رواية (غرفة 13) للأديبة الشابة كوثر العزاوي الصادرة عن دار الخان للطباعة والنشر ،2021، تقع احداثها خلال حقبة ما بعد التغيير 2003 لكنها تقدم وفقا لاسترجاعات الاحداث بطريقة كتابة المذكرات ، او الاسترجاع السردي ، وانا اقرأ عتبة الرواية ( غرفة 13) لا اعرف لماذا تذكرت رواية (غرفة 13 للبريطاني ادغار والاس وهي رواية جريمة صادرة عام 1924 ، وكذلك تذكرت رواية الدكتورة ياسمين أنور مصطفى الموسومة بنفس العنوان ( غرفة 13) الصادرة 2020 ضمن تصنيف روايات الخيال ، وأيضا احالني العنوان الى الشؤم الذي يحمله الرقم 13 في الثقافة والموروث الغربي والذي يتجنبون كتابته على منازلهم او ارقام غرفهم، هل رواية (كوثر العزاوي) تحيل لهذه المرجعيات؟ هل من قبيل الصدفة ان يتشابه الوان غلاف ياسمين وكوثر ؟! ورغم ان الرواية نتاج ورشة للكتابة ، الا انني لدي بعض الملاحظات الفنية التي أتمنى ان تتقبلها الكاتبة برحابة صدر، وحتى لا ابخس الكاتبة حقها أقول انها تمتلك رصيداً لغوياً ومفردات لغوية تدل على موهبتها وتمكنها من التميز بالكتابة ، وهو ما يتوضح بكتابتها (333 صفحة) وهي في مقتبل عمرها الادبي واعتقد انها روايتها (البكر) فهي تمتلك الأداة اللغوية القادرة على صياغة تجارب أخرى اكثر نضجاً ودهشة ، والرواية تصنف على انها من الروايات الواقعية التي تتحدث عن هم مجتمعي بطريقة واقعية وبشخوص يتميزون بملامح واقعية واضحة، كذلك تمنيت على الكاتبة وضع سيرة تعريفية لتعرف القراء بنفسها ككاتبة فلا يضم الكتاب أي شيء يستدل به على الكاتبة او شخصيتها ماعدا الاسم!! سيما انها التجربة الأولى مع المتلقي (القارئ) وربما سينتابه فضول معرفة صاحبة الرواية ، واعتقد كذلك المسطور الذي جاء بختام الغلاف الخلفي قد (افصح عن الكثير) وهو ما لم يكن ضرورياً في ظل الأهمية الجمالية لترك مساحات للقارئ (لكي يملئها) ، الرواية حفلت بالاستطرادات والمشاهد المطولة فالاستطراد يخلخل التوازن في الإيقاع السردي للرواية ، ويشتت انتباه القارئ ويعطل من (الأفعال السردية) كما حصل في رواية كوثر ، لانها رواية طويلة وممكن حذف العديد من الصفحات التي لا تتأثر بهذا الحذف، فتدوير الجمل والأفكار كان حاضراً وممكن للساردة ان تكتنز مثل هذا التدوير والتكرار الذي قد يحدث الملل لدى (القارئ) ثم ان الرواية مساحة كبيرة للسارد لكي يوصل (القيم بمدلولاتها وتمظهراتها كافة) وهي مساحة جمالية وفكرية للتفلسف وإبراز القيم الحياتية الكبرى ، فلا مساحة اكثر مناسبة من السرد الروائي لكي ينفتح السارد على هذه القيم ويؤثث بها سردياته وحتى وصفياته، وهي مساحة له على مستوى (ابراز القيمة) وحتى ابراز الذات عبر ما يتراكم من مخزون معرفي وتجربة بلوعة الحياة ومفترقاتها والتي تشكل هذه الرواية (ثيمتها الأساس) ، وهو ما أوقع الروائية بشيء من المباشرة الواقعية واحيانا التكرارات ، اذ نشاهد اختلال التوازن بين مقومي السرد والوصف، فالوصف الزائد عن حده يصل بالرواية إلى حد الترهل. فالروايات الطويلة من حيث الحجم غالبا ما تقع بفخ الاستطرادات ، والتي في غالبها استطرادات سلبية لا تغني من قيمة الجملة السردية ، او المشهد السردي، فقد اختفت قيمة (المعاني) في ظل المباشرة والتكرار النمطي لجمل سردية اقل ما يقال عنها انها روابط تؤثث فضاء الرواية بشيء من الترهل الملحوظ ، وأكرر رغم ان (كوثر) تمتلك لغة سردية جميلة الا انها لم تحسن توظيف هذه اللغة (بالاكتناز) والتوظيف ، ووضعت كل شيء امام القارئ ولم تترك له حتى فرصة التأويل او التأمل وهذا بالضبط يفقدها الدهشة ، الا ان هذا لا يعني ان كوثر لم تكن تدرك جيداً اللعبة السردية من حيث ادخال أساليب (المذكرات) او تكرار بعض الثيم والعمل على مدلولاتها (الكتاب ، ثيمة الوطن) الا ان سمة السوداوية كانت مهيمنة على موضوعة الرواية حتى انها احالت الفضاءات المفتوحة وطقوسها الى (بؤر بؤس وخسارات) وهو ما يحصل مع الفضاء المفتوح لسماء بغداد وشوارعها وحميمية امكنتها في رواية كوثر، رغم انها عرجت على ثيم مهمة تتعلق بالاحتلال الأمريكي 2003 وإرهاب داعش ، وغيرها من المشاهد المتصلة بلوعة الوطن ومعاناته وارهاصات مواطنيه بعد 2003 ، أتمنى ان تتقبل كوثر هذه الملاحظات برحابة صدر ، وما كتبت هذه الملاحظات الا اني مؤمن بموهبتها السردية ، وحتى تخرج تجربتها القادمة اكثر نضجاً وابداعا ودهشة.