أسافر مع رفيف فراشة
في الحلم
إلى قريتي المهجورة على ضفاف الأنهار القاحلة.
******
غيوم بلون الحزن
انهمرت فوق قريتي القائمة على رابية الشمس
فاندفعت إلى أحضان الرياح
وتناثرت شظايا على أرصفة الاغتراب.
*****
على أطراف قريتي
حيث تقوم المقبرة
رأيت الأموات يفرون من قبورهم بلا أكفان
لينجونّ بذكرياتهم الضاربة في أعماق ذلك الفردوس المفقود
قبل أن يسطو عليها جند الله
المدججين بالآيات المتشابهات.
*****
قريتي الفاتنة المباركة
أزالها جند الخليفة من الوجود
ولكن صدى عنين نواعيرها بعد منتصف الليل
لازال يشنّف ذاكرتي.
*****
كلما تذكرت اسمها
يسيل عسل الذكريات على شفتيّ
وتتدفق ينابيع الدمع من مقلتيّ
وأرى الله وجهاً لوجه.
******
عصفور يحلّق في الآفاق القصيّة
ولكن ذاكرته
لم تزل تحوّم فوق البيادر المنسية.
*****
أوصد نوافذ غرفتي
حين أبوح لنفسي
بما يختلج بأعماقي
خوفاً من أن تتنصت الريح لأنفاسي.
*****
بينما كنت أقرأ (الموعظة على الجبل)
لمحت مستقبل شعبي الآشوري
في الآية الثالثة عشرة.
*****
أحبُّ إنسان إلى قلبي وروحي وكياني
بعدما شيّعناه إلى المقبرة
نسيناه… كليّاً
ونحن نتحدث عن ويلات الهجرة والتهجير.
*****
أيها الشاعر الأزلي
أمشِ بين أثلام اللغة المعطرة برائحة التراب
ولا تتسلق شعاب الكلمات
لتغفو فوق سرير السراب
ولا تلمس الحروف الخلبية
ولا تسر في دهاليز القصائد المحفوفة بالألغاز.
*****
عصفور يتوهج على غصن شجرة الأبدية
مبلّل بحروف الأبجدية
ينقر زجاج الأزل
ليعيش تحت أيكة گلگامش.
******
كان يحدّق في الآفاق
صامتٌ
له وجه الثور المجنّح
يقرأ في كتاب الطبيعة
كما يقرأ الناسك في كتاب مقدّس
وعلى حين غرّة
أمعن الغور في أعماق ذاته
وغاب
تاركاً آثار قدميه على قوس قزح.
*****
أتوسل إليك أيها المتكلم باسم الله
أن تدعني أعبد إلهي كما أشاء
لا كما تشاء أنت.
*****
في الطريق الذي يقود إلى أزقّة قريتنا الصغيرة
االغارقة في الصمت والخراب
نسيتُ ملامح ذكرياتي على حبل الغسيل
في باحة دارنا
التي تغفو على حافة النسيان.
*****
وردة نبتت على طرف الصحراء
تستلذ بوحدتها التي تتقطر ندى على كثبان الرمال.
*****
أوحى إليّ الإبليس المقدس
لا أدري
أفي الحلم أم في الواقع؟
قال: الشعوب المستكينة مآلها الزوال.
*****
عندما تزورين قبري
سنتبادل أنخاب حبنا المنقوع في جرن الأحزان.
*****
في ليل مدلهم بلا نوافذ ولا أبواب
أشق طريقي
وأسير علىى ألغام الجماجم
لأتحرر من شرنقة الخوف
وأكشف أسرار الأنبياء.
*****
وحده…
نبراس الشعر
ينير لنا الطريق إلى الحرية
والكرامة
والسلام
ومراعي السماء.
******
الله الذي أخاف منه
أمقته من أعماق قلبي
لأنه مرعبٌ ومخيف
ولكني على الرغم من كل ذلك
أجامله بالصوم علانيةً
أمام الناس
قائلا: (اللهم إني صائم)
وأرشيه بالصلوات على الطرقات
ليشهد لي الشيوخ والأئمة بأني لست كافرا
وبأني استحق بكل جدارة واقتدار
الحوريات التي وعدني بهن ربي
الصادق
الأمين
الماكر.