في العالم بما فيها انتخابات الرئاسة الأميركية بمثل هذه التغطيات والاهتمام الإعلامي, وكأنَّ حدثاً او تغييراً دراماتيكياً سوف يقلب الأمور على عقب, وستنقلب حياة العراقيين من حالة بؤس وشقاء إلى نعيم مقيم!, وسيحق للإدارة الأميركية ومن تحالف معها في جريمة (غزو العراق), أن يفتخروا أنهم صنعوا أعظم تجربة ديمقراطية ليس في العالم اليوم بل عبر التاريخ! وان دماء الجنود الأميركيين وقوات التحالف التي سالت على درب (تحرير العراق) لم تذهب هدراً ولا هباءً!
وان نبوءة ما وَعدَ به “بطل التحرير” جورج بوش من انه سيجعل من العراق إنموذجاً مشعاً للديمقراطية الجديدة في الشرق الأوسط والعالم.. قد تحققت!! وسوف تنقلب شعوب الشرق الأوسط (بما فيها إسرائيل!) على حكامها وتخرج في تظاهرات عارمة لتطالب بالسير على وفق (منهج الديمقراطية العراقية الجديدة المشعة!) التي حققها وأنجزها التحرير الأميركي لبلادهم!
ما أسموها بقواعد اللعبة الديمقراطية الجديدة يبدو أنها مُحكمة ومُتقنة في الوصول إلى حقيقة مفادها المثل الدارج: “إذا أردت الأرنب فخذ الأرنب وان أردت الغزال فخذ الأرنب” وهو عين ما حققته الديمقراطية الجديدة في العراق, فاللعبة الديمقراطية بقيت بيد من يمتلك مفاتيح المشهد العراقي بامتياز, وبصكِ تخويلٍ أميركي, ورغم كل حالة العداء (المسرحي) بين الإدارتين: (إيران) التي تسميها أميركا إعلاميا (محور الشر), في الوقت الذي تسمى طهران الإدارة الأميركية (الشيطان الأكبر), لكن ما بينهما من توافق وانسجام وتناغم في إدارة الشأن العراقي بعد الغزو, على أحسن ما يرام! !
وها هي إيران تستقطب قادة الكتل الموالية لها التي لم تحقق في انتخابات 7 مارس الأغلبية اللازمة لتأليف الحكومة, وفازت فيها قائمة د. إياد علاوي بما تحمله من حد ادنى من امتيازات الحفاظ على الهوية الوطنية العراقية والهوية العروبية للعراق والوقوف بوجه التدخل الإيراني الصريح في الشؤون العراقية, إلا أن قواعد اللعبة, وتأثيرات طهران وأتباعها, والتي ما عادت تخفى على احد, وجهت بان تكون طهران الكفيل الراعي لتشكيل الحكومة الجديدة في العراق, فإيران تضع خطاً أحمر مُعلناً صراحة ضد إياد علاوي, رغم انه من طائفتها, إلا انه خارج عن طوعها لكونه يرفض التدخل الإيراني ويسعى لتثبيت هوية العراق العربية والوطنية, وبالرغم من حصاده النسبة الأعلى من الأصوات وبأغلبية نسبية من الشعب العراقي, إلا أن إيران التي لعبت على الوتر الطائفي وما زالت تغذيه وتنميه في العراق, رفعت عصاها على الكتلتين المتخاصمتين, كتلة المالكي المسماة (ائتلاف دولة القانون), وكتلة المجلس الأعلى والصدريين المسماة (الائتلاف الوطني العراقي), وجمعت رموزهما في طهران لإعطاء التوجيهات بالتوحد في مواجهة خطر أياد علاوي بكل ما يحمله من تهديدات وطنية عروبية علمانية ليبرالية, وهو ما ترفضه إيران إطلاقا..
والمؤسف أن يجهر اكبر مسؤول في إيران علنا بأنه لن يسمح بعودة البعثيين إلى الحكم, ويضع مسؤول آخر خطا احمر على إياد علاوي, وتتدخل إيران في تسيير دفة الأمور علناً بما يخدم مصالحها الطائفية والإقليمية, ونلحظ صمتا عربيا رهيبا وخجلا من التدخل بل أن القمة العربية الأخيرة مرت على الشأن العراقي مرور الكرام.. وكأن المسألة تخص بلدا في كوكب آخر.
محافظات عراقية حققت فيها القائمة العراقية تفوقا كاسحا, خرج مواطنوها للاحتفال وأطلقوا الأعيرة النارية في الهواء ابتهاجا وفرحا وأملا في التخلص من التخندق الطائفي اللعين وعودة الهوية الوطنية العراقية من دون تأثيرات لا من الشرق ولا من الغرب, وحدثني صديق أن أكثر منطقة احتفلت وابتهجت بفوز أياد علاوي وأطلقت أكثر من مليون أطلاقة نارية هي مدينة الفلوجة, وهي المدينة الصامدة التي وقفت بشراسة في وجه الاحتلال الأميركي 2004 وتم في عهد رئاسة أياد علاوي للحكومة قصفها وتدميرها, إلا أن أهلها اليوم يحتفون بفوز علاوي لأنهم يرون فيه صمام الأمان للهوية الوطنية في مواجهة هويات الولاء للأجنبي!! وكان كثيرون ومازالوا يعتقدون ان الانتخابات العراقية الأخيرة كانت تشكل هزيمة مفاجئة لإيران وأهم مسؤولي استخباراتها, أي قاسم سليماني الذي يقود فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. فقد صرف سليماني الملايين لإيقاف نصر إياد علاوي. لكنه فشل. إذا لم يكن ذلك يدل على شيء, فهو على الأقل يبرهن على مرونة الوطنية العراقية, والشعور المعادي لإيران, الذي فشلت الأحزاب الطائفية الدينية التي حكمت العراق في السنوات الخمس الماضية في سحقه, بل أن محافظات السنة هي التي انتخبت الشيعي الليبرالي أياد علاوي!, قد .شن سليماني وقواته في فيلق القدس حملة كبيرة وواسعة النطاق, وفق قادة في الجيش الأميركي ووثائق استخباراتية أميركية أزيلت عنها السرية. كان هدفهم الأول تعطيل عمل قائمة علاوي “العراقية”, عبر استخدام لجنة اجتثاث البعث الموالية لإيران, لمنع أكبر عدد ممكن من المرشحين من الترشح.
نوري المالكي الذي أدرك جيدا أن التدخل الإيراني لا يحظى بشعبية بين عموم الناس في العراق, قرر خوض الانتخابات منفرداً, لكنه لم يحقق الفوز المطلوب, فكان تكتيك إيران الثاني الضغط على نوري المالكي للانضمام إلى تحالف الأحزاب الشيعية الدينية الذي يعرف ب¯”الائتلاف الوطني العراقي”. وهو يحاول الآن أن يتحالف مع هذه الأحزاب الطائفية نفسها على أمل أن يصبح لديه عدد المقاعد الضرورية للأغلبية البرلمانية المطلوبة بالتحالف مع الأكراد الذين يضعون (عودة كركوك السليبة) شرطا أوليا مقدسا قبل التحالف مع أي كتلة عربية!, وبذلك اثبت الأكراد أنهم اللاعب الأمهر والأكثر مكراً ودهاءً في ساحة السياسة العراقية الجديدة!
الأوضاع في العراق اليوم لا تبشر بخير وأخبار الدم تترى من بغداد, بعد أن عاد الصراع المحموم على السلطة يتحرك بدماء الضحايا الأبرياء في شوارع بغداد, ويبدو أن العراق سيكون ساحة تصفية حسابات إقليمية. ورغم أن صناديق الانتخاب قالت إن إياد علاوي قد فاز, بينما اللعبة السياسية السقيمة في العراق تقول إنه قد خسر, وستبقى هذه السجالات بين أطراف اللعبة مستمرة إلى أن يقرر (المحتلان للعراق) منْ سيكون رئيسا للحكومة المقبلة!!, وحينها سنحتفل بالديمقراطية المزيفة التي يريدها الاحتلال وأعوانه في العراق الديمقراطي الجديد ومن المؤسف أن الخاسر الأكبر في المحصلة من كل هذه المآسي والمساخر هو الشعب العراقي المسكين