وشم في الذاكرة – الحلايقي* الذي بات ولم يُصبح 4 بقلم: حاميد اليوسفي (المغرب)

يُقام السوق الأسبوعي في بومالن دادس يوم الأربعاء بساحة واسعة وسط الحي القديم. باعة الخضر والمواد الغذائية والأقمشة والثياب يبنون خيامهم مساء يوم الثلاثاء.
يروي الناس أن فقيها نظم حلقة عشية الثلاثاء، وكان يقوم بأشياء خارقة لا تُصدق، تشبه السحر. الرجل استقطب عددا كبيرا من الحضور. ولما رأى الدرك هذه الغرائب اعتقلوه، ووضعوه في زنزانة احكموا إغلاقها. قيل بأنهم في الصباح الباكر لم يعثروا له على اثر.
البعض يحكي بأن الفقيه اختفى، وباب الزنزانة بقي مغلقا. والبعض الآخر يحكي بأن القفل الذي يغلق باب الزنزانة، انفتح من تلقاء نفسه.
بعد يومين أو ثلاثة سرت في المنطقة أخبار غريبة. مقر الدرك بكل هيبته ووقاره، يتعرض للرجم بالحجارة مع غروب الشمس. الدرك اتهموا في البداية بعض الأطفال الصغار الذين يلعبون كرة القدم بالقرب من المقر.
تغرب الشمس فيعلو صراخ ممزوج بالخوف من العمارة. صحون تتكسر من تلقاء نفسها، تزرع الرعب في نفوس النساء والأطفال الصغار داخل الشقق التي يسكنها الدرك.
في البداية لم أصدق الخبر. ذهبت لشراء الخبز مع غروب الشمس. الفرن يوجد في موقع قريب، ومُطل على واجهة العمارة، ونوافذ شققها التي لا تبعد عنه بأكثر من مائة وخمسين مترا. غربت الشمس. بدأ الصراخ يعلو من الشقق. لم أسمع صوت انكسار الزجاج. لم أر حجرا يتراقص. ربما لأني لم آت قبيل غروب الشمس بقليل.
مرت على الدرك وأسرهم أيام عصيبة. أصبحوا حديث السكان في القرية. يروي البعض بأن قائد الدرك جمع أمتعته في شاحنة، ونزل للسكن في بيت منحه له عون سلطة بشكل مؤقت، فاشتعلت النيران في الأفرشة والزرابي. يحكي الناس أخبارا عن اجتماع عامل وقواد الإقليم مع سرية الدرك بالمنطقة لبحث الموضوع. بعد مرور شهر تقريبا على الحادث سرت إشاعة بأن السلطة لجأت إلى الاستعانة بخدمات فقيه مشهور بالإقليم، ساعد في رفع الرجم أو (التراجيم) عن مقر عمل وسكن الدرك، واشترط عدم التعرض للفقيه الذي قيل فيما بعد بأنه كان يسكن بدوار يبعد عن المنطقة بحوالي ستة كيلومترات.
بعد يومين سألتني (بيتي) المدرسة الأمريكية عما حدث. قلت :
ـ كان الناس مذعورين لأنهم يرون حجرا يرقص! وصحون تتكسر من تلقاء نفسها!
وسألتها بدوري :
ـ هل سبق لك أن رأيت جحرا يرقص ؟
بدت عليها علامات الدهشة والاستغراب. لم تفهم شيئا، أو اعتقدت بأني أغير الحديث عن طريق استخدام مجاز لا تستوعب معناه.

المعجم :
ـ (الحلايقي): الشخص الذي يقيم حلقة للفرجة في ساحة عامة .

مراكش 10 يناير 2018