قلبٌ وددتُ بموجهِ الإبحَارَا
وَعَشِقْتُ فِي بَيْدَائِهِ الأَسْفَارَا
لَا أَلْتَقِي مَهْمَا مَضَيْتُ نِهَايَةً
لِفنائِهِ أَوْ أَبْلُغُ الأَسْوَارَا
بحرٌ عميقٌ زَاخِرٌ بحنانهِ
سَاجٍ بصمتٍ ينبضُ اِسْتغفارا
لو عشتُ كلَّ الدهرِ في أعماقهِ
من قاعهِ لا أبلغنَّ قرارا
فَهوَ الوثيرُ إذا تخشَّن موسدِي
والشهدُ إن لاكَ الزمان مُرارا
وهوَ المَلاذُ إذا تخلَّتْ صُحبَتي
وهوَ الوفيُّ إذا الحبيبُ تَوارى
وهوَ النديُّ إذا القلوبُ تحجَّرتْ
وهوَ الغلالُ إذا خشيتُ بـَوارا
هو قلبُ أمٍّ إن أردتَ تقربًا
من جنةِ الفردوسِ كُن بَرَّارا
إن حَل جَدْبٌ في السُّهولِ وأقفرتْ
غَطَى القَفَارَ حنانُها أزهَارَا
أُنْسٌ يسامرُ وحْدَتِي إِنْ أَظْلَمَتْ
لِيَبُثَّ فِي ظُلُمَاتِها الأنْوَارَا
وإذَا هزيعُ البردِ مسَّ مَفَاصِلـِي
صارتْ لروحـِي بُردةً وإزارا
هِيَ فِي دَمِي وَبِنَبْضِهَا نَبْضِي ابْتَدَا
حبًّا يفوق بِدَفْقِه الأنهارَا
وهيَ المُلبـِّي إن خُطايَ تعثرتْ
شهقتْ بقلبٍ لاهجٍ أذكارا
مثلُ الصباحِ تسامحاً إطلالُها
ولهَا التسامح ُيَنْحَنِي إِكْبَارَا
مِشكاة يُمْنٍ كالضياءِ تبسُّمًا
فيها الأَلوَّةُ إنْ رغبتَ مَزارا
تَحْنُو عَليَّ مِنَ النَّسيمِ وَتَشْتَهِي
بينَ الضُّلوعِ بقَلْبِهَا لِي دَارَا
لَكِنَّها لو أَسْكنتني جوفهَا
تَخْشَى عليَّ بجوفها الأخَطارا
أمَّاه كم كانَ البعادُ معذبًا
ولكم سَكَبْتُ بِدَمْعَتِي الأشْعَارَا
ولكمْ خسرتُ منَ الفراقِ مَغانماً
وفقدتُ من ركنِ الدعاءِ جِدَارا
صَدَقَ المقالُ بأنَّ قلبَكِ عِنْدَنَا
دوماً يَعُدُّ الشَّهْقَ والإِزْفَارَا
لكنَّهم لم يصدُقُوهُ بِقَوْلِهِمْ:
قَلْبُ الوليدِ توسَّدَ الأَحْجَارَا
برحاب مكَّةَ قد دعوتُ بلهفةٍ
وَتَضُّرعٍ لله أنْ يَخْتَارَا
لكِ في جنانِ الخُلدِ مثوىً طيباً
تَلْقَيْن فِي فِرْدَوْسِهَا الأَبْرَارَا
منكِ التسامحَ قد رجوتُ مع الرِّضَا
درعٌ يقِينِي في القيامَةِ نَارَا