ناظم حكمت
بمناسبة الأول من أيار ورد الاعتبار
ناظم حكمت نبض حياة وسحر جذب ومحبة وحميمية وجمال أخاذ تسري في عروقي منذ ان تعرفت على قدر من تاريخ حياة ونضال وكفاح هذا الشاعر الكبير هذا القلب والإنسان الخالد الذي لا يموت وهو ينبض بالمحبة والمودة للإنسانية جميعا وبون استثناء والذي نذر نفسه وشعره وكل تفاصيل حياته من اجل قضية عادلة وهدف سامي إلا وهو تحقيق حرية وانعتاق وسلام العالم عبر تحقيق الاشتراكية حلم الشعوب. لابد للعالم العربي عموما بكل فئاته وشرائحه وبالأخص مثقفيه كما أرى ان يكون ممتنا للروائي والمناضل الكبير حنا مينة لم بذله من جهد ودراسات مفصلة تغطي الكثير من شخصية ونضال ونتاج ناظم حكمت. حتى إني أصبحت نتيجة لذلك لاستطيع ان أراهما أقوالا وصورا ومنتج أدبي منفردين بل علمين من إعلام الفكر والنضال والشعر والأدب تجمعهما وحدة المنهج الفكري وحب الإنسان.وفاءا مني لروحي وبهجتي ومتعتي بسمو وإنسانية وثراء ناظم حكمت في ذكرى رحيله الرابعة والأربعين إلا ان أضع مع كل الأحرار في العالم أكاليل الزهور على ضريح ناظم حكمت واذكر المطلع وأتحف من يطلع على بعض النماذج والمختارات من رياض ماقاله وأشعاره وعظيم أفعاله….. وبعض مما قيل بحقه وهو كثير شاعرا ومناضلا وإنسانا
وبمناسبة إعادة الاعتبار للشاعر الكبير من قبل الحكومة التركية وكان ناظم حكمت قد جرد من جنسيته التركية في خمسينيات القرن الماضي لاعتناقه المبادئ الماركسية، وبعد هربه من البلاد عقب قضائه سنوات في السجون استذكر قول الشاعر الكبير الراحل رسول حمزاتوف في حتمية الموت وخلود ما يتركه من اثر بعده حيث يقول:
( كلنا سنموت لن نعيش الى الأبد
وذلك معروف وهو ليس بجديد لكننا نحيى ليبقى بعدنا اثر
بيت أو شجرة أو كلمة اوممر)
وهاهي قرارات الاستبداد تموت ويحيى ذكر وتراث وحب الشاعر العظيم ،نأمل ان يود رفاته لأرض وطنه ويدفن في قريته كما تمنى وأوصى ناظم حكمت ليعيش جسده بينهم كما عاش شعره وقوله وفعله في قلوبهم وقلوب كل أحرار العالم.
ومما قاله ناظم بخصوص الموت
(أمنا الطبيعة ستعلن ساعة الانصراف ذات يوم
قائلة:-
لقد انتهى الضحك والبكاء ياولدي
وستعاود الحياة التي لا ترى ولا تتكلم ولا تفكر دورتها اللا محدودة)
وتنفيذا لمقولة أمنا الطبيعة ودع ناظم حكمت الحياة وتوقف قلبه عن الخفقان في 361963 توقف قلب الشاعر الذي قال عنه حنا مينة(يكفي ان نقول ناظم حتى نقول الإنسان) وفي سبب موته يقول حنامينة( الذي يقرؤون رسائل ناظم حكمت وهو في السجن أو قصائده المكتوبة في تلك الحقبة رسائله المكتوبة الى كل واحد منا وكذلك قصائده المكتوبة من اجل كل واحد منا لن يتساءلوا مم مات ناظم بعد ذلك في الثالث من حزيران 1963 انه لم يمت إلا من الحب حب الإنسانية العظيم)
فمالذي سيفعله شهيد الحب الإنساني لو بقي على قيد الحياة حيث يجيب عن هذا التساؤل قائلا
(إذا بقيت سالما سأكتب على الجدران وفوق الأرصفة في الساحات العامة اشعري وسأعزف على الكمان في ليالي العيد لمن يبقون من المعركة الأخيرة وكذلك سأعزف على الأرصفة المغمورة بضياء ليلة رائعة للذين يغنون أغاني جديدة للناس الجدد والخطوات الجدد)
وشرط ناظم على الموت لكي يكون عادلا يجب ان تكون الحياة عادلة يعنى ان يحيى الإنسان حياة مليئة بالسعادة والحرية والرفاه والمحبة حيث يقول(حتى يكون الموت عادلا لابد للحياة ان تكون عادلة)
فلأجل عدالة الحياة لأجل غد الإنسانية المشرق يعزف ناظم ألحانه ويكتب أشعاره بعد ان تخلع الإنسانية رداء الحروب والاستغلال والعبودية حيث الخلاص وتجاوز وحشية الرأسمالية بالغد الاشتراكي السعيد حتى يرى الإنسان مالم يراه ويقول مالم يقوله بعد حيث يقول
( أجمل البحار: ذلك الذي لم يزره احد بعد
أجمل الأطفال: ذلك الذي لم يكبر بعد
أجمل أيامنا: تلك التي لم نعشها بعد
أجمل الكلمات: التي وددت قولها لك
هي تلك التي لم اقلها بعد)
وناظم يعرف تماما هدفه وكذلك يعرف عدوه وعدو الفقراء والمعدمين الذين تبنى قضيتهم حيث يدعوا لوحدة وتماسك وتكافل قوى البناء والكفاح من اجل الحرية والعدالة والسلام حيث يقول
(البرجوازية قتلت اثنين منا
أماتت اثنين لن يموتا منا
البرجوازية دعتنا للمعركة
وقد قبلنا الدعوة
فنحن كما نعرف ان نضحك بفم واحد
نعرف ان نحيا ونموت كواحد
كلنا من اجل واحدنا
واحدنا من اجل كلنا)
وهو يصف أعداء الحياة لحبيبته ولزوجته ويدعوها للتفاؤل والكبرياء والعنفوان الإنساني والأمل واثقة بالنصر حيث يقول:
( أنهم أعداء الأمل ياحبيبتي
نعم أعداء
المياه الجارية
والأشجار المثمرة اليانعة
والحياة المتدفقة المتطورة ذلك لان الموت طبع بصماته
على جباههم:-هم مثل الأسنان المنخورة هم مثل اللحم المتهرئ
إنهم محكومون بالانهيار الى غير رجعة
عندئذ ياحبيبتي سوف ترين بكل تأكيد
ملائكة الحرية تحوم في أجواء
بلادنا
مرتدية أحلى ازيائهامتلفعة ثياب العمال)
ان ناظم حكمت لايرى الحرية الاوهي مرتدية ثياب الطبقة العاملة انطلاقا من منهجه الماركسي باعتبار ان تحرر الطبقة العاملة وحريتها ستحرر الإنسانية جميعا من التعسف والقهر والديكتاتورية والاستغلال .
فما أحوجنا في عراق اليوم لمثل هذه الرؤية الصادقة لخلاص الشعب العراقي من نير الإرهاب والاحتلال والقهر والاستغلال الداخلي والمستورد وماهو أحرى بطبقتنا العاملة في ان تمزق عصائب التضليل والزيف الطائفي والعرقي لتحمل راية الكفاح الوطني والطبقي من اجل عراق حر ديمقراطي اشتراكي مستقل ملتحمة ومتكاتفة مع كل القوى المناهضة للعولمة الرأسمالية المسلحة والمتوحشة لبناء عالم الأمن والسعادة والسلام لكل الشعوب.
ان شاعرنا الكبير يدعو كافة نساء العالم وخصوصا نساء المناضلين والمكافحين من اجل غد الحرية والسلام ان يكنن رايات للثورة فخورات فرحات غير حزينات ولا منكسرات متفائلات وجميلات بجمال بيرق الثورة والمبادئ السامية التي من اجلها عذب وسجن وتشرد أزواجهن وأحبائهن حيث يقول مخاطبا زوجته بأرق وأسمى وأكثر العبارات وثوقا بالنصر وتحدي قوى الظلم والظلام :-
(اخرجي من الصندوق ذلك الفستان
الذي كنت ترتدينه حيث التقينا أول مرة
ارتديه ومري كوني مثل أشجار الربيع
أشكلي القرنفلة التي أرسلتها في الرسالة من السجن
في شعرك
ارفعي جبهتك العريضة
تلك الجبهة البيضاء المختلطة بالتجاعيد الجاذبة
للقبل
في مثل هذا اليوم
لايجوز لزوجة ناظم حكمت ان تكون حزينة مهيضة
الجناح
لذلك مستحيل
في مثل هذا اليوم
ينبغي لزوجة ناظم حكمت ان تكون رائعة الجمال
كواحدة من بيارق الثورة)
وهو يخاطب الإنسان في كل مكان وكل زمان مبشرا وواعدا ومؤكدا بزوال الظلم والاستبداد كما سينقضي فصل الخريف وإمكانية ان يخلق الإنسان الواعي ربيع الحرية والرفاه والسلام الدائم للبشر:-
( الخريف سينقضي مرة بعد مرة
والربيع سيعود مرة بعد مرة
ونحن سنقضي شتاءا أخر
متدفئين بنار غضبنا الاكبر
ورجائنا الأقدس)
وبذلك فشاعرنا الكبير يدعو المكافحين والمناضلين من اجل الحرية ان يتحصنوا بوعيهم وعدالة قضيتهم وسمو مبادئهم ضد كل أساليب القهر والحرمان الموصوف بقساوة وشح الشتاء فليتحصن بدفء مبادئه وعدالة قضيته مما يتدفأ الإنسان بالنار ليتقي أذى البرد ألشتائي القارس حيث تخلد الحياة للسكون.
وناظم حكمت لا يغفل دور وسائل الاتصالات والتقنية الحديثة في عصره في تضليل وتكبيل المعذبين والمظلومين من عمال وفلاحين وعموم الكادحين وحرف وعيهم وجرهم لمعارك جانبية لإدامة وتأبيد استغلالهم .وها نحن نرى ما يحدث الآن في عموم العالم والعراق بالخصوص نتيجة امتلاك قوى الظلام والرأسمال المسلح واذرعه من القوى الإرهابية والفاشية والمليشيات الطائفية للقنوات الفضائية ووسائل الاتصالات المتقدمة في المساهمة الفعالة في إدامة غياب الوعي الوطني والطبقي لدى الجماهير المسحوقة واستنزاف طاقاتها في الشعائر والطقوس البالية والغير منتجة لغرض ديمومة السلب والنهب لحرية وحياة وثروات الشعوب وفي هذا يقول ناظم:-
(عصافير الدوري على أسلاك الهاتف
يالها من مخلوقات مسكينة لا تعرف شيئا عن الهاتف
ليتني أرى أجسادكم ملفوفة كلاكفان
فقد جعلتم أبناء قومي
مكفوفين وعيونهم مفتوحة)
وهو يخاطب أولئك المتلاعبون بالعقول محتكري وسائل الثقافة والإعلام.
ولشاعرنا الكبير الكثير الكثير في معنى المحبة والوفاء والقيم النبيلة وهو بحق شهيد الحب الإنساني النبيل كما وصف أسباب موته الأديب حنا مينة ومنها الصداقة الصادقة النزيه بين أبناء البشر ودعوته لرعيتها من قبل الأصدقاء كما يرعى الفلاح الشجرة فكلما كانت أرضها خصبة خالية من الأعشاب الطفيلية الضارة وماءها وفير سمادها التواصل ألحميمي متمتعة بشمس الحرية والنماء كلما كان عمرها طويلا وثمرها وفيرا وخضرتها دائمة فان ماتت الشجرة لن تحيى مرة ثانية حيث يقول.
(الصداقة كالشجرة إذا يبست لن تخضر ثانية)
ومما استوقفني كثيرا ماورد من معاني في قصيدة للشاعر بخصوص النفط وعمال النفط في (باكو) السوفيتية خصوصا وعراقنا الحبيب يطفو على بحيرة من النفط يشم رائحتها المغرية ويسيل لها لعاب كل ذئاب الأرض لغرض نهبها وسلبها وقد قدم أبناء وبناة العراق عموما وعمال النفط خصوصا وكل القوى الوطنية العراقية قرابين الفداء والشهداء من اجل تخليصها من براثن الشركات الاحتكارية الطامعة بالتخادم والتكافل مع عملائها في الداخل وقد تكل هذا النضال المرير بالنصر بسن قانون رقم(80) في 1959 وقرار التأميم في بداية السبعينات.
نتيجة الأوضاع السائدة في عراقنا اليوم وهيمنة الرأسمال العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عادة آمال الشركات الاحتكارية المحرك الحقيقي للقرار السياسي الرأسمالي بل كشفت عن وجهها الحقيقي لمعاودة سلب ثروات العراق الهيدروكاربونية عبر الدفع لتمرير مشروع مسودة قانون النفط والغاز المزمع عرضها وتامين المصادقة عليها لتكتسب الشرعية القانونية المحلية والدولية خلال الأسابيع القادمة .
ان لما يدعو للفخر والاعتزاز ما تحلى به اغلب الاختصاصيين والباحثين والاقتصاديين والمثقفين العراقيين من وعي عال وإصرار لكشف مخاطر هذا القانون وإجحافه بحق الشعب العراقي وثروته الوطنية وفق صيغته الحالية.كما ان ما يدعو للفخر الموقف الصلب لعمال النفط العراقيين لرفضهم القانون بصيغته الحالية وخصوصا صيغة (عقود المشاركة) وتأييد الكثير من الفئات والشرائح للشعب العراقي لموقف العمال نأمل ان يكون هذا الأمر عامل توحيد للشعب العراقي ليكون صفا واحدا بوجه الاحتكارات العالمية بعيدا عن الشرذمة الطائفية والعرقية والمراد منها تفتيت الإجماع الوطني العراقي لنهب ثرواته واللعب بمقدراته.
فهاهو ناظم حكمت يقول ويعانق عمال النفطي باكو السوفيتية كرمز لكل العمال في العالم حينذاك حيث يقول
( وددت معانقة العمال المبدعين بمعاطفهم المز فتة
وعيونهم السود
وان اجثوا على ركبتي
فوق ثرى باكو المقدس
واحتضن النفط براحتي
واشربه
كخمر اسود)
فالف تحية لعمال العراق بمناسبة عيدهم المجيد
وها نحن نعانقهم ونطبع قبلاتنا على جباههم السمراء ونشد على أيديهم في نضالهم المرير من اجل بناء العراق والحفاظ على استقلاله وعلى ثروته. ومعهم سوية ومع اكف كل أحرار العالم نضع أكاليل الزهور على ضريح الشاعر الخالد ناظم حكمت..الذي سيظل حيا في ذاكرة المناضلين جميعا ،كماهو حيا في قلوب ابناء وطنه مما اجبر السلطات على اتخاذ قرار إعادة الاعتبار الرسمي لابن تركيا لابن كل العالم البار .
ناظم حكمت نبض حياة وسحر جذب ومحبة وحميمية وجمال أخاذ تسري في عروقي منذ ان تعرفت على قدر من تاريخ حياة ونضال وكفاح هذا الشاعر الكبير هذا القلب والإنسان الخالد الذي لا يموت وهو ينبض بالمحبة والمودة للإنسانية جميعا وبون استثناء والذي نذر نفسه وشعره وكل تفاصيل حياته من اجل قضية عادلة وهدف سامي إلا وهو تحقيق حرية وانعتاق وسلام العالم عبر تحقيق الاشتراكية حلم الشعوب. لابد للعالم العربي عموما بكل فئاته وشرائحه وبالأخص مثقفيه كما أرى ان يكون ممتنا للروائي والمناضل الكبير حنا مينة لم بذله من جهد ودراسات مفصلة تغطي الكثير من شخصية ونضال ونتاج ناظم حكمت. حتى إني أصبحت نتيجة لذلك لاستطيع ان أراهما أقوالا وصورا ومنتج أدبي منفردين بل علمين من إعلام الفكر والنضال والشعر والأدب تجمعهما وحدة المنهج الفكري وحب الإنسان.وفاءا مني لروحي وبهجتي ومتعتي بسمو وإنسانية وثراء ناظم حكمت في ذكرى رحيله الرابعة والأربعين إلا ان أضع مع كل الأحرار في العالم أكاليل الزهور على ضريح ناظم حكمت واذكر المطلع وأتحف من يطلع على بعض النماذج والمختارات من رياض ماقاله وأشعاره وعظيم أفعاله….. وبعض مما قيل بحقه وهو كثير شاعرا ومناضلا وإنسانا
وبمناسبة إعادة الاعتبار للشاعر الكبير من قبل الحكومة التركية وكان ناظم حكمت قد جرد من جنسيته التركية في خمسينيات القرن الماضي لاعتناقه المبادئ الماركسية، وبعد هربه من البلاد عقب قضائه سنوات في السجون استذكر قول الشاعر الكبير الراحل رسول حمزاتوف في حتمية الموت وخلود ما يتركه من اثر بعده حيث يقول:
( كلنا سنموت لن نعيش الى الأبد
وذلك معروف وهو ليس بجديد لكننا نحيى ليبقى بعدنا اثر
بيت أو شجرة أو كلمة اوممر)
وهاهي قرارات الاستبداد تموت ويحيى ذكر وتراث وحب الشاعر العظيم ،نأمل ان يود رفاته لأرض وطنه ويدفن في قريته كما تمنى وأوصى ناظم حكمت ليعيش جسده بينهم كما عاش شعره وقوله وفعله في قلوبهم وقلوب كل أحرار العالم.
ومما قاله ناظم بخصوص الموت
(أمنا الطبيعة ستعلن ساعة الانصراف ذات يوم
قائلة:-
لقد انتهى الضحك والبكاء ياولدي
وستعاود الحياة التي لا ترى ولا تتكلم ولا تفكر دورتها اللا محدودة)
وتنفيذا لمقولة أمنا الطبيعة ودع ناظم حكمت الحياة وتوقف قلبه عن الخفقان في 361963 توقف قلب الشاعر الذي قال عنه حنا مينة(يكفي ان نقول ناظم حتى نقول الإنسان) وفي سبب موته يقول حنامينة( الذي يقرؤون رسائل ناظم حكمت وهو في السجن أو قصائده المكتوبة في تلك الحقبة رسائله المكتوبة الى كل واحد منا وكذلك قصائده المكتوبة من اجل كل واحد منا لن يتساءلوا مم مات ناظم بعد ذلك في الثالث من حزيران 1963 انه لم يمت إلا من الحب حب الإنسانية العظيم)
فمالذي سيفعله شهيد الحب الإنساني لو بقي على قيد الحياة حيث يجيب عن هذا التساؤل قائلا
(إذا بقيت سالما سأكتب على الجدران وفوق الأرصفة في الساحات العامة اشعري وسأعزف على الكمان في ليالي العيد لمن يبقون من المعركة الأخيرة وكذلك سأعزف على الأرصفة المغمورة بضياء ليلة رائعة للذين يغنون أغاني جديدة للناس الجدد والخطوات الجدد)
وشرط ناظم على الموت لكي يكون عادلا يجب ان تكون الحياة عادلة يعنى ان يحيى الإنسان حياة مليئة بالسعادة والحرية والرفاه والمحبة حيث يقول(حتى يكون الموت عادلا لابد للحياة ان تكون عادلة)
فلأجل عدالة الحياة لأجل غد الإنسانية المشرق يعزف ناظم ألحانه ويكتب أشعاره بعد ان تخلع الإنسانية رداء الحروب والاستغلال والعبودية حيث الخلاص وتجاوز وحشية الرأسمالية بالغد الاشتراكي السعيد حتى يرى الإنسان مالم يراه ويقول مالم يقوله بعد حيث يقول
( أجمل البحار: ذلك الذي لم يزره احد بعد
أجمل الأطفال: ذلك الذي لم يكبر بعد
أجمل أيامنا: تلك التي لم نعشها بعد
أجمل الكلمات: التي وددت قولها لك
هي تلك التي لم اقلها بعد)
وناظم يعرف تماما هدفه وكذلك يعرف عدوه وعدو الفقراء والمعدمين الذين تبنى قضيتهم حيث يدعوا لوحدة وتماسك وتكافل قوى البناء والكفاح من اجل الحرية والعدالة والسلام حيث يقول
(البرجوازية قتلت اثنين منا
أماتت اثنين لن يموتا منا
البرجوازية دعتنا للمعركة
وقد قبلنا الدعوة
فنحن كما نعرف ان نضحك بفم واحد
نعرف ان نحيا ونموت كواحد
كلنا من اجل واحدنا
واحدنا من اجل كلنا)
وهو يصف أعداء الحياة لحبيبته ولزوجته ويدعوها للتفاؤل والكبرياء والعنفوان الإنساني والأمل واثقة بالنصر حيث يقول:
( أنهم أعداء الأمل ياحبيبتي
نعم أعداء
المياه الجارية
والأشجار المثمرة اليانعة
والحياة المتدفقة المتطورة ذلك لان الموت طبع بصماته
على جباههم:-هم مثل الأسنان المنخورة هم مثل اللحم المتهرئ
إنهم محكومون بالانهيار الى غير رجعة
عندئذ ياحبيبتي سوف ترين بكل تأكيد
ملائكة الحرية تحوم في أجواء
بلادنا
مرتدية أحلى ازيائهامتلفعة ثياب العمال)
ان ناظم حكمت لايرى الحرية الاوهي مرتدية ثياب الطبقة العاملة انطلاقا من منهجه الماركسي باعتبار ان تحرر الطبقة العاملة وحريتها ستحرر الإنسانية جميعا من التعسف والقهر والديكتاتورية والاستغلال .
فما أحوجنا في عراق اليوم لمثل هذه الرؤية الصادقة لخلاص الشعب العراقي من نير الإرهاب والاحتلال والقهر والاستغلال الداخلي والمستورد وماهو أحرى بطبقتنا العاملة في ان تمزق عصائب التضليل والزيف الطائفي والعرقي لتحمل راية الكفاح الوطني والطبقي من اجل عراق حر ديمقراطي اشتراكي مستقل ملتحمة ومتكاتفة مع كل القوى المناهضة للعولمة الرأسمالية المسلحة والمتوحشة لبناء عالم الأمن والسعادة والسلام لكل الشعوب.
ان شاعرنا الكبير يدعو كافة نساء العالم وخصوصا نساء المناضلين والمكافحين من اجل غد الحرية والسلام ان يكنن رايات للثورة فخورات فرحات غير حزينات ولا منكسرات متفائلات وجميلات بجمال بيرق الثورة والمبادئ السامية التي من اجلها عذب وسجن وتشرد أزواجهن وأحبائهن حيث يقول مخاطبا زوجته بأرق وأسمى وأكثر العبارات وثوقا بالنصر وتحدي قوى الظلم والظلام :-
(اخرجي من الصندوق ذلك الفستان
الذي كنت ترتدينه حيث التقينا أول مرة
ارتديه ومري كوني مثل أشجار الربيع
أشكلي القرنفلة التي أرسلتها في الرسالة من السجن
في شعرك
ارفعي جبهتك العريضة
تلك الجبهة البيضاء المختلطة بالتجاعيد الجاذبة
للقبل
في مثل هذا اليوم
لايجوز لزوجة ناظم حكمت ان تكون حزينة مهيضة
الجناح
لذلك مستحيل
في مثل هذا اليوم
ينبغي لزوجة ناظم حكمت ان تكون رائعة الجمال
كواحدة من بيارق الثورة)
وهو يخاطب الإنسان في كل مكان وكل زمان مبشرا وواعدا ومؤكدا بزوال الظلم والاستبداد كما سينقضي فصل الخريف وإمكانية ان يخلق الإنسان الواعي ربيع الحرية والرفاه والسلام الدائم للبشر:-
( الخريف سينقضي مرة بعد مرة
والربيع سيعود مرة بعد مرة
ونحن سنقضي شتاءا أخر
متدفئين بنار غضبنا الاكبر
ورجائنا الأقدس)
وبذلك فشاعرنا الكبير يدعو المكافحين والمناضلين من اجل الحرية ان يتحصنوا بوعيهم وعدالة قضيتهم وسمو مبادئهم ضد كل أساليب القهر والحرمان الموصوف بقساوة وشح الشتاء فليتحصن بدفء مبادئه وعدالة قضيته مما يتدفأ الإنسان بالنار ليتقي أذى البرد ألشتائي القارس حيث تخلد الحياة للسكون.
وناظم حكمت لا يغفل دور وسائل الاتصالات والتقنية الحديثة في عصره في تضليل وتكبيل المعذبين والمظلومين من عمال وفلاحين وعموم الكادحين وحرف وعيهم وجرهم لمعارك جانبية لإدامة وتأبيد استغلالهم .وها نحن نرى ما يحدث الآن في عموم العالم والعراق بالخصوص نتيجة امتلاك قوى الظلام والرأسمال المسلح واذرعه من القوى الإرهابية والفاشية والمليشيات الطائفية للقنوات الفضائية ووسائل الاتصالات المتقدمة في المساهمة الفعالة في إدامة غياب الوعي الوطني والطبقي لدى الجماهير المسحوقة واستنزاف طاقاتها في الشعائر والطقوس البالية والغير منتجة لغرض ديمومة السلب والنهب لحرية وحياة وثروات الشعوب وفي هذا يقول ناظم:-
(عصافير الدوري على أسلاك الهاتف
يالها من مخلوقات مسكينة لا تعرف شيئا عن الهاتف
ليتني أرى أجسادكم ملفوفة كلاكفان
فقد جعلتم أبناء قومي
مكفوفين وعيونهم مفتوحة)
وهو يخاطب أولئك المتلاعبون بالعقول محتكري وسائل الثقافة والإعلام.
ولشاعرنا الكبير الكثير الكثير في معنى المحبة والوفاء والقيم النبيلة وهو بحق شهيد الحب الإنساني النبيل كما وصف أسباب موته الأديب حنا مينة ومنها الصداقة الصادقة النزيه بين أبناء البشر ودعوته لرعيتها من قبل الأصدقاء كما يرعى الفلاح الشجرة فكلما كانت أرضها خصبة خالية من الأعشاب الطفيلية الضارة وماءها وفير سمادها التواصل ألحميمي متمتعة بشمس الحرية والنماء كلما كان عمرها طويلا وثمرها وفيرا وخضرتها دائمة فان ماتت الشجرة لن تحيى مرة ثانية حيث يقول.
(الصداقة كالشجرة إذا يبست لن تخضر ثانية)
ومما استوقفني كثيرا ماورد من معاني في قصيدة للشاعر بخصوص النفط وعمال النفط في (باكو) السوفيتية خصوصا وعراقنا الحبيب يطفو على بحيرة من النفط يشم رائحتها المغرية ويسيل لها لعاب كل ذئاب الأرض لغرض نهبها وسلبها وقد قدم أبناء وبناة العراق عموما وعمال النفط خصوصا وكل القوى الوطنية العراقية قرابين الفداء والشهداء من اجل تخليصها من براثن الشركات الاحتكارية الطامعة بالتخادم والتكافل مع عملائها في الداخل وقد تكل هذا النضال المرير بالنصر بسن قانون رقم(80) في 1959 وقرار التأميم في بداية السبعينات.
نتيجة الأوضاع السائدة في عراقنا اليوم وهيمنة الرأسمال العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عادة آمال الشركات الاحتكارية المحرك الحقيقي للقرار السياسي الرأسمالي بل كشفت عن وجهها الحقيقي لمعاودة سلب ثروات العراق الهيدروكاربونية عبر الدفع لتمرير مشروع مسودة قانون النفط والغاز المزمع عرضها وتامين المصادقة عليها لتكتسب الشرعية القانونية المحلية والدولية خلال الأسابيع القادمة .
ان لما يدعو للفخر والاعتزاز ما تحلى به اغلب الاختصاصيين والباحثين والاقتصاديين والمثقفين العراقيين من وعي عال وإصرار لكشف مخاطر هذا القانون وإجحافه بحق الشعب العراقي وثروته الوطنية وفق صيغته الحالية.كما ان ما يدعو للفخر الموقف الصلب لعمال النفط العراقيين لرفضهم القانون بصيغته الحالية وخصوصا صيغة (عقود المشاركة) وتأييد الكثير من الفئات والشرائح للشعب العراقي لموقف العمال نأمل ان يكون هذا الأمر عامل توحيد للشعب العراقي ليكون صفا واحدا بوجه الاحتكارات العالمية بعيدا عن الشرذمة الطائفية والعرقية والمراد منها تفتيت الإجماع الوطني العراقي لنهب ثرواته واللعب بمقدراته.
فهاهو ناظم حكمت يقول ويعانق عمال النفطي باكو السوفيتية كرمز لكل العمال في العالم حينذاك حيث يقول
( وددت معانقة العمال المبدعين بمعاطفهم المز فتة
وعيونهم السود
وان اجثوا على ركبتي
فوق ثرى باكو المقدس
واحتضن النفط براحتي
واشربه
كخمر اسود)
فالف تحية لعمال العراق بمناسبة عيدهم المجيد
وها نحن نعانقهم ونطبع قبلاتنا على جباههم السمراء ونشد على أيديهم في نضالهم المرير من اجل بناء العراق والحفاظ على استقلاله وعلى ثروته. ومعهم سوية ومع اكف كل أحرار العالم نضع أكاليل الزهور على ضريح الشاعر الخالد ناظم حكمت..الذي سيظل حيا في ذاكرة المناضلين جميعا ،كماهو حيا في قلوب ابناء وطنه مما اجبر السلطات على اتخاذ قرار إعادة الاعتبار الرسمي لابن تركيا لابن كل العالم البار .