شهد العالم العربي محاولات مبكرة في ظهور فن الكاريكاتير السياسي مع نهايات القرن التاسع عشر و الكاريكاتير السياسي مادة خطرة. فهو عبث هازل وهازئ في موقف جاد. وتطويع الريشة للساسة في مواقف ومشاهد لا تخطر على البال، وتحميلهم اقوالا و تعليقات لا يمكن ان تصدر عنهم وهم في كامل قواهم العقلية.. كل ذلك يجعلهم مادة دسمة للتهكم والسخرية وهو فن ساخر من فنون الرسم، وهو صورة تبالغ في إظهار تحريف الملامح الطبيعية أو خصائص ومميزات شخص أو جسم ما، بهدف السخرية أو النقد الاجتماعي أو السياسي أو الفني أو غيره، وفن الكاريكاتير له القدرة على النقد بما يفوق المقالات والتقارير الصحفية أحياناً.
يتناول المؤلف ، علاقة الكاريكاتير السياسى باللغة، وكيف يستطيع رسام الكاريكاتير توظيف جوانب تواصلية ولغوية فى رسومه لينتج مزيجا فائق القدرة على نقد عيوب المجتمع بصورة ساخرة وممتعة تفوق المقالات والتقارير الصحفية أحيانا لكى تدعو القراء لإحداث التغيير فى ثوابت راسخة متجذرة فى الواقع.
ولأن الكاريكاتير يستخدم أسلوبا بسيطا ومؤثرا فى الوقت نفسه لنقل المعاني، صار له الدور الأبرز فى تناول معظم قضايا المجتمع المهمة، خاصة أنه يُنشر بشكل يومى فى الصحف والمجلات بأسلوب مشوق وممتع. والكاريكاتير من أهم الوسائل التى تؤثر على الرأى العام برموز وتلميحات مرئية أو شفهية لتوصيل المعني. كما تكمن أهمية الكاريكاتير السياسى فى القدرة على تبسيط وبلورة الأحداث التى تحدث فى الإطار اليومى لتكون مفهومة بسرعة وبطريقة تحقق الهدف المطلوب. ويرى د. أحمد، من خلال تجربته فى التدريس بجامعتين أمريكيتين، أنه إذا كانت اللغة من أشكال التواصل فى أى مجتمع، فالرسوم المرئية أيضاً إحدى أشكال التواصل التى تحتوى على سمات فريدة تجعلها أكثر إقناعاً من اللغة المكتوبة. وهناك أشكال من الكاريكاتير، مثل السياسى والاجتماعى والفكاهي، ولكل نوع وظائف عديدة كتسليط الضوء على بعض سلبيات المجتمع، ونقدها بشكل ساخر، مباشر أو غير مباشر، إضافة إلى أن الكاريكاتير السياسى يمنح الصحف والمجلات شكلا أفضل يعفى القارئ من الملل. كما يتفادى الكاريكاتير الرقابة.
وعبر فصول الكتاب يحاول المؤلف لفت الأنظار إلى الكاريكاتير من المنظور اللغوي، والأدوات اللغوية المستخدمة فيه، ليتضح أن الكاريكاتير يمكن استخدامه لمواجهة بعض المفاهيم الخاطئة فى الحياة اليومية، حيث يستخدم رموزا عالمية لمساعدة القارئ وتبسيط المعنى الضمنى أو الخفى له. وعبر الكتاب، يحاول الدكتور استكشاف الفجوة بين المعنيين الظاهرى والضمني، وتحديد ما يٌقال وما لا يٌقال، ويرى أيضا أن الاهتمام بالكاريكاتير من الناحية اللغوية كان لا يزال مفتقراً لدراسات كثيرة.