“أعلن قائد القوات الأمريكية في العراق – الجنرال رايموند اوديرنو- في حديثه أمام البنتاغون أن 34 قيادياً من تنظيم القاعدة في العراق من أصل 42 قد قتلوا أو اعتقلوا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وان معدل الهجمات والخسائر البشرية بات في أدنى مستوى له منذ عام 2003 .” (تقرير بي بي سي، 4 يونيو/ حزيران، 2010).
لا شك أن هذه الأخبار مفرحة لنا ولكل من يريد الخير للعراق الديمقراطي، ومحزنة للذين يتربصون بالعراق وشعبه شراً، ويتمنون له الفشل، ويحلمون بعودة حكم البعث الفاشي “حزب العودة!!” كما يسمونه، فهؤلاء يصورون الوضع لا كما في الواقع، بل كما يتمنونه من فشل ذريع!! ولكن للتاريخ منطقه الخاص لا يسير وفق الرغبات والتمنيات.
ذكرنا في مقال سابق بعنوان (انتصارات أمنية عراقية جديرة بالتثمين ) أن الإرهاب لا يمكن دحره بالقوات العسكرية وحدها، وإنما بالاستخبارات واختراق صفوفهم، وهذا ما حصل في عملية عسكرية أدت إلى مقتل زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو أيوب المصري في منتصف ابريل/نيسان إضافة إلى رئيس ما يسمى دولة العراق الإسلامية أبو عمر البغدادي. ومن خلال تلك العملية حصلت القوات العراقية والأمريكية على وثائق ثمينة عن هذا التنظيم الإرهابي ساعدت على تعقب قادة التنظيم.
وهذا لا يعني أن خطر الإرهاب في العراق قد انتهى، بل يجب مواصلة اليقظة والحذر، وملاحقتهم أينما كانوا. كما ويدل هذا الانتصار على أنه لا غنى للعراق، وتحت أية حكومة كانت، عن علاقة إستراتيجية طويلة المدى مع أمريكا، فالعراق ليس مستهدفاً من قبل فلول البعث وتنظيم القاعدة فقط، بل ومن دول الجوار التي تتحين الفرص للانقضاض عليه وخنق شعبه، وما التحرك الأخير من قبل سوريا لتحويل مجرى نهر دجلة إلا دليل على صحة ما نقول، ناهيك عن خطر إيران والسعودية وغيرهما على أمن وسلامة العراق.
والمؤسف أنه حتى الطيبين من الناس من محبي العراق مازالوا واقعين تحت تأثير نظرية المؤامرة، فيفسرون كل شيء يحصل في العراق ودول المنطقة من أضرار وفق هذه النظرية، إذ يعتقدون أن هدف أمريكا من إسقاط حكم البعث الصدامي هو جعل العراق نقطة جذب للإرهابيين، ليسهل على القوات الأمريكية ضربهم في مكان واحد، بدلاً من ملاحقتهم في مناطق متعددة في العالم. وهذا التفسير ناتج عن إدمان الشعوب العربية والإسلامية على نظرية المؤامرة منذ فجر الإسلام والفتنة الكبرى في عهد خلافة عثمان بن عفان حيث تم اختراع شخصية وهمية لا وجود لها أصلاً باسم: عبدالله بن سباً، وهذه الشخصية تظهر وتتجدد حسب الزمان والمكان والحاجة إلى اليوم، وتحت أسماء مختلفة، فتارة تظهر في شخص يهودي من اليمن يسمونه بابن السوداء، وتارة باسم الاستعمار والإمبريالية، وأمريكا، وأخرى باسم التحالف الصهيوني- الصليبي، ولكن في جميع الأحوال الغرض من هذه النظرية واحد وهو: تبرئة النفس من الحساب، فبدلاً من إعمال عقولهم في تفسير أسباب خيباتهم وهزائمهم، فليس أسهل عليهم من إلقاء فشلهم وتعليق غسيلهم على شماعة الآخرين.
ولا أحد يسأل نفسه: لماذا أرادت أمريكا جعل العراق مركزاً لجذب الإرهابيين في الوقت الذي كان لديها أفغانستان مثلاً كمنطقة جذب للإرهابيين؟ كذلك نرى هذا الإرهاب في باكستان والجزائر والصومال ودون أن تتعرض أي من هذه البلدان إلى الاحتلال الأمريكي.
إن التفسير الصحيح والنتيجة النهائية لقيام أمريكا بتحرير العراق، ومهما كانت دوافعها، هو في صالح الشعب العراقي وشعوب المنطقة. وإن توجه الإرهابيين الإسلاميين إلى العراق هو تحصيل حاصل وليس مخططاً مسبقاً كما يتوهم البعض. إذ كما قال آدم سميث: ” نتائج غير مقصودة لأفعال مقصودة، ولكن في نهاية المطاف تكون في صالح المجتمع البشري”. لذا لم يكن غرض إدارة الرئيس بوش من تحرير العراق هو جذب الإرهابيين إلى العراق ليسهل ضربهم في مكان واحد، بل هو تحصيل حاصل، وهو في صالح العراق وشعوب المنطقة، إذ كما ذكرت مراراً وتكراراً أنه لو سقط نظام البعث الصدامي بأي طريقة أخرى غير الغزو الخارجي، حتى ولو بالموت الطبيعي لصدام، لكان مصير العراق أسوأ من مصير الصومال.
كذلك يلقي البعض اللوم في تفشي الجهل والفساد والبغاء والجريمة المنظمة وغيرها من الكوارث على أمريكا والعراق الجديد، بينما كل هذه المآسي كانت قد تفشت على نطاق واسع في عهد حكم البعث الذي حاول مواجهته بقطع رؤوس النساء بذريعة مكافحة البغاء ورفع رؤوسهن على أعمدة أمام بيوتهن، إضافة إلى ممارسة قلع العيون، وجدع الأنوف والآذان، وكوي الجباه بعلامة X وقطع الأيدي بحجة تطبيع حكم الشريعة الإسلامية، إضافة إلى تنفيذ أحكام الإعدام بالجملة لأبسط الجرائم. وهذه الحقائق باتت معروفة مما أثارت استنكار منظمات حقوق الإنسان في العالم، ولكن يبدو أن ذاكرة البعض ضعيفة.
كما ويردد أنصار البعث، وخاصة من خصوم أمريكا، أن العراق لم يتعرض للإرهاب في عهد صدام حسين!!! وهذه مغالطة كبيرة، فحكومة البعث بحد ذاتها كانت تمارس إرهاب الدولة ضد الشعب العراقي وشعوب المنطقة خلال 35 سنة، فحكايات كاتمات الصوت، وزوار الليل معروفة لدى الجميع، ولذلك أطلقت على دولة البعث أسماء تعبر عن واقع الحال مثل: “جمهورية الخوف” و”جمهورية الرعب” و”دولة المنظمة السرية” وغيرها من الأسماء. ومن هذا الإرهاب: المقابر الجماعية، والأنفال وضرب حلبجة بالغازات السامة، وتجفيف الأهوار، وتشريد أهلها، وتدمير البيئة، وقتل نحو مليونين عراقي في حروب خارجية وداخلية، والإعدامات في السجون، وتشريد نحو أربعة ملايين آخرين إلى الشتات. وإذا كانت هذه الجرائم البشعة ليست إرهاباً، فما هو الإرهاب؟
خلاصة القول، إن تنظيم”القاعدة” هم خوارج العصر، فكما انقرض الخوارج لأنهم تبنوا التطرف والإرهاب ضد الإنسانية لتطبيق تعاليمهم، فلا بد وأن ينقرض تنظيم القاعدة ولنفس الأسباب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقال ذو علاقة بالموضوع:
انتصارات أمنية عراقية جديرة بالتثمين
http://www.abdulkhaliqhussein.com/news/379.html
لا شك أن هذه الأخبار مفرحة لنا ولكل من يريد الخير للعراق الديمقراطي، ومحزنة للذين يتربصون بالعراق وشعبه شراً، ويتمنون له الفشل، ويحلمون بعودة حكم البعث الفاشي “حزب العودة!!” كما يسمونه، فهؤلاء يصورون الوضع لا كما في الواقع، بل كما يتمنونه من فشل ذريع!! ولكن للتاريخ منطقه الخاص لا يسير وفق الرغبات والتمنيات.
ذكرنا في مقال سابق بعنوان (انتصارات أمنية عراقية جديرة بالتثمين ) أن الإرهاب لا يمكن دحره بالقوات العسكرية وحدها، وإنما بالاستخبارات واختراق صفوفهم، وهذا ما حصل في عملية عسكرية أدت إلى مقتل زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبو أيوب المصري في منتصف ابريل/نيسان إضافة إلى رئيس ما يسمى دولة العراق الإسلامية أبو عمر البغدادي. ومن خلال تلك العملية حصلت القوات العراقية والأمريكية على وثائق ثمينة عن هذا التنظيم الإرهابي ساعدت على تعقب قادة التنظيم.
وهذا لا يعني أن خطر الإرهاب في العراق قد انتهى، بل يجب مواصلة اليقظة والحذر، وملاحقتهم أينما كانوا. كما ويدل هذا الانتصار على أنه لا غنى للعراق، وتحت أية حكومة كانت، عن علاقة إستراتيجية طويلة المدى مع أمريكا، فالعراق ليس مستهدفاً من قبل فلول البعث وتنظيم القاعدة فقط، بل ومن دول الجوار التي تتحين الفرص للانقضاض عليه وخنق شعبه، وما التحرك الأخير من قبل سوريا لتحويل مجرى نهر دجلة إلا دليل على صحة ما نقول، ناهيك عن خطر إيران والسعودية وغيرهما على أمن وسلامة العراق.
والمؤسف أنه حتى الطيبين من الناس من محبي العراق مازالوا واقعين تحت تأثير نظرية المؤامرة، فيفسرون كل شيء يحصل في العراق ودول المنطقة من أضرار وفق هذه النظرية، إذ يعتقدون أن هدف أمريكا من إسقاط حكم البعث الصدامي هو جعل العراق نقطة جذب للإرهابيين، ليسهل على القوات الأمريكية ضربهم في مكان واحد، بدلاً من ملاحقتهم في مناطق متعددة في العالم. وهذا التفسير ناتج عن إدمان الشعوب العربية والإسلامية على نظرية المؤامرة منذ فجر الإسلام والفتنة الكبرى في عهد خلافة عثمان بن عفان حيث تم اختراع شخصية وهمية لا وجود لها أصلاً باسم: عبدالله بن سباً، وهذه الشخصية تظهر وتتجدد حسب الزمان والمكان والحاجة إلى اليوم، وتحت أسماء مختلفة، فتارة تظهر في شخص يهودي من اليمن يسمونه بابن السوداء، وتارة باسم الاستعمار والإمبريالية، وأمريكا، وأخرى باسم التحالف الصهيوني- الصليبي، ولكن في جميع الأحوال الغرض من هذه النظرية واحد وهو: تبرئة النفس من الحساب، فبدلاً من إعمال عقولهم في تفسير أسباب خيباتهم وهزائمهم، فليس أسهل عليهم من إلقاء فشلهم وتعليق غسيلهم على شماعة الآخرين.
ولا أحد يسأل نفسه: لماذا أرادت أمريكا جعل العراق مركزاً لجذب الإرهابيين في الوقت الذي كان لديها أفغانستان مثلاً كمنطقة جذب للإرهابيين؟ كذلك نرى هذا الإرهاب في باكستان والجزائر والصومال ودون أن تتعرض أي من هذه البلدان إلى الاحتلال الأمريكي.
إن التفسير الصحيح والنتيجة النهائية لقيام أمريكا بتحرير العراق، ومهما كانت دوافعها، هو في صالح الشعب العراقي وشعوب المنطقة. وإن توجه الإرهابيين الإسلاميين إلى العراق هو تحصيل حاصل وليس مخططاً مسبقاً كما يتوهم البعض. إذ كما قال آدم سميث: ” نتائج غير مقصودة لأفعال مقصودة، ولكن في نهاية المطاف تكون في صالح المجتمع البشري”. لذا لم يكن غرض إدارة الرئيس بوش من تحرير العراق هو جذب الإرهابيين إلى العراق ليسهل ضربهم في مكان واحد، بل هو تحصيل حاصل، وهو في صالح العراق وشعوب المنطقة، إذ كما ذكرت مراراً وتكراراً أنه لو سقط نظام البعث الصدامي بأي طريقة أخرى غير الغزو الخارجي، حتى ولو بالموت الطبيعي لصدام، لكان مصير العراق أسوأ من مصير الصومال.
كذلك يلقي البعض اللوم في تفشي الجهل والفساد والبغاء والجريمة المنظمة وغيرها من الكوارث على أمريكا والعراق الجديد، بينما كل هذه المآسي كانت قد تفشت على نطاق واسع في عهد حكم البعث الذي حاول مواجهته بقطع رؤوس النساء بذريعة مكافحة البغاء ورفع رؤوسهن على أعمدة أمام بيوتهن، إضافة إلى ممارسة قلع العيون، وجدع الأنوف والآذان، وكوي الجباه بعلامة X وقطع الأيدي بحجة تطبيع حكم الشريعة الإسلامية، إضافة إلى تنفيذ أحكام الإعدام بالجملة لأبسط الجرائم. وهذه الحقائق باتت معروفة مما أثارت استنكار منظمات حقوق الإنسان في العالم، ولكن يبدو أن ذاكرة البعض ضعيفة.
كما ويردد أنصار البعث، وخاصة من خصوم أمريكا، أن العراق لم يتعرض للإرهاب في عهد صدام حسين!!! وهذه مغالطة كبيرة، فحكومة البعث بحد ذاتها كانت تمارس إرهاب الدولة ضد الشعب العراقي وشعوب المنطقة خلال 35 سنة، فحكايات كاتمات الصوت، وزوار الليل معروفة لدى الجميع، ولذلك أطلقت على دولة البعث أسماء تعبر عن واقع الحال مثل: “جمهورية الخوف” و”جمهورية الرعب” و”دولة المنظمة السرية” وغيرها من الأسماء. ومن هذا الإرهاب: المقابر الجماعية، والأنفال وضرب حلبجة بالغازات السامة، وتجفيف الأهوار، وتشريد أهلها، وتدمير البيئة، وقتل نحو مليونين عراقي في حروب خارجية وداخلية، والإعدامات في السجون، وتشريد نحو أربعة ملايين آخرين إلى الشتات. وإذا كانت هذه الجرائم البشعة ليست إرهاباً، فما هو الإرهاب؟
خلاصة القول، إن تنظيم”القاعدة” هم خوارج العصر، فكما انقرض الخوارج لأنهم تبنوا التطرف والإرهاب ضد الإنسانية لتطبيق تعاليمهم، فلا بد وأن ينقرض تنظيم القاعدة ولنفس الأسباب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقال ذو علاقة بالموضوع:
انتصارات أمنية عراقية جديرة بالتثمين
http://www.abdulkhaliqhussein.com/news/379.html
العنوان الإلكتروني للكاتب: Abdulkhaliq.Hussein@btinternet.com
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.abdulkhaliqhussein.com/