لقد رايته في المرآة ..لم يكن بخير، كان تائهاً وسط الدروب، أنهكته الخطوب، فأشفقت على حاله وبدأت أحدثه قائلا:-
ياصديقي أنت لست وحيداً كما تعتقد، إنك فقط تنزوي في الركن المظلم، وتلومُ على أولىٕك الذين في النور لماذا لا يأتون إليك؟ ولماذا أنت لا تذهب إليهم؟ لماذا لا تبادر؟ .
صديقي إنهم يحبونك عليك فقط أن تنظر بعمق أكثر ..
ألاهل الذين يصرخون بوجهك يحبونك، قد خانتهم الطريقة في التعبير عن هذا الحب، لكنهم و بلا شك يحبونك حباً جماً لاريب فيه، لك الحق في أن تنزعج من صراخهم، ولكن ليس لك الحق في أن تنسى أنها طريقتهم -ولو لم تكن صحيحة- في التعبير عن حبهم والإهتمام لأمرك .
ذلك الصديق الذي يمطرك بالنصائح دون طلب، هذه طريقته في الحب والإهتمام لأمرك، عليك تقبل ذلك .
تلك الفتاة تحبك بصدق، عليك أن تحسد نفسك عليها، كم مرة في العمر يجد الإنسان شخص يحبه ويتقبله بهذا الصدق وهذا العمق.
صديقي أنت في شِدّة وانا اعلم هذا ، ولكن طالما شعرت بمرارة الشدة لابدّ أنك يوماً تذوقتَ حلاوة الرخاء، فلا يعلم معنى العتمة إلا من ذاق النور، وطالما لم يدوم الرخاء في خوالي الايام، فكذالك الشدّة لن تدوم، هذه هي الحياة ياصاح، رخاءً وشدّة خلقهما الخالق، وبينهما خلق الانسان يتقلبُ بين هذا وذاك، هذه إحدى قواعد ونواميس هذه اللعبة المسماة بالحياة .
الناس لاترحم يافتى، وإرضائهم غاية لا تدرك، إن رضي عنك فريق سخط أخَر، ولا يكون همه إرضاء أو إبهار الناس إلا الجاهل السطحي سفيه العقل، وأنا أظنك لستَ هذا الرجل،
أتدري من يَرحم يافتى؟
إنه ربُ الناس، الذي يُقَلِب حالك كما يُقَلِب الليل والنهار، رخاءٌ يعقبه شِدّتة ..فيعقبها رخاء وهكذا إلى أن يحين الأجل .
واعلم أنّ وصولك متأخراً خير من ألا تصل أبداً، و ألا تصل خير من أن تصل هذا يعتمد على المكان الذي تبتغي الوصول إليه.
إن نظرتك البشرية في ماهو عطاء أو إبتلاء لهي نظرة قاصرة تفتقر إلى الدقة، فكم من محنةٍ قد جزعت لها، كانت في حقيقتها منحة وجب لها الفرح، وكم كان العكس صحيحاً، فغاية الأمر -الرضا- فجاهد نفسك للوصول إلى هذه المرتبة، أن ترضى بما هو أتيك، مادام ليس لك في الأمر حيلة فالترضى.
ولا تلقي السيف يافتى، ولكن لا عيب في أن يرتاح المحارب، واعلم أن قاعك يعقبه قمة، وسقوطك يعقبه قيام.
أنهيتُ كلماتي و التي تركت على وجهه علامات الرضا والإقتناع
فأجابني بصوتٍ باهتٍ كلون بشرتهِ
-لقد إفتقدتك …لا تغب طويلاً
-فوعدته بذلك وانصرفت.