تقع التكية العلية القادرية الكسنزانية في قضاء الزبير غرب البصرة قرب الحي العسكري ,تم بناؤها سنة 1988,وكانت ملحقة ببيت احد مؤسسي الطريقة في البصرة طالب ميرزا الحسيني ,الذي اسهم بدور كبير في انبثاقها ,وهي الاوسع انتشارا والاكثر اقامة لحلقات الذكر والمناقب النبوية رغم وجود عدد من التكايا منها (تكية البصرة 1986والقرنة والاصمعي ومحيلة والفاو التي تاسست حديثا سنة 2004 ) .
تعرضت تكية الزبير التي تتبع الطريقة الكسنزانية الى سقوط قذائف هاون على مقرها وعانى الدراويش من مضايقات , وفي اواخر 2006 داهمتها قوى امنية عراقية ودنماركية اثر ورود وشاية حول وجود اسلحة داخلها . رغم انها تنهج الوسطية وتدعو للتآزر والتكافل ويتنوع المريدون فيها من مذاهب واعراق شتى .
تعد البيعة في الطريقة الكسنزانية وسيلة خاصة للتسجيل لديهم والانتماء ,وتسمى (اللمسة الروحية ) ..وهي تلقين بالمشافهة والمصافحة بطريقة ان يجلس المريد امام الشيخ الطريقة او احد خلفائه ويضع يده بيده , مصافحا ,ثم يغمض عينيه ويردد خلفه سند التلقين أي كلمات العهد , وبهذا يكون قد تم تسجيله ضمن الطلاب المريدين في المدرسة الكسنزانية , ويجسد تلك البيعة شاعرهم :
( بايعت بيعا له فلتشهد الامم
اني على العهد قد طافت بي الهمم ).
والكسنزانية تدعو الى التجلية والتحلية أي تخلية النفس عما سوى الله وتحليتها بكل ما هو رباني والهي وابدي , وهو ما اصطلح عليه المتصوفة ب < الفناء والبقاء >.
ومن مصطلحاتهم (الاتباع ) وهو التسليم الكامل لله تعالى بين يدي اولي الامر والمشايخ على ان يتم فناء التابع في المتبوع بالتسليم الكامل المطلق له ظاهرا وباطنا , ويتجسد الاتباع ظاهرا بالاقتداء بكل حركات وسكنات واخلاق شيخه , وباطنا بان لا تغيب صورة الشيخ المتبوع عن قلب التابع ولو للحظة , فيتم الانتساب الروحي الذي ذكره تعالى على حد اعتقادهم .
وللاتباع ثلاث مراتب اولها اتباع الشيخ ويقود للمرتبة الثانية وهي محبة اتباع الرسول الاعظم والذي سيؤدي الى المرتبة الثالثة وهي محبة الله .
ويتخصص مشايخ الطريقة باذن من الله في الجانب الروحي من الدين ويعني ذلك انهم اصبحوا مؤهلين لتزكية النفوس وتطهير القلوب وترقية الارواح لمعارج القرب من المحبوب ويستلزم ان يكون العارف صاحب نور الهي ينظر به حسب وصف الشيخ الكيلاني فقد قال (للمؤمن نور ينظر به ولهذا حذر الرسول من نظرته : < اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله > ).
لهم رايتهم الخاصة تسمى راية الكسنزان واسمهم مشتق من الامام علي والقادر الكيلاني والكسنزان الذي يعني باللغة الكردية < لا احد يعلم )..وقد اطلقت على خليفتهم الاول عبد الكريم الملقب ب شاه الكسنزان لانه اختفى في جبال قرداغ لاربع سنوات شمال العراق ولم يكن احد يعرف بمكانه قبل ان يظهر ويتسلم المشيخة .من طقوس الكسنزانية ما يسمى ب \الدربشة \ وهي غرز ادوات حادة في مواضع بالجسم ومضغ الزجاج والموسى دون ان يترك اثر او يسال دم .. ذلك الطقس الذي حير الباحثين .. وهم يعللون هذا السلوك للبرهنة على عظمة الخالق ووحدانيته وعظمة النبي محمد ..
والتكية في الزبير تحيي المناسبات الدينية كولادة الرسول والامام علي .. وتقيم طقوسها في الاماكن العامة مثل كورنيش شط العرب وفي صحن مرقد الحسن البصري وقد تقصد التكية الرئيسة في شمال العراق او التكايا الاخرى في البصرة .. ولهم تمثيل في مجلس النواب ..والورود يجري بان يتحلقوا وعلى نقر الدفوف والانشاد يهزون رؤوسهم وتتدلى شعورهم الطويلة المسدله ..وقد يتمددون على الارضية رافعين وسط اجسادهم عن الارض بالاستناد على احد اذرعهم .
لقد اختفت من البصرة الكثير من التكايا لعل موت مؤسسيها كان احد اهم الاسباب فاندثرت تكايا ملا مرهون في الرباط وجامع بن المنارتين وعبد القادر الهندي والقادرية والسهروردية وكان بعض هذه التكايا ملحقات في جوامع اوبيوت .
وفي البصرة ولدت الطريقة الصوفية السهلية التي اسسها التستري احد كبار العرفاء الذي ابتعد عن البصرة بسبب ارائه الجريئة التي اثارت جدلا واعتراضا .. اما الجوزية التي تنسب الى المتصوف بن الجوزي \الذي ما يزال ضريحه قائما في طريق ابي الخصيب \ فهناك شك بانه ابتكر طريقة صوفية مميزة .
تعد البصرة الارض الخصبة الاولى للتصوف في العالم فقد مهد له كبار العلماء الزهاد مثل الحسن البصري ورابعة العدوية .. الا ان التكايا لم تتمكن من جذب عدد كبير من المريدين .