– الكاتب يعيش قلقا مستداما هو قلق الكتابة.
– ارى هناك فسحة أمل في عودة زهو المسرح العراقي.
– انا انتمي لفعل الكتابة بكل اجناسه.
البصرة : مكتب شبكة الإعلام في الدانمارك:
عبدالكريم العامري اسم صاغ حروفه بالتعب والسهر للبحث عن لقمة عيش شريفة فانطقته الحياة شعرا ومسرحا وروايات كان فيها متقدما على جميع اقرانه لانها انطلقت من بين الناس ومن الدرابين الضيقة واملاح الفاو فهكذا هو يغوص في الطرق المظلمة لينير درب الفقراء.
اليوم اردنا ان نجعله يجيب عن كل ذلك في حوار اجريناه معه ولنرى ماذا سيقول.؟
* متى يشعر الكاتب انه بحاجة لان يكتب؟ وعن ماذا يكتب؟
– لا يوجد وقت محدد للكتابة فالكاتب يعيش قلقا مستداماً هو ما يمكن ان نسميه قلق الكتابة وبدونه لا يمكن انتاج أي منجز كتابي. قد يباغتك موضوع ما في أي لحظة لهذا يكون الكاتب متأهباً، كما لا يوجد وقت محدد للكتابة أيضا لا يوجد مكان للكتابة، قد تكتب في المنزل او في العمل او في المقهى. فعل الكتابة يبقى منتظرا اللحظة التي تدفع الكاتب للبدء به. أما عن ماذا يكتب الكاتب فذلك أمر متروك لمزاجية الكاتب واستعداده لخوض غمار الكاتب ففي بلد مثل العراق هناك كثير من الموضوعات التي يمكن التصدي لها. قد تختلف الكتابة الابداعية عن كتابة المقالات (سياسية كانت او اقتصادية او غيرها) لأن الكتابة الابداعية تحتاج الى قدر كبير من التخيّل الممزوج بالواقعية.
* كيف تحول عبد الكريم العامري من شاعر باللهجة العامية الى كاتب يحصد الجوائز في الكتابة للمسرح.؟
– لم يكن تحولاً. فقد كتبت القصيدة الفصحى في أوائل السبعينيات ونشرت أولى القصائد في جريدة المرفأ البصرية وبعدها في مجلة المجالس الكويتية. بدأ معي الشعر الشعبي مع بداياتي المسرحية أيضا لأني كنت اكتب المسرحية باللهجة العامية والاوبريت وكان لهذا الجنس الادبي الاثر الكبير في أن اكتب الشعر الشعبي بكل ألوانه كونه يتضمن الشعر، وربما كانت ظروف المرحلة التي مر بها العراق تتطلب منا أيضا ان نستخدم كل أدواتنا للتعبير عن مواقفنا الوطنية.
* ماذا اعطتك التجارب الحياتية التي عشتها متنقلا بين بائع الخضروات الى مصور متنقل الى اعلامي ناجح في الفضائيات وهل امدتك معين خاص؟.
– كل تلك التجارب كانت روافد لكتاباتي في الشعر والمسرح والرواية. لا يمكن ان يكون النص مؤثراً بالمتلقي ما لم يكن صادقاً حاملاً هموم الناس ومعاناتهم لهذا جاءت نصوصي تحمل هموم القاع العراقي بعماله وفلاحيه وشبابه. احتفظ بتلك الوجوه التي إلتقيتها في ذاكرتي واستلها متى ما تطلب نص ما ذلك سواء في المسرح والرواية وهذا اكتشفه بعض النقاد الذين كتبوا عن بعض مسرحياتي.
* انت تكتب الشعر والمسرحيات والروايات فإلى اي صنف تنتمي او بتعبير آخر في اي صنف تبدع؟ وهل يمنحك التنوع في الكتابة امتياز خاص؟
– انتمي لفعل الكتابة بكل اجناسه! قد يبدو هذا الامر تشتتاً، او هكذا يمكن ان يتبادر لذهن القارئ، لكني امتلك طاقة لا يكفيني التعبير عنها في جنس أدبي مخصص لهذا اصدرت ثلاثة كتب شعرية وثلاث روايات ولدي ثلاثة كتب في المسرح فضلا عن المسودات التي تنتظر. لا أجد أن هذا التنوع امتيازا خاصا لأن هناك كثير من الأدباء في العالم كتبوا الرواية وكتبوا المسرحية والشعر وكانوا صحافيين أيضا! المسألة تتعلق بالقدرة والطاقة وكما قلت ان الطاقة المخزونة في صدري لا يكفيها تلك الانواع بل تعداها الى أمور أخرى فأنا منذ سنوات اقدم دروسا في صناعة الرسوم المتحركة وهذا بعيد كل البعد عن منجزي الأدبي.
* اين تجد نفسك بين الكتاب من جيلك رغم اني لا اجد من يشبه توجهك؟.
– ربما انتمي الى الجيل الضائع الواقع ما بين جيل السبعينيات وجيل الثمانينيات اما ما نسميه بجيل الحرب. اعتقد ان القارئ والمتابع سيجد ان ما اقدمه قد يختلف عن زملائي الذين نشأوا بالفترة الزمنية التي بدأنا فيها.
* اين سترسو سفينتك اخيرا في المسرح ام في الحياة المطلقة؟.
– سفينتي لا ترسو أبداً، أنا في هذا المجتمع الذي تغيرت موازينه اخوض في يم عاصف وهو أمر نفعني ككاتب من خلال غزارة الانتاج ونوعيته، شعرا ومسرحا ورواية. ما يشغلني هو الوقت الذي أجده ضيقاً وأخشى ان لا أصل لما أطمح اليه. أرى ان الوقت ينزلق بسرعة لهذا تجدني قليل النوم، فمعدل نومي اليومي لا يتجاوز الثلاث او الاربع ساعات. استغل الليل كله للقراءة او الكتابة.
* من هم الذين امامك عندما تكتب ومن هم ابطال روياتك ومسرحياتك هل هم من الواقع الفعلي ام انك تخلقهم في الخيال؟
– الواقع والخيال يمتزجان في كتاباتي. بعض الشخوص هم من عامة الناس وأقربهم لقاع المدينة. المجانين، المتسولون، الامهات الثكالى، الاطفال الايتام، اللصوص من المسؤولين.. وهكذا. وتجدني أيضا بين شخوصي من خلال افكاري خاصة في المسرح، أحاول أن أعيد تأثيث النفس العراقية التي جرّها التيار وابعدها عن حقيقتها.
* بعد فوز اغلب مسرحياتك بالمراكز الاولى هل فكرت بالتعاون مع مخرجين عرب لاخراج اعمالك؟
– في العام الماضي شاركت بدورتين مسرحيتين في لبنان كعضو لجنة حكم. مهرجان مونودراما المرأة في شهر آذار ومهرجان الرقص المعاصر في شهر تموز وقد التقيت بكثير من الفنانين وبالفعل قدمت فلم العودة الى ساوباولو وهو فلم برازيلي تم انتاجه في البرازيل بطولة الفنان اللبناني قاسم اسطنبولي وباللغتين العربية والبرازيلية. وفي هذا العام قدمت لي مسرحية وما ملكت وهي مونودراما للفنانة والمغنية التونسية هاجر سعادة واخراج العراقي سجاد الجوذري والتونسية أحلام البجاوي وقدمت في مهرجان خريبكة بالمغرب وحصلت على اربع جوائز وكتبت عنها الصحافة التونسية والفرنسية لأنها تتحدث عن معاناة المرأة الشرقية. وهناك مشروع مع فرقة مسرح الجدار الفلسطيني لتقديم احدى مسرحياتي.
* كيف ترى حركة المسرح في بلدنا اليوم. وهل تعتقد انه سيعود الى سابق عهده؟
– ما فات قد فات! المسرح العراقي حبيس المهرجانات وأنا اتحدث عن المسرح الجاد وليس المسرح الشعبي الذي يطلق عليه بعضهم المسرح التجاري (وانا لا اتفق على هذه التسمية) في الفترة الاخيرة بادر الشباب الى مسرح الشارع وهذه خطوة كبيرة من اجل ايصال المسرح للناس. ما فائدة المسرح ان لم يشاهد عروضه الناس؟ نحن نكتب للناس.. نكتب للمهمشين في مجتمعنا وليس فقط للنخب الثقافية. اعتقد ان في الأفق فسحة من أمل في عودة زهو المسرح العراقي.