يعد عنوان القصة مدخلا مهما لحياة سيدة تصادق (منبه )، امرأة تخلو حياتها من التواصل الإنساني مما يضطرها لأنسنة الأشياء.. مبدعة تخالف ما هو متحقق اجتماعيا من استبعاد لكل ما هو انساني، إنما تستدعي الإنسانية فى معنى راق لها وهو الصداقة، ونظرا لأنها امرأة وحيدة فهى تصادق ( منبه).
يحدثنا ( المنبه) عن رحلة صداقته بهذه المرأة الوحيدة، فهذه الرحلة بدأت منذ ثلاثين عاما، عندما اشترته من أثناء قيامها بالتسوق.
يبدأ ( المنبه ) فى قص حكايته مع تلك المرأة بداية من وقت الشراء إلى سرد كل التفاصيل التى مر بها خاصة لحظات انتظاره للاقتناء.
تترك المبدعة مرفت ياسين تلك المساحة ما بين قص ( المنبه) لقصته إلى مساحة أرحب وأبعد، إلى أمنية ( المنبه ) لأن يكون شئ آخر غير حقيقته.
يبدأ ( المنبه) فى عرض مقارنة بينه وبين أمنيته التى لن تتحقق، وأمنيته اعتمدت على رغبته المحلة والمحبة فى الالتصاق بصاحبته.
يتمنى التطلع له بعينين تحدقان به، فى شفتين تلمسانه، يتمنى الاقتراب ليرى انعكاس ضوء الشمس على وجهها، يتمنى قرب أنفها لتشمه، يتمنى حضن من أصابعها، وأن يغطيه شعرها، يتمنى أن تلعقه بلسانها.. يتمنى كل ذلك عندما تمنى أن يقطع مسافة بين حلمه كفنجان وبين رغبته فى القرب من صاحبته..منسحقا فى تلك المسافة بواقع شكله الذى يرى أنه يحمله مغايرا لحقيقته وحلمه.. فتتحطم كل أحلام وخيالات ( المنبه) فى تحقيق تلك السعادة لنفسه بجوار المرأة الوحيدة.
وحيد هو مثلها، يبحث للتحقق من خلال منح بعض ملامح السعادة الحسية لأمرأة تفتقد ذلك النوع من السعادة..سعادة الحواس الإنسانية بالتمتع والقرب من كائن دافئ يستطيع التفاعل معها ولمسها وتقديم مهمتين للمرأة الوحيدة، المهمة الأولى ستكون فى الصباح ” تسكب القهوة فى فنجانها، ونجذب كرسي أمامى فاتحة نافذة المطبخ.. يدخل شعاع شمس يترك ظلا على وجهها يظهر لمعان عينيها العسليتين.
المهمة الثانية: بعد قيلولة الظهيرة التى تأخذها بعد عودتها من عملها، تشرب فنجان آخر مقربة أنفها منى …”
هكذا يتطلع ( المنبه ) إلى التواصل الإنسانى الحسي مع المرأة الوحيدة، ولا يريد أن يكون محدود داخل دور واحد روتيني ممل وهو ضبطه، ثم إعادة ضبطه مرة أخرى وهكذا..
تظهر فى حياته نساء أخريات، لكنه لا يمل مراقبة صاحبته التى تخلت عن كل عاداتها باستثناء طقسها معه..النساء لا يقمن إلا بدور واحد مثله فهن ممرضات لصاحبته – التى لن تتوقف عن فعل كل ماتحب – والتى تفقد بذلك الاختيار حياتها.
فعل ( مانحب ) أحيانا يفقدنا حياتنا..فيصير ( المنبه) وحيدا كامرأته الوحيدة.. ترحل هى ويتم التخلص منه فى هدوء ضمن مخلفات تم التخلص منها بشقتها..
الوحدة، الحب، التحقق فى علاقة تهدى السعادة، التواصل اليومي مع من نحب، تحقيق سعادة بسيطة مستمرة لمن نحب، الحلم بتغيير ذواتنا لأجل من نحبه، فعل ما نريده، الحلم، الخيال…
كلها قيم نبيلة تدعو لها المبدعة مرفت ياسين من خلال قصتها القصيرة ( امرأة وحيدة )..