أن أعمال الفنان التشكيلي والطبيب العراقي علاء بشير يشخص لنا الكثير من الملل الوجودي؛ الذي يتوافدنا في محنة ضيم النفس وتركة الثقافة والحياة اليوم. وأوله الملل الوجودي؛ الذي يشرع أعتى الإيفاء في قيمة جمالية التساؤل٬ وإعادة التمييز بين الموجود في التفكير٬ والإنوجاد في معظم الأجابات المؤولة٬ و أيضا في رطانة غيرية المنثنى التعقلي٬ في اليقينيات السريعة الجاهزة؛ التي يعج بها الوعي الأنساني المعاصر٬ وهو ما يمكن تسميته في خلاصات المدينة والخيال؛ التأملات المنجزة بـ”ملل التفاعل الوجودي وأنسية ما الحداثة” بالفكر الفلسفي الحدثوي؛ التعيين السئال٬ به يعاود علاء بشير ـ من ملونه ـ توثيق التساؤل والتحيير بآضمومة؛ لونية مفارقة الموضوع٬ وفروسية “المنثنى التعقلي”٬ وأيضا مضمون تقويم الملون٬ حين يرافق الفرشاة.
وها هنا لا مناص من الأنطلاق من المفارقة؛ في كل آعماله الفنية التشكيلية يبحث ما ينحاز إلى طبيعة “الحقائق” نصوص لونية لفعل الملل٬ حدوث الرودود الجاهزة للظواهر٬ والمفاهيم الغامضة على خصائص معينة؛ التي تلوكها اختصارات وخفايا حدود الفلسفة منذ حيرة الخليقة الأولى بالسؤال٬ بدء يوفيها محنة العقل٬ ضيم الإنسان عليه٬ وهو ما يمكن تسميته بـ “سحنة تصاريفها المسربلة” أو تجذاب الأخرى وهي تأخذ بـ”رمزية نسيان منقول من و إلى الكينونة” وعالم تمكن ما يستفرغه قلق ذاكرة الفنان الإنسية أجدرها في التخطي٬ من انفراد التجاوز الاعسر والأضيق٬ بل والأقل٬ أي كينونة عنفوان العالم المأمون٬ ولعين شروطه التي يحددها الإنسان٬ والأشياء التي تستبعد إلى عدم كفاية قوة التمكن من التحرر٬ إذ استفرغت في تاريخ جوهر الفنان على لسان اللوحة٬ ملازمة لعنة الألوان٬ عن استبعاد مسافات الفرشاة٬ في لسان إلى ملل انعدام المعرفة في ظل دقائق المسافات المسائلة في زوايا اللوحة٬ والالألوان غير المؤمنة علمها بالشيء٬ من ضيم تاريخ نسيان الكينونة.
إن الفنان علاء بشير يدين ما يخطيء في الاستحالة والمعاينة لدى مبتدئها٬ في ملل المأمون٬ أعني عنفون النفي الجدلي حول هذه الصنعة الحادثة والمحددة٬ والاستحالة المسنودة تأويلها بتأويل أصول المعارف بعدمية معرفة العقل “سلطان الإنسان الشهير” قدرة كافية تمكنه من الترجمة؛ في موقف تقريب واستبعاد المخيال التأويلي٬ حيث أن آغلب آعماله الفنية التشكيلية تأخذ هذه المفاهيم والظواهر بوصفها ترميزات لـ”حقائق” مطلقة لا يطالها شك.
وحين يردها إلى ما يلحق بالألوان وحركة الأشياء بالأصول٬ أعني النصوص التأويلة وضيم الأحداث في التحقيق٬ من فساد التأويلات٬ بفعل تعاقب المؤلين عبر الألوان المترامية الأبعاد في موضوعات اللوحة٬ وترامي المعاني بين المخيال والمخيال. ولهذا يطرح الفنان علاء بشير من خلال توزيع الكتل اللونية؛ تراكم المحن٬ شروط الملل؛ الذي يكتنف المعرفة: ضيم النفس٬ جذر القياس المعرفي مع معرفة المناقب للحكيم؛ ميزان ما يكابده ويشغلها “مؤطرها الممتحن”٬ يحوز أسئلته بشكل آعمق بيانا٬ وتراجيح شروط تراشق النفس القلقة؛ ما يضيق ويتوسع من حيثيات منقولاتها ومقولات مترجميها٬ توفي أو تغترب في عين مماثلات جذريتها ووجيهها.
ثمة٬ إذا٬ حيثيات فطنة الأدهوشة في هذا الوجود: ما هذا الذي يجعل الملل يغطس بتساءل ما الإنسان؟ وما معنى وجوده ومصيره؟ ما هي الخطيئة الذي يؤسر في هذا “العالم المجهول” مهروس وجدانية للبقاء٬ مأزوم تهديدات من الخارج مقشعرالجوهر؟ و” المجاهيل الظاهرة والباطنة/ قوة الظهور والإضمار في الأشياء”؟ إذن ما الذي نسميه فكرا واهما من تلك الحقائق؟” أسئلة لها عناوين لأعمال مدجنة في الوان ورموز موضوعات متبلورة٬ لها من الطرح ما يشغل عالمه الفني أمام اللوحة٬ هو: عن آية أجناس الالوان لغة يتحدث؟ وعن من يتكلم ويصرخ فينا؟ وما هي معاول الحفريات المأنوسة يذكينا؟ وما حل من تجارب “الإنسان” الذي جعلنا نتدافع به ليعيشه “الملل الوجودي”؟ أو هي صرخة التمرد المرفوعة بوجه عصر الوجود الحداثوي؛ آنسية التاريخ٬ التشرد٬ القتل العام٬ مسوخة قيمة جمالية الوجود؟ وهي المغزى لأعالى تجارب انتخاب يقينيات جاهزة متعددة من داخلها ” تاريخ نسيان الوجود” إلى الحداثة في تخارجيتها.
الملل الوجودي الثاني الذي يشخصه لنا علاء بشير ـ بتفرد منه ـ هو الملل الوجودي في قيمة جمالية التفكير مع الفلاسفة والمفكرين؛ في قراءتنا لنصوصهم٬ بدل إعادة إنتاج أطروحاتهم ومقارناتهم للأشياء٬ تذكرنا اعمال علاء بشير في معرض مساءلته لماهية ادوات المحنة وتفاعلها الماهوي في المساءلة الأخلاقية “الفكر”٬ طارحا؛ أن الفكر القييمي للخير لا ينتج أطروحات مغلقة حول العالم والإنسان والوجود٬ بل يشق منفاه٬ داخل زمانية اللغة اللوني بوصفها مسكن الكينونة٬ فزمانية فكره لا تكفي بتقديم تخريجات متعددة لأية مقاربة؛ أو مقدمات فلسفية٬ أو نص أو معتقد لوني٬ بل يشخص علة “الرفقة”٬ مسكن كينونة المنفي في جوهره” كيف يفكر ويرسم ويحقق “الشيء” بتظلعات تخصه هو فقط٬ وبهذا ابدع فكر علاء بشير اعمالا فنية فلسفية لا ليصنع منها منجذبين و أتباعا أو مريدين٬ أو مؤمنين أو أي مذهب ناظر مغلق٬ بل يأخذ بيد المتلقي والقارئ إلى أساليب التفكير والشك٬ فنا وفكر يشذب على نقاهة تحرر هذا الإنسان حبيس يقينياته الجاهزة٬ وكسله العقائدي المزمن٬ وفي غمرة التفكير مع فيلسوف الغاية السواء٬ يصحبنا معه؛ نكتشف ذلك الهول المريع من الاعتقادات الزائفة والمفاهيم الرخوة المتسرعة٬ وتلفيق الأكاذيب الضخمة التي ما فتئت السلطة تزين بها الوهم الوجودي الإنساني٬ وحينها يدفعنا فنه الرشيق ليمكننا أيضا أن نكتشف ذواتنا للتعبير بصرخة فاعلة تنسجم مع سخط ما يحدث في “مسكن ـ اللوحة ـ الكينونة وزمانية اللغة الوجودية”٬ جامعا فيها وحدة واجبة وجودها٬ تعريفنا المشخص عن قيمة الإنسان الفضلى٬ اما٬ أو: أننا لم نجهز للتفكير بعد..!!
ثمة ملل وجودي أخر وفرته لنا اعمال الفنان؛ الثقافة الإنسانية بمهارة من خلال “غنيمة الحرب” ويلقننا إياها هذا النمط من الملل الوجودي هو التفكير(على مستوى “العراق خاصة”٬ و”العرب ثانية” وشعوب العالم ” كبش الفداء” اجمع)٬ وهي “الملل الوجودي الجذروي” الذي هي الخاصة الأصلية والمعنى الأعمق لمفهوم “الملل الوجودي” “ماهية الفكر” كعلة مشاغبة٬ والتي لا يزال الفكر الإنساني يمزج بينها وبين نتائج التطرف الوجودي الذي يشكل تعريفات للمفهوم الأخلاقي والسياسي٬ بينما تعني الملل الوجودي الجذروي لدى “كلكامش وانكيدو” (الباحثان في الملل الوجودي الجذروي للشيء واقتلاعه) ولا يعني الملل الوجودي الجذروي عند علاء بشير النأي والتخلي عن كل الأحكام المسبقة حول المحنة الأولى للعقل كما يطرحها الفلاسفة الفنانيين المبدعيين٬ بل٬ تطوير الأساليب الفنية وأغناء الموضوعات الكيفية التي يجرؤ الفكر بموجبها على تحفيز مواجهة تفكير التوهيم في “اللامفكر” وحصر تفكيك وتدمير الأطروحات الواهمة حول “وجود الشيء ـ وجوهرعالمه” وتوضيح المناقب المتعددة في كشف معطيات تحليلية الخصوبة لتصاميم الآفكار أي فتح الطرق المنهجية المختلفة التي يكون عليها معالجة الملل الوجودي بالوجود الإنساني الحيوي٬ حيث أن “الخصوبة” تلوين وتصميم محتوى الوجود ـ إرادة ـ “أنا هنا” هو تطعيم وتلوين للأخر لمفهوم الإنسان العام بوصفه تلك صانع الألفة الأخلاقية المشتركة٬ لا الاوهام المبهمة والمتسرعة بين تفاضليات قوة الحياة وخفاضة العقل، المهانة الذارئعية للإنسان بالحيوان العاقل٬
هنا نستخلص أمامنا٬ المماثلة٬ ثمة ضياع جذري في مرجعية النقل٬ إشكالية بالمماثلة في كل نقلة فرشاة للون٬ متعذرة الأنتقال إلى تأويلات مخارج النقل٬ محنة صامتة٬ ضيم جنيني٬ مكابدة عن طبيعة القوة اللونية٬ والمهارات الحركية لمملكة التحكم بالفرشاة لـ”ضربة فرشاة واحدة”٬ التي لا تتسع للونين لموضوع عن اتساع العلم بها٬ أو لدى النقل التحلي عن ملل ضياع/بحث فهم النقل.
وليس يبعد الفنان علاء بشير عن هذا التفسير ما يذهب إليه بمواجهة “المقابسات” لمختصرات المعاني٬ ناقليتها٬ المتجاوز التقصيري لتصويب قراءتها٬ من خلال اللون والحركة والزاوية الأصوب في حملة المعنى٬ فاعلا لفعل٬ بهذا الوهن في الدقة اللونية٬ ومهارة ما تراه من مرور لفراة اللطائف في البصيرة التي تبحث عن خاصية النقل لطبعة التقصير في البحث. من حيث الحذاقة والتراكم في مآل الحمل من المعنى والناقل المختصر للتقصير.
لغرض أن يجعل لنا نظرة حاذقة للمعاني؛ من ضيم متكرر٬ ومكابدة ناقلة للمعنى ومحنة في الناقل التقصير٬ يمدنا بخواص المعاني في مواجهة تساؤلات أميل فاعلا بهذا الملل عن الفنان الطبيب العراقي علاء بشير ابداعاته الرفيعة٬ إذن؛ وبهذا الوهن الوجودي؛ وما طبعه هذا الناقل إلى تصويب الملل٬ قراءات القيمة الجمالية في طرافة “الملل الزماني”؟ وتساول عن ماهية لطائف ” العقل الوجودي”؟٬ وهل جعلنا نتوصل لمعرفتهما حقا بمسؤلية قيميية٬ لكي نعرف بدلالتهما في ضرب التفقد الذي قد ضاع لذاته٬ متابعة مآلات هذا الفنان المبدع الاستثنائي؟ هكذا تتحرك شجاعة فكر علاء بشير ببيانه الفني التشكيلي الرائع٬ وتصريفه معاني الذائقة الحسية الرفيعة٬ أن يوسعه أبدان اللون للحقائق الحاذقة في العمل الفني٬ الدرجة اللونية لفعل التقصير الوهم والوهن الوجودي٬ تصريفها الواسع٬ وافتنانها المعجز في أنفس الذائقة للمتلقي٬ لإصال إلينا صرفية الحكمة٬ التي لها مقولاتها المنقولة؛ في اتجاه فروسية الأغراض٬ ونفقة تصريفها بلغة الملون الهاجس٬ بفرشاة تنمية المقابسة٬ وهي تقرر استحالة البقاء صامتة ومراقبة يعجزها سوى العبث٬ حاسة تعاني استيفاء الهدف لموضوعه٬ الدفق المعرفي لقدرته٬ فهي ليست بقايا يعجز عنها الفنان٬ بل علم وعمل من بقايا الإنسان ـ للفنان؛ وهي تخص حاسة القلق والشك العدمي٬ أي٬ رفض مجمل اليقينيات الواهمة التي تأسست عليها مقابسات رؤية الإنسان للعالم٬ وما لفتنا إليه منذ محنة تجذيره في عين رحلة العقل الأولى٬ رحلة الشر والخير وما تهجس في الأنفس من ضيم متماثل٬ كما تشكل جماليته القيمية تبديد المسافة بين النفس واللون محلا٬ عن المعنى والاستحالة٬ عن ضرب السبق على كل عبارة لونية٬ وعلى كل صوغ لفرشاة لها أصلا في ترجمة ملل النفس والمكابدة عن الضيم الوجودي٬ إذن الخاجس المعرفي اللوني هو ضيم العبارة اللونية عن في النفس والعبارة المؤجلة.
إن هذا الخط المتقدم في الملل صوغ من علاقة خط الحدود٬ والاستحالة٬ والمفارقة التي لا تنكر نقلها في فهم وتسمية المعاني التي أن يسلكها المتلقي تذكير في مفارقة المسرفين والمبالغين في توكين فهم المعاني٬ إن لم نقل التي كان يصارعها الفنان على وثبتها واثباتها. فمكان اللون والتأمل الذالة لها صورتها العقلية في تقريب وابتعاد المعنى٬ مفارقة على مصب لوحة فنية تشكيلية زاخرة المعاني؛ بدعوة تتحرى مقربها ناقلا خارج اللغة واللفظ٬ وهنا تكمن أحواليات المنجز الناقل إليه؛ أن يجعل مقربها ناقلا منجزها؛ حول مفهوم الموجود٬ اقتران يدل على جري المعاني٬ دلالة لها أسبقية قوية٬ اشتراك ونداء عال للإنسان؛ لكي يعيد مراجعة كل المفاهيم العامة٬ والأفكار المطلسمة٬ والمخيال اللامتناهي؛ الذي تقوم عليه الثقافة الإنسانية إزاء الملل الوجودي٬ مراجعة جذروية صارمة٬ ولا تهاون مع أي من المفاهيم المتهتكة٬ والمواقف الشريرة المرضية٬ والتي سفك عنها الزمان حكمتها٬ يمكن القول؛ أن الفن رسالة خلقية جميلة٬ محاولة لتلبية نداء إزاء الثقافة الانسانية للتفكير بمحبة وخير وسلام.
وأخيرا٬ ما سعت به٬ من خلال هذا المقال؛ـ إلى تقوية هذه الحاسة باليقظة؛ من خلال اعمال الفنان المبدع علاء بشير٬ في تمكنه من تسليط نبوغ الحكمة لدى الإنسان عامة٬ والمثقف العراقي والعربي خاصة٬ في التفكير الجلد والجاد مع الفنون الادبية والتشكيل بعنوان اشمل للمحبة.
وما يسعني هنا٬ إلا تقديم الشكر والامتنان إلى ادارة فريق عمل تحرير موقع “بصرياثا” ورئيس تحريره الاستاذ عبدالكريم العامري. وإلى القاريء الكريم في حري أمر الرأي حول؛ إفهوم الملل٬ وعزاء الفنان للأفاهيم المتصلة أبدا. لذا أفسح المجال لتبادل الرأي٬ أو الإضافة التي تنفع القارى٬ لتنقل له المعنى من روية وجودة٬ وتدفع إليه مناص المعاني٬ أخلص البناء٬ تقدير الفائدة للثقافة الإنسانية٬ والنقل من خلالها سعة الانطلاق لمعنى مشترك٬ نسعى إليه جميعا٬ هو الخير الأفضل للإنسان.