طرقت الكاتبة بروايتها مذكرات مثلية باب أولاد حارتنا متمردة على العادات والتقاليد لتعلنها صرخة نسوية ثائرة، فدعونا نتعرف أكثر على فلسفتها.
متى وكيف اكتشفت موهبتك؟
_بدأت الكتابة وأنا في سن الحادية عشر، بدأت بنصوص شعرية رديئة وانتقلت للسرد في المرحلة الجامعية، وقد كان أبي أول من اكتشف موهبتي في الكتابة وشجعني كثيرا.
من قدمك للوسط الأدبي؟
_رواية مذكرات مثلية كانت أول عمل أدخل به الساحة الأدبية وأنا سعيدة به وفخورة جدا.
أنت تعلمين أنك في مجتمع يضع خطوطا حمراء كثيرة ويعلق المشانق لكل من يسبح عكس التيار، فما كل هذة الجرأة في عمرك الصغير؟
_لأن الموضوع كان ينقصه الحديث عنه، لأن توقف الكلام عن بعض الموضوعات يولد العنف في المجتمع… وهذا المجتمع الذي ينتقدني هو الذي دفعني للكتابة ومدني بالصور والمشاهد والشخصيات والأحداث، يعني أنا لم أكتب من فراغ بل كتبت المجتمع بمخالفاته وتناقضاته.
ما هي الصعاب التي قابلتك في مشوار نجاحك؟
_سيظل منع الكتاب هو أكثر خطوة صعبة اجتازتها، لأنني فجأة وجدت الكل ضدي، بعض أفراد عائلتي، مجتمعي، زملائي في العمل، وحينها أحسست أنني قوية بحق، لأنني اجتزت كل ذلك، واكتسبت مناعة ضد التهجم.
أذكري لنا موقف غير مجرى حياتك؟
_لا توجد في حياتي أشياء تستحق أن تسرد، ولا أشياء غيرت مجرى حياتي، لكن أظن أن دخولي الجامعة قرار غير مجرى حياتي وأكسبني نوعا من القوة في الكتابة والتعبير عن ذاتي والآخرين.
رحلتك كانت شاقة لكن هل وجدتي الحب الذي تكتبين عنه بشغف؟
_وجدت ما هو أعمق من الحب؛ الأمان، في السابق كنت أكتب عن شيء أجهله، وكل ما أعرفه عنه هو نتف غزلية، وأخرى من بعض الأصدقاء، لكن عندما دخلت “غمار الحب” وجدت أنه لا معنى لوجود من تحب إن لم يحسسك بالأمان.
قدمتك الناقدة المصرية د. بسمة يحيى في إحدى الندوات الأدبية بأنك تسيرين على درب الراحل نجيب محفوظ وتثيرين الجدل كما أثاره في رواية أولاد حارتنا، بم تعلقين؟
_في الحقيقة هذا تكليف أكثر مما هو تشريف، ونجيب محفوظ من أقرب الكتاب لي، وسأحاول السير على دربهم ومحاكاة مسيرتهم الإبداعية، وما أنا إلا تلميذة تنهل مما جادت به قريحته الروائية.
هل سنرى قريبا البوكر مغربية؟
_أرجو ذلك، وطبعا أنتظر أن يتوج بها مغربي/ة ولكن لا أعتقد أنني سأفوز بها يوما.
بماذا تطمحين في كتاباتك الأدبية؟ هل تحلمين بنوبل أو الأوسكار؟
_لي حلم النوبل، وهو هدفي على المدى البعيد.
سرد سريالي أم واقعي أقرب لقلمك؟
_طبعاااا واقعي، أحس أنني أعجز عن السرد بمنأى عن واقعي، لأنني عشت البؤس بكل تلاوينه، فلا تنتظروا مني الكتابة عن الفراشات كما يقول محمد شكري.
البعض يقول أن هناك اعتبارات غير فنية أو أدبية تجعل كتاب متوسطين يحصلون على البوكر العربية ونوبل وأن المعايير الحقيقية هي السباحة عكس التيار، فهل توافقيهم الرأي؟
_لا أعترف بكاتب متوسط أو متفوق، فالكاتب كاتب، وإما أن تكتب إما ألا تفعل، فطبعا هناك اختلافات في الأذواق إذ لا يمكن أن نجمع على براعة الكاتب من عدمها، لكن لاشك أن اللجان لها معاييرها في اختيار الروايات وقد تكون السباحة عكس التيار هي إحدى هذة المعايير.
كتاباتك ناتجة عن معاناة، بماذا ستجيبين إن طلبت منك أن تحكي عنها بإختصار؟
_كل ما عانيته كان مرتبطا بالفقر وقلة ذات اليد، فأنا التي عشت سنوات بالحذاء نفسه، وأحيانا كنت لا أملك حتى محفظة، وثيابي كأسمال بالية ههههه الأمر كان مؤلما لكنه الآن مضحك بالنسبة لي لأنني تجاوزته.
لماذا التدريس؟
_لأنني عانيت من التنمر من قبل بعض أساتذتي، فقررت أن أدرس لكي أنشر ثقافة الحب والود بين التلميذ وأستاذه، زيادة على هذا أنا شخص ديناميكي كثير الحركة لا أستطيع العمل داخل مكتب أو ما شابه، ولا أجيد مهنة أخرى غير التدريس.
تنمر بخصوص مظهرك أم معتقداتك؟
_لم أكن أفصح عن معتقداتي، لكن بخصوص المظهر وشعري الأشعث، مما جعلني أعاني سنينا من قلة الثقة بالنفس.
هل فكرت بالانتحار يوما؟
_طبعا، أمضيت سنوات أتعالج من الاكتئاب ونوبات الاكتئاب تلازمني دوما، وحينما تشتد لا أفكر في الانتحار فقط، بل أحاول، لكنني أنجو بأعجوبة.
هل تعرفين أن أغلب سمات العباقرة الشكلية والنفسية تنطبق عليك؟
_مثل ماذا؟
_القلق والتوتر مثلا والذكاء والخيال الواسع، الذقن المدبب، الجبهة العريضة.
_طبعا، أحس بقلق دائم، وأحس أنني أحمل هموم العالم فوق كتفي، ولكن لا أعتقد أن هذا الأمر يجعلني عبقرية، أنا فقط أحس أكثر مما أفكر ولدي نوع من الذكاء العاطفي والاجتماعي.
ماذا يعني لك ثدي المرأة؟
_هو الحياة، هو الذي يحدد معالم المرأة، وأرى أنه أقدس بقعة في جسد المرأة، وقد كنت في سنوات قليلة سابقة متعاطفة مع منظمة فيمنFEMEN، التي انتمت إليها المصرية علياء المهدي، والتونسية أمينة تايلر، هذة المنظمة من مبادئها النضال بالنهد، لأننا في وسط يهتم بالنهد أكثر من تحرير الأرض.
هل تكرهين أمك؟
_بتاتا، أنا لا أكره أحدا بالمرة ولا أريد أن أجرب إحساس الكره… أمي ساندتني في محنة منع الرواية، ومساندتها تغفر لها الكثير.
تغفر لها الكثير من ماذا يا فاطمة؟
بعد فترة من الصمت قلت: لو مش حابة تجاوبي عادي.
أجابتني: كل الأمهات والآباء ارتكبوا جرائم في حق طفولتنا، وأكبر جريمة هي إنجابنا أصلا.
كلماتك تلك قاسية جدا فهل تتفوهيها من حالة اكتئاب أم من قراءات في الفلسفة وعدم اقتناعك أن للحياة معنى؟
_أرى أن هناك أطفالا كثر يستحقون منا الحب، والإنجاب في وجود أطفال الشوارع والملاجئ جريمة.
يقال أن من يملك الخيال الواسع يستطيع أن يبدع في البحث العلمي، فهل فكرتي يوما في أن تطرقي هذا الباب؟
_حاولت في فترة من حياتي تجربة النقد الروائي انطلاقا مما درسته في الجامعة عبر التوسل بمناهج النقد الحديث، لكن وجدت أن نقدي لا يغدو على أن يكون نقدا انطباعيا خاليا من الموضوعية.. ولكن حتى الرواية هي بمثابة بحث علمي، فحديثي عن المثلية الجنسية دفعني إلى بحث مستمر عن هذا الموضوع، من خلال مقالات علمية التي تطرقت لها.
هل أحسست بالحب الغرامي في عيون إحدى تلميذاتك؟
_في الحقيقة لا، أنا مهنية في القسم وأحترم أخلاقيات المهنة، لكن إن كان هناك حب لم ألحظه فهذا يعود لصاحب/ة هذا الإحساس لأنني غير مسؤولة عن مشاعر الآخرين.
بماذا تحلمين للمغرب الحديث؟
_كل ما نأمله هو إعادة النظر في بعض القوانين وإيلاء العناية بالقطاع الصحي والتعليمي، كما أتمنى لوطني الازدهار والتقدم ونحن جميعا سنظل وراء صاحب الجلالة قائد مسيرة النماء.
أخيرا اطرحي على نفسك سؤالا تمنيتي أن يسأل وأجيبي عليه.
_لماذا أكتب؟ ولمن أكتب؟
لأن الكتابة هي الوسيلة الأهم لأعبر عما يعتمل في داخلي.
أما لمن أكتب، فأنا أكتب للعالم، أرفع عقيرتي ليسمع صوتي.
حاورتك كاتبة تعيش في مجتمع لا يختلف كثيرا عن المجتمع المغربي وكتاباتها تعبر عن معتقدات ومعاناة قريبة مما عانيتيه، فاطرحي عليها سؤالا؟
_ما الأصعب كتابة نفسك أم الآخرين؟
قلت لها: كتابة نفسي التي لم أفهمها يوما والتي تؤلمني كثيرا بأفكار وإحساس النبذ من المجتمع، صرخاتي التي وجهتها وأنا طفلة بريئة للسماء لأسأل من يقبع بها: هل أنت ذكر؟ لماذا لا تمنع الشر؟ لماذا أتيت بي إلى هذا العالم الموحش؟ أما الآخر فهو إما أبله لا يشغلني أو عظيم حزين مثلي، لا يهمني سوى الأحباب فهم على ظلهم أعيش وللأسف لم أعرف معنى الحياة حتى الآن فأهرب للسريالية حتى في الواقعية أخترتها واقعية سحرية.
حلقي يا فاطمة نحو سماء لا تعرف الظلم، فقط الحب هو الإله، حبرك ترانيم العشق في ليالي الشرق، فأنا أقولها للعالم بكل قوة: أنت نوال السعداوي الجديدة وقريبا جدا ستحظى المغرب بجائزة كبيرة عن رواية تسطرها أنامل الفيلسوفة أمزكار.
——
بسمة يحيى حامد/مصر المستشار الإعلامي لنقابة المخترعين، اختيرت كواحدة من ضمن أفضل ١٠٠ شخصية مؤثرة بالوطن العربي لعام ٢٠٢٢م بمهرجان هيباتيا للثقافة والفنون. حاصلة على:
وسام الفنون والآداب من المنظمة الدولية للتنمية المستدامة، جائزة أفضل محرر صحفي، جائزة ورشة هيباتيا قصة قصيرة٢٠٢٢عربيا، مركز ثاني عربيا مسابقة هيباتيا٢٠٢٣ قصة قصيرة، المركز الخامس عربيا قصة قصيرة بمسابقة الاتحاد الدولي للمثقفين العرب٢٠٢٢، رشحت روايتها الشيخ نيتشة لجائزة توفيق الحكيم٢٠٢٢، ١٥دكتوراة فخرية، ١٤٠تكريم محلي ودولي، تشغل الآن منصب نائب رئيس تحرير جريدة مصر العرب وصحفية في عدة جرائد ومجلات دولية.