انا الصياد الهائم على بساط الامواج الزرق والمخضرة والكحلية والمذهبة غروبا..استقبل فجري قبل ان تصحو الطيور حيث السعفات تضم اجنحتها وندى الاعشاب يلامس الروح..تشرق بخجل ..فتسكب خيوطها النحاسية ..على جسدي..ثم تنغمر في الامواج عميقا.. (مرددا \وقد اغتدي والطير في وكناتها \ تركت الحراب للضباع..وادركت حركة التاريخ فلا استغرب من الجمود ولا استعجل التغيير..فقد تنام الشعوب دهورا..انا هنا وصنارتي وادوات صيدي ..تاركا للفكر ان يصفو وللروح ان تنتعش..اعطيتكم ظهري فقد بح صوتي ولم تبلغوا الوعي..
انا في الستين من عمري .. كان اول صيد ربما في السنة التاسعة …اتذكرها جيدا … كان بستان ابو اسحاق هناك والزمن قبيل الغروب قليلا .. جلست اسفل سعفات نخلة مرتفعة تقع في التقاء النهر بفرع نهير يقدر بخمسة امتار.. في راس الزاوية تماما ..السكون متحكم ساعتها وبدأت امواج الظلمة تحتل مواقعها بين الفسائل وشجيرات الرمان , في الترع المتفرعة واغصان الريحان والاخاديد ومسارات النمل غير المتناهية واستعد ظل السعف ليتكثف هامسا لاشباحه التي تنطلق مع الظلمات بالاستعداد ….رميت\البلد\خيط النايلون مع صنارة ورصاصة صغيرة تثبت الخيط في الطين ..المد مرتفع . لحظات واحسست بشيء يسحب يدي فسحبت … سمكة بطول ذراع اتت لتشد الروح شدا برحلات الصيد التي لن تتوقف على مدى اكثر من ستة عقودِ..