(1)
هاهُو الزّمن يتمددُ يبدو عملاقًا يَجْثم على أنفاسنا وأرواحنا..لم تعدْ بعض التّفاصيل تعنينا ..استغرقتنا هذي الْأهوال والْجثث التي تشيعُ وحيدةً دُونما جنائز ..ترحلُ في صَمْتٍ مهيب ..!!.
هذي أصواتنا مهزومة تطل من خلف الشاشات والْهواتف ووسائل التواصل الْمرئية والْمسموعة ..هاهي الْجرائد الْورقية تنْسحبُ بضجيجِ حوادثها وأخبارها ..لا أحد يجرؤ على الاقتراب منها ..من هذا الذي ينكر الآن وفي عز هذه الأزمة أنه لا يخشى الْموت ..الْموت هذا الزّائر الذي يتنكر في أزياء وأقنعة عديدة ..اليوم لا حديث عن موت الْفجاءة أو موت الْمرض ..الْكل بات مهووسًا بهذا اللّعين المسمى” كورونا” ..
الْوباء الْمسْتجد الذي ترددهُ ألسنة الصّغار والكبار والشُّيُوخ ..بات حديث الْيوْمِي مشحونا بمصطلحات جديدة ..الفيروس ..كوبيد ١٩ ..كورونا..
الْكل تطارده هذه اللّعْنة الْمستجدة ..لا حديث إلا عن الْأوبئة ..
نبشٌ وحفْرٌ في ذاكرة الأجْداد وعودة لأزمانهم الْبائدة الْبعيدة للعُثور على أوبئة مُماثلة : الطاعون ..الْكوليرا ..
حَفرٌ من أجل زرع الأمل والْانتصار علَى الْموت ..
(2)
انتظرنا ٱلرّبيع مُطولا بعد مصيف ..قلوبنا كانت تتهيأ لتعانق بهاءه..لكن سفينة ٱلرّبيع لم ترسُ كعادتها لتحمل على متنها من ألهبتهم حرارة ٱلشّمس ٱللّهِيبة وشُحّ ٱلسّماء ..لم تمهلهم ليتخلصوا من ٱلْغُبار ٱلّذي مزق رئة ٱلْكثيرين ..حلم معانقة رياحِين ٱلرّبيع تبدّد..عادتْ ٱلْقلوب خائبةً ..لم يزهر ٱلْقرنفل ..لم أحتف بزهر ٱلْحبق ٱلذي أهدتني أمي في آخر زيارةٍ لها .. ولا زهرة عباد ٱلشّمس ٱلتّي كنت من عشاقها ..اختفتْ كل ٱلْألوان ٱلتي أعشقها ..حتى ٱلْمطر انحسر ولم أحتف بميلاد ألوان ٱلطّيف ..كنت أنتظرُ فصل ٱلرّبيع لتزهر قصائدي من جديد ..
انتظار ..انتظار وٱلْأصْوات بداخلي تتضاربُ ..هل ستزهر ٱلْقصائد من جديد ؟!.