ارتجاف الأيدي كان بداية موت الحلم. حاولت بكل قوتها التغلب على هذه الحالة، لكن بدأت الأشياء تسقط من يدها، غالبا عندما تتوتر.
علينا أحيانا أن نشيح بنظرنا عن كل مرآة تكون أمامنا، حتى لا تصدمنا حقيقة ما نحن عليه من تشتت وضياع.
جلست بالقرب من جدتي وانهلت عليها بالأسئلة. متى بدأت معها تلك الحالة؟ كيف مات جدي؟ كيف كانت حياته؟ لكن للأسف لم أحصل على أجوبة لأسئلتي. عرفت فقط أن الارتجاف لم يكن وراثي، إنما كان سببه الخوف من الإخفاق،
روح خائفة من مرارة الفشل….
كنت برفقة صديقتي وأخبرتها أن في يوم من الأيام، فيما كنت أركض، دعست قطة صغيرة كانت على جانب الطريق فقتلتها! ما زلت مغمضة العينين! صعقت من هول ما حصل، لكنني لم أتوقف واستمريت بالركض…
عندما أدركت بشاعة ما فعلت بدون قصد، كان قد فات الأوان، ولم يعد أمامي سوى جلد الذات! وما فائدة ذلك وقد حصل ماحصل؟!
“- هل تعلمين يا صديقتي أننا في ركضنا اليومي لبلوغ أهدافنا لا نعرف كم من أشياء قد نخسرها وندوسها تحت أقدامنا، ومع ذلك نستمر بسباقنا المجنون دون أن نحصل على مانريد.
بل نجد أنفسنا في زاوية من زوايا الحياة، أو جاليسن على قارعة الطريق، ننظر إلى الذين أتوا من بعدنا وأكملوا المسير…
يتملكنا الحزن على ما عشنا وما لم نعش…
زجاجة العطر مازالت على منضدتي الصغيرة قرب النافذة، هناك عندما كنت انسانة…
– ماهذا الكلام؟ مازالت انسانة طيبة جدا.
– لاأعتقد ذلك. وراء الكواليس هناك عالم مخيف لا تعرفين عنه شيئا. صورتنا المثالية زائفة!
– لماذا تتكلمين هكذا؟ أنا لم أر منك شيئا يدل أنك انسانة سيئة!
– نحن لانظهر جانبنا المظلم دائماً…
– ياالهي! كيف تقولين ذلك عن نفسك؟
– لا عليك، قد تكونين الوحيدة التي ترى الجانب الجميل من روحي. هيا، علينا أن ننام، غدا يوم شاق جداً…”
خلدت للنوم لكن قلبي بقي صاحياً…رأيت الضوء وسمعت حساً فنهضت بهدوء، ومشيت ببطئ، على غير عادتي. تفاجأت بصديقتي ورفيقة عمري، جالسة على طاولتي، تكتب ماتحدثنا به معاً، وقد سجلت كل شيء.
عدت أدراجي إلى الفراش وأغمضت عينيّ، لأول مرة بدون خوف من نفسي. لم تعد عيون قلبي جاحظة، بل ذهبت في سبات عميق…
نحن لسنا الأسوأ على الإطلاق، فهناك من يفوقنا سوءاً.
حلمت بحديقة زهور، فتحت نوافذاً قتل حلمها جفاف الأرض.
علينا أن نصمت أحياناً حتى لو أن داخلنا يريد الكلام…
وراء الكواليس ترى ما لم تره ….ترى الحقيقة بدون ألوان زائفة…
هناك تجد ماتبحث عنه…