زهد العصافير:
الظلامُ لا يكتفي بالليل. في الليل يريقُ القمرُ فضتهُ، والنجوم تغامزنا، وفي صيف الليل تمخر سماء سطوح بيوتنا: طيورٌ مهاجرة تحن إلى/ تلوذ في: عراق ٍكريمٍ. ليس الظلام : غياب النور فقط .ظلام الليل رحيمٌ بنا حين نقارنه بظلام الفقر. ولا مسافة َ بين : ظلم / ظلام، لكن الظلم أشد عتمة ً وأطول وقتا ً. وظلام الفقر يهون، مقارنة ً بظلام الجهل. فنحن هنا نواجهُ كتلة ً صماءً متماسكة ً، وهناك رذاذ ورباب ظلام أبيض ناعم فاتك: يباغتنا بإرتطاماتٍ مدوية ٍ للمركبات وغير المركبات ..
وهناك ظلام متمهمل الخطوات وهو الأشد قساوة ً : أعني ظلام خريف العمر . وهي قسوةٌ تحتاج مَن يكسر مهابتها، وهنا ستكون الصحة هي المبادرة الأولى وسوف تستبق معها :أنوار الوعي الفكري. وعي سيتفرغ لتمشيط الأيام الشعثاء، وتدوير سرد الأحلام وتحريك ثوابت ورق الفوتوغراف، ستغادر شخوص الصور :المساحة الورقية وتنادم الرائي وترافقه في نزهاته النهارية والمسائية، وتحتسي معه الطيبات…سيقترب الرائي مِن ظلامٍ شفيفٍ لصيق الروح فتتمازج صورٌ أليفة ٌ كالقطط وستقوده قدماه إلى بياض معطرّ بالكمون وجوزة بوى وسيكون الظلام شفيفا مثل أهلة فاكهة اللالنكي وتتراجع الدهاليز وتكون اللحظة بسعة زرقاء حانية ويكون الرائي نقطة ً لامعة ً كثمرة الليمون وهكذا ربما يكون الرائي منتصراً على كافة المضدات اللاحيوية وتكون الدنيا مظلتهُ الملونة، لأنه بَلغ َ : زهد العصافير
*عمود صحفي في مجلة (الغد) الصادرة من محلية البصرة للحزب الشيوعي العراقي/ ع26/ نيسان/ 2019