في هذا العالم:
على غير العادة، استحليت هذه السكرة، لم يسبق لي طيلة حياتي أن وجدت كل هذا الاسترخاء الملائكي، يكسر رنين المنبه، حلاوة النوم، لابد من ايقاظه ليذهب للعمل..اليد اليسرى تقاوم لإيقاف ضجة الصوت واليد اليمنى تفرك العين..
– انهض خد دشا، ريتما أعد لكم الفطور..
تعالت ضحكة حريمية :
– قل صباح الخير أولا يارجل !
ههمت رجل ؟ من ؟ أسرعت الخطى الى المرحاض لأتبول.. يا للمسيح !! هل أنا أحلم ؟ أين اختفت مظاهر أنوثتي!! أمسح المرآة لأتبين ملامحي..إنها فعلا أنا.. لكن هذه اللحية !وهذا الزغب الكثيف ! أين اختفت مظاهر أنوثتي؟ كيف صرت رجلا ! …
مهلا من تلك المرأة على سريري؟ على رؤوس الأصابع أقترب منها. مازالت نائمة، أفرك أعيني : إنها .. إنه مرقص!! مرقص بدون لحية ويتزين بأقراط أذن، وبجلباب أسود ! كيف ؟ إنها فعلا غرفة نومي.. وتلك غرفة ابنتنا روزي.. يبدو أنه حلم، حيث تنقلب الأدوار.. ياعذراء انقذيني..
تتعالى دقات الباب، مشدوها بشكلي الرجالي، وشكل زوجي النسائي ..يتناهى الى مسمعي صوت :
– افتح يا أبا عبد الرحمان ! أمازلت نائما.. ( هل ارتددت عن ديني !)
يأخدني من يدي، رائحة المسك تسكرني، له لحية طويلة سوداء، بها لطخات حمراء، يقرب رأسه المعمم من أذني هامسا :
– كنت متيقنا بأنك لن تستيقظ باكرا، لذلك أعطيتك المنبه ! إنه اليوم الموعود، أميرنا أطال الله عمره، انتقانا لهذه العملية التي سيخلدها التاريخ… ارتد ملابسك بسرعة وهيا بنا..
– عملية.. !!
أحسست بمغص شديد ينخر بدني، تمتمت له، بعد أن تبينت شكله الذي تحول من أنجي صديقتي المتطرفة..
– لست مستعدا للأمر، أحس بأوجاع و صداع شديدين..
فجأة، احمرت عيناه، حملق مطولا بي، ثم استدار راحلا، قبل أن تتلاشى صورته أمامي، وأسقط من وطأة المرض..
——–
بالجانب الموازي، كان مرقص يسابق الزمن لجلب كمادات مبللة، ليضعها على جبين زوجته ( حسنين) بعد أن سقطت وهما يستعدان للذهاب للكنيسة رفقة ابنتهما روزي..
– لا عليك يا حبيبتي ماريا، شدة وتزول، لقد اتصلت بجميع أصدقائنا ومعارفنا، وأخبرتهم بتأجيل الذهاب للكنيسة ليوم الأحد القادم، سوف نقوم بتعميد روزي بإذن الرب، لما تتعافين..
كل ما يتذكره حسنين وهو يتلوى من شدة المغص، بعدما تحول جسده الى أنثى، و تغيرت معالم بيته ذي النفحة الاسلامية، الى ديكورات وترانيم مسيحية.. هو ذلك المنبه الأسود الذي سلمه أياه صديقه ” أبو علي ” لكي يوقظه استعدادا للعملية، وبعدها استفاق بهذه الهيئة الأنثوية بجانب رجل!!
—-
تحاول ” عيشة ” التخفيف من معاناة زوجها “ماريا ” :
– من زمان، وأنا أترجاك أن تذهب للطبيب، لاستأصال المرارة. مافيش خروج الا لما ترتاح، ونحن ايضا سنبقى بجانبك، أنا وابنك عبد الرحمان..
تحاول ماريا وهي ترشف كأس ماء بالكمون، بعد أن ارتفعت حرارتها، التمتمة بكلمات :
م…ن…ب..ه.
تتذكر أن صديقتها انجي، تلك المرأة المتطرفة، التي تكره المسلمين، كانت قد أهدتها منبها أسود..
مرت ساعات، بين اليقظة والهذيان بفرط الحرارة، الى أن نزلت عليها ولولات عيشة، وبكاء الطفل، كندف ثلج :
– صورة صاحبك ” ابو علي ” بالتلفزيون، يقولون عنه ارهابي كان بيحاول يفجر الكنيسة التي كانت فارغة..فانفجر اللغم به.
——–
بالحانب الاخر، يتلعثم مرقص وهو يحاول إخبار زوجته بوفاة صديقتها انجي متأثرة بقنبلة..
لكن المفاجأة الكبرى هو شعور كل من حسنين و ماريا بأن روحهما ستغادر جسديهما بمجرد رنين المنبه..