ما الفرق بين العاهرة ومن يتعاطى السحر؟
قبل ما يقارب ال 25 عام مضوا، قال أحد الأصدقاء: إذا ما ذهبت يوماً ما إلى عاهرةٍ، سأسألها أولا: هل أنتِ هنا لحاجتكِ للمال؟ أو للمتعة؟ فإذا أخْبَرَتْني بأنها هنا من أجل المال فسأُعطيها إياه ثم أُغادر بدون أن أفعل أي شيء معها، أما إذا أخْبَرَتْني بأنها تفعل ذلك من اجل المتعة؛ فسأقضي حاجتي ثم سأعطيها المال ثم سأُغادر. رغم أننا ضحكنا وقتها على هذه الفكرة، ولكن جزء من فكرته قادتني إلى التفكير بأن العاهرات صنفان: الأول هن من يمارسن الرذيلة لحاجتهن للمال الذي بواسطته تسد كل واحدة منهن حاجاتها اليومية الاساسية، تلك الحاجات اللاتي تتوفر لدى الكثيرين من دون ان يشعروا بقيمتها، ومن دون ان يفكروا ولو لحظة واحدة بأن ما هو موجود لديهم فقط لأنهم فتحوا اعينهم صباحا فوجدوه متوفرا لديهم، بينما هو حلم لدى غيرهم.
شئنا أم أبينا، فإن الصنف الأول مرغم، حاله حال الكثيرين ممن ينهضون صباحا ويتوجهون إلى أعمال يؤدونها في القطاع الخاص أو العام رغما عنهم، وإن توفر لهم البديل لتوجهوا إليه بدون تردد.
أما الصنف الثاني ممن يمارسن العهر فهن قد توجهن إليه لرغبتهن في ذلك، رغم إني أظن بأنه لا توجد إنسانة سوية تفعل ذلك، إلا إذا كانت تحت تأثير معين!
الصنفان يستخدمان وسيلة غير مشروعة للوصول إلى غاية مشروعة أو غير مشروعة.
أما بالنسبة لمن يتعاطى السحر فهو شخص رغب بشيء ما بقوة لدرجة أنه سيضحي بأي شيء من أجل تحقيق ما يريده، فقد يضحي بمبادئه أو شرفه أو أي شيء آخر ليصل مبتغاه. البعض يكون مبتغاهم مشروعا في نظرهم إذ أنهم يريدون شيء أو شخصا لهم دون غيرهم، وآخرون يعلمون حقا أن مبتغاهم غير مشروع إذ يريدون أذية غيرهم بمختلف الطرق…
المجموعة الأولى والثانية تشتركان في أنهما يستخدمان وسيلة غير مشروعة في تحقيق غايات غير مشروعة، لدرجة أنهم يضعون أيديهم بيد الشيطان (نعوذ بالله السميع العليم منه) لفعل ذلك.
وهذا تحليله بسيط جدا بالنسبة لي، وهو أنهم أرادوا شيئا بقوة لدرجة أنهم اغمضوا عقولهم ليتناسوا بإن إرادة الله هي العليا، فحاولوا تجاوز إرادة الله بتحالفهم مع مخلوق من مخلوقات الله!
ونستنتج مما سبق بأن العاهرات يستخدمن وسائل غير مشروعة لنيل غايات مشروعة، على عكس من يتعاطى السحر، فهم يستخدمون وسائل غير مشروعة للوصول إلى غايات غير مشروعة! وهذا يجعل العاهرة، رغم أنها قد تخلت عن الشرف، أشرف ممن يتعاطى السحر.