1.
يا صاحبَ الوعد
حملوا رأسكَ فوقَ الرماح
وطافوا به كوفة الوعد. أيّ وعد؟
كنتُ أبصرُ شهوةَ الدينار
تلمعُ في عيونهم الكليلة
وأبصرُ شهوةَ الغدر
في سيوفهم المُغبرّة.
2.
يا صاحبَ الوعد
كنتُ أركضُ خلفهم
– أنا الشاهدُ الأخرس-
وأكادُ أختنقُ من ترابِ الخيول.
لقد انتصروا!
الله أكبر!
وكانت الدنانيرُ تُلقى على الناس
في كوفة الوعد. أيّ وعد؟
وشعراءُ الكديةِ يهلّلون
لدمِكَ المسفوح
ويمتدحون رمحاً حملَ وعدَك
وسيفاً حزَّ عنقَ مُحبّ الإله.
3.
لبّيك
يا حاءَ الحق.
لبيكَ يا سينَ السرّ
وياءَ السرّ ونونَ المحبّة.
لبّيك
دمعي يطفر.
حافياً أركض
خلفَ خيولِ المنتصرين
ورأسي أشعث.
أصرخُ: لبّيك،
كيفَ يُسْلَبُ قلبُ النبوّة؟
لبّيك،
كيف يُغْتَالُ بريقُ سيفِ أبي تراب؟
لبّيك،
كيف تناوشتْ سيوفُ الحُثَالة
ضياءَ الإله؟
الله أكبر!
كيفَ يبتهجُ الكَفَرَةُ الفَجَرَة
بتكسيرِ أجنحةِ الملاك؟
الله أكبر!
دمعي يطفر،
كيفَ يرقصُ الأوغادُ كالقِرَدَة
فرحين حدّ الجنون؟
كيفَ يُسْتَبدَلُ حلمُ الأمين
بحلمِ الغدر؟
بل كيف يُسْلبُ قلبُ الأمين
في كوفة الوعد. أيّ وعد؟
لبّيك
– صرختُ عندَ رأسكَ الطيّب-
يا صاحبَ الوعد
– ولوّحتُ بقلبي المُمزَّق-
وداعاً أيّها المُتبرقع بدمِ الأنبياء.
وبكيتُ أكثر من ألف عامٍ وعام
بدموعٍ من لوعةٍ واشتياق.
كانتْ خيولُ عبيدِ الدنانير
تنهبُ الأرضَ نهباً
ورأسكَ ينهبُ التاريخَ نهباً
بدمه الطيّبِ الزكي
ليكتبَ سرّاً لا يدانيه سرّ،
ليصبحَ اسم الشهيد له وحده
سرّاً لا يدانيه سرّ:
سرّ الحاء والسين والياء والنون
يُقْتَلُ غدراً
ويُمَثَّلُ به في كربلاء البلاء
ثُمَّ يُطافُ به في وضحِ النهار
في كوفة الوعد. أيّ وعد؟