عرفته انسانا يتوضأ بالمعرفة والثقافة المميزة الفاحصة لقدرات الانسان وفق معيار الحياة المتدفقة بالحيوية والنشاط الفكري والتي قادته لولوج عالم المسرح ليجعل منه خشبة تتحرك باتجاهات متعددة لتمنح الناس الزاد الثقافي الممزوج بالحركة المموسقة ليصبح بعد ذلك الخبير والاستاذ المتمرس وصاحب تجارب متعددة ناجحة شكلت مع تجارب اخرى اساسا لتاريخ البصرة والعراق المسرحي بكل ابعاده المتقدمة.
فمن هو صاحب هذا المنهج المتنور يجيبنا على كل هذه التساؤلات هذا الحوار الشيق معه، د. حميد صابر اسم لامع
وكبير في ميدان المسرح فهو فنان وكاتب وممثل ومخرج واكاديمي بدأ عشقه للفن وهو صبي وبالاخص المسرح فارتقى خشبته فتياً وحمل الرسالة وكان وفيا لها متمسكا بها وبرسالته الانسانية. ففي هذا الحوار معه كشف عن العديد من الاراء الخاصة بعمله وانجازاته سواء على خشبة المسرح او في مجال العمل الاكاديمي.
فقلت للدكتور حميد :
* عرفك الناس بانك مسرحي منذ سنوات الصبا فلماذا المسرح دون غيره من الفنون وما أغراك به؟.
– المسرح رسالة تجمع ببن الفكر والجمال وله سحره وهو منذ نشأته يمارس دورا تربويا اخلاقيا يسعى للتنوير والتحريض والتثوير وفق صيغه الجمالية الدلالية وباساليب واتجاهات مختلفة اساسها وجوهرها العلاقة مع المتلقي لكشف وتعرية واقعه واتخاذ موقف ازاء هذا الواقع وربما الكون باسره والوجود برمته والانسان ومصيره وقدره وذاته ومعاناته ولان المسرح لقاء حي والان وهنا نعشقه ونتواصل وبتواصلنا نحقق الرغبة بالحضور الفاعل المؤثر مع الجمهور
* انت اكاديمي ومخرج متخصص لكنك تمزج بين اتجاهين، المسرح الشعبي والمسرح العالمي فإلى من تنحاز؟.
-انااسعى للمزاوجة وتضافر الاساليب التي تنصهر ببودقة واحدة تنتج خطابا جماليا يرتكز على قاعدة اثراء العرض بروح المعنى وفق شكل ومبنى يؤسس لعلاقة فاعلة مع متلقيه دون ان نركن للسهل واليومي الرتيب بل نعمل على الارتقاء بوعي وذائقة الجمهور ولنجعل من المسرح برلمانا للحقيقة والموقف المضاد لكل استغفال لعقل المتلقي وتغيب عقله بل ونصر على استفزازه لاتخاذ موقف ضد الطغاة.
* ماهي فلسفتك في حياتك الفنية وهل تجد ان المسرح صانع الحياة؟.
-الفن يعيد انتاج الوعي ويرسم معالم الطريق ويحسن ويثري الحياة بالاسئلة ويحرك المشاهد ويعزز روح المواطنة وتاريخ الفنون تؤكد اهميته فالفن بعناصره الجمالية ورسالته التربوية يواجه الارهاب الفكري والنفسي والاجتماعي لينير درب البشرية نحو الحرية.
* ما الذي اعطتك سنوات الغربة وهل اضافت لتجربتك رؤى جديدة او استفدت من تجارب الاخرين؟.
-الغربة اول درس في اعتزازك بوطنك واهلك وهي ايضا تجربة رغم قسوتها الا انها ممارسة لتحقيق الذات والتعرف والاطلاع على تجارب وافكار الاخر ولتكتشف ايضا مساراتك وتوجهاتك فنيا وفكريا وهي ايضا تمنح فرصة جميلة لتتعرف على زملاء واخوة واصدقاء وان تجد معهم محبة العراق وشموخه وتاريخه الذي تحمله معك نبراسا وعلما وفيضا من دروس وعبر.
*اي من الكتاب المسرحيين تميل الى اخراج مسرحياته والتعامل معه.؟.
– ارى ان التجربة الاخراجية لكي تمتلك هويتها الخاصة حين تجد كاتبا عراقيا يعيد انتاج وتشكيل واقعنا برؤى جمالية فكرية متجددة وهذا ما وجدته بقوة عن الكاتب المبدع الاستاذ عبد الكريم العامري في اكثر من نص مهم وهما قيد دار وكاروك وايضا مع الشاعر الاستاذ كاظم الحجاج في مسرحيتي الصوت وملابس العيد واجزم ان للكاتب المبدع الاستاذ على الزيدي تاثير في التجربة المسرحية العراقية والعربية ولايمكن ان انسى الكاتب الراحل الاستاذ جبار صبري العطية ونصه رجل من ماء والذي اخرجته موظفا فيه تراث البصرة الغنائي الراقص بروح بصرية مميزة ويطيب لي الذكر لنصوص البحر والموروث والشعر والاحتفالية للكاتب الشاعر الكبير الاستاذ شاكر العطار هذا الذهن والخيال الشعري الشعبي وتوظيفه ايضا لتراثنا الدرامي وخاصة في عملين مهمين في مسيرتي المسرحية وهما احتفالية للوطن والناس و كرنفال شعبي للعريف علوان وهما مثال فاعل للمزج بين الشعبية والجمالية ومن الكتاب الذين اعتز باخراج لمسرحياتهم الاستاذ حسين عبد الكريم في نصين عميقين هما كمرة وليل وسفينة و موال عشاري وهما استمرار لتوظيف التراث والوانه في المسرح العراقي البصري وهنا اؤكد اعتزازي بتلك التجارب المسرحية التي ارخت بالدراما مراحل مهمة من تراجيديا الوطن وامجاده واسئلته وموقفي ازاء كل شر وظلم وقمع لارادة الانسان الحر
*توجهت للتمثيل في البداية وتواصلت ممثلا في العديد من الاعمال فأي الشخصيات تود اداء دورها؟.
-الكثير من الشخصيات احب ان اؤديها ولعل اهمها مسرحيا الملك لير وبولونيوس او شخصية عبدالله بن عفيف الازدي
* كيف ترى المسرح العراقي اليوم وهل من مقارنة مع المسرح بالأمس؟.
-المسرح العراقي تاريخ من التجارب المهمة عراقيا وعربيا وله بصمة وهوية يشهد بتميزها العرب ومن خلال مشاركاته في عدد من المهرجانات العربية والدولية وعلى الاصعدة كافة من اداء ونص واخراج وسينوغرافيا ولكن ان الفترة التي اعقبت الاحتلال شهدت تراجعا ملحوظا وبسبب من الاهمال والقلق وربما من وجود عناصر طفيلية لا علاقة لها باصل وجوهر مسرحنا وبالمقابل لا يمكن ان نغفل وجود عروض مميزة لشباب المسرح العراقي والتي أكدت حضورها وتجديدها للممارسة المسرحية وباشكال حداثوية استطاعت ان تترجم وتعبر عن مرحلة ملتبسة ومضطربة من حياة وتاريخ الوطن الجريح ومواجهة وبرسالة المسرح ايضا الفساد في مختلف نواحي الحياة والمجتمع.
* في البصرة تاريخ مسرحي مهم كاد يغطي على كل الانشطة بالعاصمة والمحافظات لماذا تم تغييب هذا الدور ومن هم رواده؟.
– البصرة تاريخ من الابداع المسرحي والقصصي والشعري لا تخطئه عين منصف فالبصرة وجود حضاري يشع على عراقنا ويثري الحياة الفنية والثقافية للعراق وان يحاول البعض اغفال هذه الحقيقة فهو كمن يغطي الشمس بكفه المرتعشة وربما مستلة المركز والهامش لا ارى لها حيزا وقيمة الان بفضل قنوات التواصل فضلا عن ابداع مدن العراق الاخرى ومنها بصرتنا الحبيبة تجاوز هذه الاشكالية المفتعلة من مجموعة تخشى الابداع في كشف اختبائها خلف المركز والهامش ولاغراض ذاتية مريضة واخرى ادعائية سعيا مشبوها لاهمال مبدعي المحافظات العراقية وهم في كثير من الاحيان الاجدر في تصدر المشهد الثقافي والفني.
* على المستوى الشخصي ماهو المنجز الذي تفتخر به مع استعراض لمجمل اعمالك؟.
– الفخر لي في كل اعمالي فهي تاريخي وتاريخ مدينة ابدعت وهنا اقدم شكري واعتزازي لكل من عمل معي كاتبا وممثلين وفنيين وعاملين وجمهور لازال يتذكر بعمق واعتزاز اعمالي التي كثفت تاريخ مهم من ايامنا الصعبة
* على صعيد الكتابة هل قدمت مسرحيات من تأليفك ماهي ومن اخرجها؟.
-انا كتبت مسرحيات ومسلسلات ومنها مسرحيات رقصة الخيول وانتظار ميم والسوس والموديل ومسلسل ظل الحكايا ومسلسل اخر في طريقه للتنفيذ خير الاصحاب.
اذن كنا في رحلة جميلة مع عالم الفنان والأكاديمي المعروف د. حمبد صابر استاذ المسرح في كليات الفنون الجميلة التي عمل فيها سواء في البصرة او واسط.
ومما يشار إليه اختياره عضوا في اللجان التحكيمية للمهرجانات الدولية للمسرح في الداخل والخارج ففي تونس اختاروه رئيسا للجنة التحكيم وفي المغرب ودول اخرى وذلك لخبرتة المتراكمة ولمعرفته بشؤون المسرح.
فهكذا هي البصرة ولادة للمبدعين دوما وستبقى كذلك.
المصدر: مكتب شبكةالاعلام في الدانمارك