يقول الكاتب د. عبد القادر فيدوح تختلف طبيعة التجربة الشعرية التي نعبّر عنها ونستطيع القول انها عبّرت في معظم حالاتها إلى الشعر العربي عن حاجة ماسة إلى الهروب من عالم الواقع بحثاً عن عالم آخر ربما اكثر إلفة وانسانية.والشاعر أوحى بكتابته عن حبّه للعراق فكرامة الوطن فوق كل كرامة على وجه الأرض وهي عنده أغلى من الذهب لابل من كل كنوز الأرض. وطن الشموخ والعفّة والزهو والكبرياء قصيدة من بحر المتقارب :
(سـلامٌ عليــكَ جبيـــنَ الإبــاءْ
و أنــــفَ الـكـرامــــةِ و الـكبــريــاءْ
سـلامٌ لِمجـــدِكَ يسـمـــو عُــلاهُ
فيــرقـیٰ شُـمــوخُــكَ كُــلَّ إرتقــاءْ)
سلام عليك ياوطن الشموخ والعزة والرِفعة. لاوصف يفوق وصفك حتى المدى يرسم لك لون السماء والشمس والماء. أيها المرتقي فوق القمم الشماء (سلام عليك وعلى رافديك )وعلى كل مافيك من علم وقوانين ومسلات وحضارات كلها نبعت من ينابيعك الخضراء، هي التي غيّرت وجه العالم بطقوس مازالت ترسم رؤاها إلى اليوم:
( سـلامٌ عليـكَ ، يَمُــدُّ إليــكَ
فـيـعـجـــزُ فيــكَ المَـــدَیٰ إنكـفــاءْ
فأنــتَ مــداهُ لِـكُــلِّ مَــدیٰ
و أنــــتَ ســـمــــاءٌ لِـكُـــلَّ سَـمــــاءْ)
خالد هذا الوطن بخلود الكون بسمائه بمائه، هو الوجود هو الحياة وهو النسمة ذو العبير المرسوم في القصائد والفكر والعطر الإرجواني. كل الحضارات نبعت من أرضك الشمّاء. الشاعر يستشرق المستقبل والحضارة الجميلة آتية لامحال . فوطن المجد والكبرياء متماسك محب للمجد والخلود:
( وأنــتَ الوجـودُ و أنـتَ الخُلـودُ
و بــــأسٌ يَــجُـــــودُ بِـجَـــدِّ اللــقـــاءْ
وأنـتَ الحضـارة، فيـكَ السمـاحــةُ،
وَ مِـنْــكَ الهِــدايـــةُ شَـعَّــتْ ضِيــاءْ
و أنْـتَ البُطولـةُ، أنـتَ الـرجـولـةُ،
كَــــفُّ الـمـكــارمِ ، سـيــفُ إنـتـخــاءْ
و فيـكَ الجمـالُ يُباهـيْ الجمـالَ
و فـيـــكَ الخِـصــــالُ رٶیٰ الأنبيــاءْ)
الوطن يعيد عافيته بعدما إنتابته المصائب والويلات من حروب وحصار واحتلال. فقلب الشاعر وانتمائه لهذا الوطن وقلبه المفطور على التسامح والتواصل والحب والأخاء. فرؤيته الجامعة للمجتمع والمكرّس لوحته وتماسكه والضامن لتواصل الشعب شكّل تلك الوحدة بين الجميع. تلك الجوهرة التي إستقطبت الوان الكواكب ودرجاتها فكانت شعلة النّفس وزفير النفس، شعلة تشعبت بأنوار السلام من بلد السعادة. وطن انبجست منه الحضارات البابلية والآشورية والأكدية وما آثار النمرود واوروك وملوية سامراء واور كلها شواهد خير لرقي هذا الوطن، بلد شمخت فيه الحضارات وعلت:
سـلامٌ لفجـرٍ أنـارَ الوجـودَ
بنـــورِ الحَـضــــارَةِ ، أنــتَ السنــاءْ
بـــأوَلِ حَــرْفٍ وَ أولِ رَقـــمٍ
و قــانـــونِ عَـــــدلٍ أشـــادَ البنـــاءْ
سـلامٌ عليـكَ علـیٰ رافـديــكَ
نـخيــلِ شُمُــوخِـــكَ رمــزَّ العًـطـــاءْ
جبـالِ الوفـاْءِ، سُهــولِ الفـداءِ
و أهـــوَارِ تشــــدوكَ أحـلــیٰ الغنـــاءْ
سـلامُ الأمـانِ۔۔۔بأحلـیٰ الأمـانـي
سـلامٌ يَــــدومُ بِـصـــدقِ الــدُعـــاءْ)
لقد استطاع الشاعر ان يزخر بوصف بديع إستثنائي ينفث عطر الحناء يمسك الرذاذ ويشكّل منه لوحة ( دادائية ) ترقص على نبع الوفاء، ويطرّز البلاد بنبض فؤاده ليشكل بانوراما المعاني وأدلجة العواطف ليجعل من القصيدة أبعاد هندسية جمالية يعزف لحن الحنين لوطن الجمال والمثال.
(سـلامٌ عليـكَ عِـراقَ الحنانِ۔۔
قَـصِيــدَ المَـحبَّـــةِ ، نبـــعَ الــوفـــاءْ
فأنــتَ بِــلادي و نبــضُ فــٶادي
و أغــلــیٰ مُـــــرادي لأحـلـــیٰ رجــاءْ
و فيـكَ القلـوبُ، تهيـمُ تَـذُوبُ
فأنــتَ الحًـبيـــبُ وَ فَـخــرُ إنـتـمـــاءْ)
مهما انتابتك النوائب مازلت عظيماً شامخاّ بشموخ النجوم. يلامس الشدائد ولكن ما ان تتلاشى وتذوب بمدلول فيزيقي للبنية العميقة للقصيدة
( سـلامٌ عَليــكَ إذا مــا أُبتُلِيـتَ
فـــإنَّ الـعـظـيــــمَ عَظيـــــمُ أُبــتِــــلاءْ
و إنَّ الشدائدَ تهــوی الشديـدَ
و إنَّ الــكَــرامـــةَ ضـمــأیٰ الــدٍمَـــاءْ
فـلا حُـزنُ يبقـیٰ، حبيبـي فتشقــیٰ
و إنَّـــكَ أبــقــــیٰ خُــلـــودَ البــقــاءْ
سَيُجْـلـیٰ دُجاكَ و تصحـو سَمـاكَ
و تُشـفــیٰ جِـراحُــكَ مِــــنْ كُــــلِّ داءْ
فانــتَ ( عـراقٌ ) و يكفـي( عـراقٌ )
و تـبـقــیٰ ( عـراقٌ ) عــراقُ الإِبــاءْ۔۔۔)
كما يليق بوطن الإباء الشموخ هكذا يليق بك، فانت أغرقت رئة القصيدة بالدم والماء ومرآة يعكس تضاريس رقعة بلون الشمس وجمال القمح وأغنية الزمان ولحن الضوء الحامل أنغام الكون بصور مستساغة وتمضهرات الوفاء والتسامح .
ـــــــــ
قصيدة وتَبقیٰ عِرَاق للشاعر غسان أحمد ألظاهرالعـراق – بغـداد
سـلامٌ عليــكَ جبيـــنَ الإبــاءْ
و أنــــفَ الـكـرامــــةِ و الـكبــريــاءْ
سـلامٌ لِمجـــدِكَ يسـمـــو عُــلاهُ
فيــرقـیٰ شُـمــوخُــكَ كُــلَّ إزتقــاءْ
سـلامٌ عليـكَ ، يَمُــدُّ إليــكَ
فـيـعـجـــزُ فيــكَ المَـــدَیٰ إنكـفــاءْ
فأنــتَ مــداهُ لِـكُــلِّ مَــدیٰ
و أنــــتَ ســـمــــاءٌ لِـكُـــلَّ سَـمــــاءْ
و أنــتَ الوجـودُ و أنـتَ الخُلـودُ
و بــــأسٌ يَــجُـــــودُ بِـجَـــدِّ اللــقـــاءْ
و أنـتَ الحضـارة، فيـكَ السمـاحــةُ،
وَ مِـنْــكَ الهِــدايـــةُ شَـعَّــتْ ضِيــاءْ
و أنْـتَ البُطولـةُ، أنـتَ الـرجـولـةُ،
كَــــفُّ الـمـكــارمِ ، سـيــفُ إنـتـخــاءْ