لم يعد نجاحه مفاجأة ولا مبيعاته بل اللافت قدرته على التنوع والدهشة كل مرة يقدم فيها عمل جديد للقارئ ، مع ذلك الامر لا يخلو من هجوم عليه كل فترة بسبب واقعية رواياته ، لكنه يترفع عن الدخول فى معارك ادبية ، يعتقد البعض أن السبب في ذلك وظيفته الاصلية كقاض ، بينما يرى المقربون منه أن مرد الامر لسبب اخر تماما الا وهو احساسه بأنهم يهاجمونه لمجرد الهجوم والسلام وبالتالي لا يستحقون الرد.
عن النقد والهجوم والكتابة والقراءة والورش الادبية والجوائز المحلية والعالمية والمبيعات والندوات كان لنا مع الروائي المصري اشرف العشماوي حوار مطول ننشر الجزء الاول منه وننشر الجزء الثاني منه الاسبوع القادم
– نجاح روايتك الاخيرة سيدة الزمالك ووصولها للطبعة الخامسة بسرعة هل كنت تتوقعه ؟
– لأ لم أكن اتوقع كل هذا النجاح فى وقت قصير ، ردود الافعال التي تلقيتها فى الندوات وعبر الرسائل كانت مفاجأة سارة بالنسبة لي ومسئولية كبيرة عن الرواية القادمة لأني اتمنى الحفاظ على النجاح.
– ينتقدك البعض لأن سيدة الزمالك استثمار لنفس الفترة التي نجحت بها تذكرة وحيدة للقاهرة ويقال انك تلعب على وتر الحنين للماضي؟
– لا اظن ان القراء يفكرون بهذه الطريقة لأن الفكرة مختلفة كلية والابطال متباينون تماما ايضا التناول وطريقة البناء هنا بها اختلاف كبير عن تذكرة وحيدة للقاهرة ، اضف الى ذلك ان اللعب على فترة تاريخية واحدة او مكان محدد لا يعيب الكاتب هذا شرف لا ادعيه مثلما فعل استاذنا نجيب محفوظ فى الحارة المصرية ومثلما كتب الغيطاني عن قاهرة المماليك ولو كنت اريد التأريخ لفترة الملكية وفترة ما بعد ثورة يوليو من خلال رواياتي فهذا امر لا يعيبها المهم كيف اقدم الفكرة وماذا اريد ان اقول وكيف قلته فى النهاية .
– الحبكة الدرامية فى رواياتك وطريقة الكتابة المشهدية تجعل اصابع الاتهام تشير اليك بانك تغازل السينما والتلفزيون لا القارئ فقط؟
– الحقيقة هذا الاتهام انا برئ منه تماما فلو كنت اريد ذلك لفعلته وكتبت سيناريو مباشرة وهو امر عرض علي بالفعل مقابل مبالغ كبيرة تفوق ارباحي من الكتابة الروائية بعشرة اضعاف هذا اولا ، ايضا الحبكة والتشويق والكتابة المشهدية طريقة من طرق الكتابة العالمية تجذب القارئ بشرط الحفاظ على اللغة والاسلوب وانا اظن انني افعل ذلك واخيرا تلك طريقتي ولا اتعمدها ولا اعرف ان اكتب غيرها .
– ينتقد بعض قرائك انك تكتب الحوارات بالعامية بدلا من الفصحى فلماذا تلجأ للعامية ضمن الحوار وهل هناك صعوبة فى ان يكون الحوار بالفحصى طوال الرواية ؟
– لا توجد صعوبة لكنها احيانا تفتتقد المصداقية او هكذا ارى انا ، نحن لا نتكلم الفصحى فى حياتنا اليومية وبعض الشخصيات الروائية لا تليق بها الفصحى ابدا لن يشعر بها القارئ كما اريد له ان يشعر لهذا الجأ لعامية غير مبتذلة قريبة من لغة الجرائد فى كتابة الحوارات علما بأن حوارات روايتي قصيرة وقليلة ، ثم ان هناك عبارات لا يمكن نقلها الى الفصحى مثل عبارة ” اطلع من دول ” هل سأكتبها اخرج من هؤلاء ؟؟!! لا اظن ان قرائي يتضايقون من عامية حوارات رواياتي لهذه الدرجة .
– ما رأيك بأدب الخيال العلمي المنتشر حاليا وادب الرعب والاثارة ، هل يمكن ان نرى رواية من هذا النوع يوما تحمل اسم اشرف العشماوي؟
– لا اظن انني سأفعلها يوما ، انا لا اميل كثيرا لقراءة هذا اللون من الروايات ربما روايات الاثارة افضل بالنسبة لي للتسلية وتمضية وقت ممتع بين كتابين وانا اقرأ روايات اثارة بالفعل لكن الخيال العلمي والرعب لا احبها سواء روايات او افلام ولا اعرف سببا اشعر بالملل من البداية ولا اكمل خمس دقائق على بعضها . ذائقتي هكذا لكني احب الفانتازيا كثيرا
– يقول البعض ان لديك منجم كبير من خلال عملك كقاض لنقل قصص انسانية درامية للقارئ على شكل روايات من خلال القضايا واخرها فى سيدة الزمالك عندما نقلت قضية مقتل شيكوريل من المحكمة بعد نظرها للرواية فهل ستظل تعتمد على ذلك ؟
– أنا فى الحقيقة متعجب من السؤال لأن سيكوريل مات سنة 1927 ولم يكن والدي حتى مولودا لكي اكون انا موجودا وانقلها من المحكمة للورق ، انا استخدمتها كخلفية تاريخية كمدخل للاحداث فقط لا غير دون اسهاب او نقل حرفي وهي ليست محور الرواية على الاطلاق ولم استخدم قضايا حققت فيها على مدار رواياتي الا فى رواية المرشد فقط وفيما عدا ذلك رواياتي لا علاقة لها بعملي على الاطلاق ولا اعرف مصدر هذا الكلام لكن لا شك عندي الان ان من قاله لم يقرأ رواياتي بالتأكيد .
– قدمت الرواية التاريخية فى كلاب الراعي وتذكرةوحيدة للقاهرة نوعا ما فهل روايتك القادمة ستعود بها للتاريخ كما عودت القارئ على مدار الروايات الثلاثة الاخيرة ؟
– لا اظن ذلك، اعتقد انني ساكتب فى زمن معاصر لدي فكرتان كلاهما فى زمن حالي لكني لم استقر بعد عن التي ساكتبها انتظر حتى تشدني احداها اكثر ووقتها سأبدأ فى تدوين السرد لاحداثها لست متعجلا على الاطلاق يمكنني الانتظار ثلاث سنوات اخرى قدمت سبعة روايات طويلة ، لست فى حاجة لتقديم رواية كل عام او عامين. عندما اشعر اننى اريد ان اكتب سابدأ.وقد تظهر فكرة ثالثة من يعلم..
– العلاقة بين الناشر والكاتب متشابكة نوعا ما فالناشر تحكمة اعتبارات تجارية وقيود سياسية والكاتب حر ويريد ان يكتب ما يريد اين انت فى هذه المنطقة الشائكة خاصة ان رواياتك الاخيرة مشبعة بالسياسة الثقيلة والاسقاطات الواضحة ؟
– أنا مع ناشر محترم ومحترف . الدار المصرية اللبنانية توفر لي كل ما اريده من تفاهم وطباعة جيدة وتسويق جيد وانتشار وتراجم ومعارض اجنبية وعربية ايضا محررهم الادبي يعاونني بشكل رائع انا اعتبر ان هذه الدار من افضل الدور على مستوى الوطن العربي اما مسألة القيود السياسية فلم اتعرض معهم لأي مشكلة والامور تسير بشكل رائع ولا احتاج لحذف اي مقاطع من رواياتي ولم يطلب مني ذلك بصورة صريحة. ولا توجد ضغوط من اي نوع وروايتي اجتماعية وليست مشبعة بالسياسة المباشرة حتى يتم منعها او حذف عبارات منها . الرواية فن غير مباشر في الاصل .
– من الذي يختار اغلفة رواياتك وماذا لو لم يعجبك الغلاف ؟
– الموضوع كما قلت يسير بصورة ودية للغاية فى الدارالمصرية اللبنانية ، نعقد اجتماعا نستعرض فيه الاغلفة سواء التي انا اقترحتها من خلال اصدقائي او اغلفة مصمم الدار الفنان عمرو الكفراوي ونتباحث مع مدير التسويق كل منا يعرض وجهة نظره ونتفق فى النهاية برأي الاغلبية . حتى الان لم يحدث خلاف على العناوين او الاغلفة ولا اظن انه سيحدث
– هوجم الروائي علاء الاسواني بسبب زيادة جرعة الجنس فى روايته الاخيرة التى صدرت مؤخرا بسبب جرأة الرواية وموضوعها رغم ان كثيرين انتقدوها ادبيا وفنيا ووصفت بانها مقالة طويلة والسلام ما رايك فى هذا اللون من الكتابة كمقال ومدى احتياج الكاتب للجرعة الجنسية بروايته ؟
– أنا لم اقرأ بعد رواية الدكتور علاء الاسواني فلا يمكنني ابداء رأي فيها ، لكني لا ارى ان ما يكتبه مقال طويل فيعقوبيان وشيكاجو البديعة ونادي السيارات ليست مقالات بل روايات حقيقية مكتملة فهل يعقل ان نقول ذلك عن روائي بحجم وحرفية الاسواني فى روايته الرابعة؟! انا ارفض هذا الكلام تماما ، اما موضوع الجرعة الجنسية فهذا يتوقف على كل كاتب ومدى حاجة النص لذلك وفى السياق الروائي ام خارج عنه واذا ما قارنا كاتبا مثل البرتو مورافيا بما يكتبه الاسواني سنقول ان الاسواني كاتبا خجولا . اذن الامر لا علاقة بالجرعة بقدر ما هو بحاجة النص نفسه لهذه الجرعة واظن ان الاسواني محترف فى توظيف الجنس برواياته لأنه يعتني كثيرا برسم الشخصيات ويصورها بدقة هذا لا خلاف عليه فى رأيي ولا اظن اننا الان فى مرحلة تقييم لكتابات كاتب بحجمه .
– مؤخرا هاجمك البعض بسبب اعتمادك على التشويق فى رواية سيدة الزمالك وهو ما فعلته فى تذكرة وحيدة للقاهرة ومن قبلها كلاب الراعي وايضا بالبارمان . هل الادب العربي يجب ان يكون بعيدا بمسافة عن التشويق للاستمتاع باللغة باعتبارها الوسيط الذي ينقل هذا اللون من الفن ؟
– لماذا نرى ان التشويق مرادفا للضعف الفني ؟ لماذا لا يكون هناك ادب حقيقي مكتوب بلغة سلسة راقية وقوية وفي ذات الوقت مشوق ؟ اعتقد ان من يقول ذلك لديه مشكلة فى ان تكون رواياته مشوقة او انه يرتدي نظارة سوداء يقرأ بها الروايات هذا لا فائدة من اقناعه ، انا احترم جدا اللغة كوسيط وارى انها مهمة جدا ولا اظن انني اقدم لغة ركيكية او مبتذلة، لم يقل ذلك حتى من يتعمد الهجوم علي بلا سبب.
– هل صحيح أن وظيفتك كقاض تجعلك تتراجع عن الدخول فى معارك ادبية كما يقال ؟
– انا علاقتي طيبة باغلب الروائيين ولا توجد خصومة بيني وبين احد، ثم أين هي هذه المعارك الادبية اصلا ؟ نحن نعيش فى فقاعة اسمها الفيسبوك.. يظهر لنا كل فترة احدهم ليشتم فى اخرين فتثار زوبعة ويقال انها معركة ادبية لما يرد عليه اخرون . الحقيقة لو تسمون هذا الهراء معارك ادبية فبالتاكيد وظيفتي وشخصيتي من قبلها تمنعاني من المشاركة في هذا العبث ، ايضا انا شبه منعزل عن المشاركات والفاعليات الكثيرة بالوسط الثقافي بسبب انشغالي بعملي الاصلي وبالكتابة وبالتالي لم اعد متابعا لما يدور منذ عام ولا لما يكتب عل الفيسبوك او تويتر .
– كثيرون كتبوا سيرتهم الذاتية باعتبار انهم اقتربوا اكثر ورأوا ما لم يره غيرهم متى تكتب سيرتك الذاتية كقاضي ومحقق جنائي عتيد وروائي ناجح ونائب وزير سابق ؟
– ليس لدي شيئا مهما يستحق ان يروى للقارئ من خلال سيرة ذاتية حياتي عادية ومسيرتي ليست مثيرة لهذا الحد للكتابة عنها، انا اكتب روايات لانها هواية احبها وامارسها بشكل منتظم ولم اكن اتوقع كل هذا النجاح . اما عملي فلا اظن ان به ما يهم احدا ولا اظن ان لدى اسرارا يمكنني قولها او سردها .
– لماذا أغلب جمهورك في الندوات من النساء ؟
يضحك العشماوي كثيرا ثم يجيب : اسألهن انا شخصيا لا اعرف .
—