على حين غرّة دخلت البيوت، وإستقرّت كما شاء لها الهوى بين الحدائق تعكّر مزاج الورود؛ وترهق الشتلات الناعمات، تلطّخ راس الفجل وأوراقه، وتعتدي على شفافيّة الرشاد.!
ها هي الأرض تشكو هذه الضيفة الثقيلة، التي لا تعرف إلأّ الزمجرة في الكلام، تُرسل سواد ابخرتهالتحذّر عبق الورود، وبعد كلّ هذا هي كلَّ يوم تعتدي وتتطاول؛ وياتي سؤال الأرض لماذا حلَّ بها الشَّقاء، وتحمّل الجاهلون في جلبها العناءَ.؟
أيحسبون سعادتهم عند الظهيرة بقتل السيقان الرشيقة المخضّرة اليانعة.؟ أ يمزجون أفراحهم بما حلَّ فيها من أحزان.؟
كفى ايتُّها المتربّعة بين اطايب الدنيا تخذلين الأشجار، والعمّة الكريمة، وتحفرين سواداً لهذه الأرض الغنَّاء. فقد ضاق مِنْ ضجيجك الأموات بعد هُزال الأحياء ،وكم تبدين ثقيلة نزلتِ دون حياء؛ ودخلتِ شماتة للانوار الغائبة كانَّنا في الأرض البيداء فلا شفافيّة في الظلام غير التراطن بلغة الكهرباء التي نزلت مثل الوباء.
كفى بكِ تشخرين من مناخر لا تنغلق، وأصوات لا تُستعذب قريبة إلى النواحِ في اللّيل المظلم، وكم تمنّينا النوم فوق السطوح الطينيّة فكنت ِ ضيفة عليناضاعت من شخيركِ احلامنا بعد ما لبسنا الأوهام، وطارت الغفوة من عيوننا عندما استسلم الجسد لشخير الأنغام تنخر في آذاننا؛ ولا غِشاوة تنفع.! تبثّين سمومكِ في شهيقنا عند مخزن الرئتين لتحتفظ بنسخة من هذه الضيفة الثقيلة شاهدة على الجسد الميّت.!
أسوأ ما فيك ايتُّها الضيفة أنَّكِ تسعدين مَنْ يتركوكِ خارج البيت يتسامرون يقضون متعةً في النوم يتركونكِ للشمس تُزيلُ بريق الوانكِ.!
اسموكِ البديلة عن الغائبة، وانتِ معها على شفا حفرة من حرائق الّنار تلهم كلَّ شيء. اسموكِ المساعدة وانتِ تقضين على تنفّس الأطفال يختلط بهم الرَّعب من نعومة اظفارهم تشاركينهم الصراخ الصراخ.!
هي بدايات الجنون لزينة الحياة حتّى إذا شبَّ عوده وإستفاد من صعوده لم يجد منْ حكايات الجَّدة غير هذه الصيغة التي اتخمت قصبات هوائه، وغيَّرت من بهائهِ فينشأ وفي ذاكرته شيء من الأمل، والقليل من آمالكَ يتنكّر للغائبة ويتلوّى بالبديلة العليلة.!
طوبى لمن بعدَ حينٍ آفاق، وضاق من زعيقكِ ما آفاق، وترك البديلة؛ ودعا على الغائبة العليلة بسرعة العودة على الميمون الطائر بالخيرِ العامرِ.!