(1)
جئتَني آخرَ الليلِ
بالبدلةِ العسكريّةِ تُوقظُني وتقبّلُني ،
يعتريني الذُّهولْ
هكذا يا أخي آخِرَ الليلِ
قلبي عليكَ فماذا أقولْ!
يطولُ غيابُكَ في جَبَهاتِ القتالِ
بلاخَبَرٍ منكَ أو كِلْمَةٍ أو رسولْ
ولم أدرِ
لم أدرِ أَنَّ غيابَكَ سوفَ يطولْ
وأَنكَ لن تطرُقَ البابَ ثانيةً
سوفَ تدخلُ في آخِرِ الليلِ
من أَيِّما شُرْفَةٍ من ليالي الأُفولْ
سوفَ تُوقظُني وتُقبِّلُني
وتقولُ وداعاً أخي
حانَ وقتُ الرّحيـلْ
تريّثْ قليلاً أخي
كان قلبي عليكَ
تَرفَّقْ بجسمي النَّحيلْ
وداعاً
سآتيكَ في آخِرِ اللّيلِ
نَمْ يا أخي
فالطَّريقُ أمامَكَ جِدُّ طويلْ
وأنا
، حينَ تأتي ،
أنا بانتظارِكَ عندَ الوصولْ
(2)
وافترقْنا
وما كنتُ أدري
بأنّك تمنحُني ختمَ تأشيرةٍ للعبورْ
وتبقى هنالكَ قَيدَ السَّواترِ
قَيدَ الحُدودِ وقَيدَ الجُسورْ
تَغيَّرَ عُنوانُ داري ،
وغيَّرتِ الرِّيحُ عُنوانَ (بيتِكَ) ،
شاخَ الصَّبيُّ ،
وناحَ على قبرِ أُمِّيَ سِربُ الطُّيورْ
وقد كنتَ واعدتَني
في أعالي الينابيعِ
عندَ مَحطِّ النُّسورْ
وجئتَ
، ولم أستطِعْ ،
كانتِ الأرضُ مَبخرةً في يديكَ
وكنتَ لها مِهرجانَ العُطورْ
وعَبَرتَ
إلى ضَفَّةِ الخُلدِ
تنظُرُ من شاهقٍ
كيف تذبُلُ بين يدينا العصورْ
قُلتَها
ومضَيتَ بعيداً
وها نحنُ
نلهثُ خلفَكَ مثلَ القُبورْ