لا احد يستثنى من المدنيين .. مضت ست سنوات والحرب طاحنة .
حين فتحت الباب اثر طرق مرعب كان يمسك رقبة المختار بساعده وذراعه وفي اليد الاخرى قنبلة .
على بعد امتار تتجمهر البدلات الزيتونية .. قال اريد ماء فسارعت وعدت بطاسة ما وسقيته بيدي ربعها اما المختار فقد شرب البقية كلها ..وهو يتلوى من الالم ويحتضر من الرعب .
احيانا يطوقون حيا سكنيا قبيل الفجر مشكلين دائرة من البنادق فيما يفتش الاخرون البيوت كلها بحثا عن مدنيين لم يلتحقوا بالجيش الشعبي .. احيانا ياتون زمرة قليلة يصحبون المختار ويطرقون في منتصف الليل وفي حالات اخرى تراهم يتقافزون من سطح لسطح ولا يستثنون من التفتيش موقعا حتى المنهولات والتنانير.
مرة سكر ابو عدنان المعروف بشراسته ومضى الى بعض بيوتهم وهو يحمل سكينة كبيرة وخاطبهم ( ان كررتم محاولاتكم لاعتقالي وزجي في الحرب فساقطع رؤوسكم ..)
ربما كان ابو عدنان الوحيد الذي استثنوه لكن جهات حزبية من خارج منطقته تمكنت من اصطياده ومضوا به الى موقع التجنيد بابو صخير شمال البصرة لكنه تمكن من الهرب في الهزيع الاخير .
لا احد ينجو فالحرب قاضمة نهمة للاجساد المتعبة .
قلت له ( لا تتهور وسانقذك ) وخاطبتهم ( ساعيد لكم مختاركم حيا شرط ان تلتزموا الهدوء .. سانقله بسيارة لمسافة شرط ان تتفرقوا ).. وعلى بعد امتار حيث كنت اركن سيارتي لاقلهما , تهور شاب يرتدي بدلة مرقطة وهجم عليه فصرخ بهم ( ابتعدوا سافجرها ) .. وما هي الا لحظات حتى تكوروا ثلاثتهم اشلاء على بعضهم .. لكنه لم يمت بسرعة البرق كالمختار والمرقط .. ظل ينزف فقالوا ( اتركوه حتى يموت ولا تسعفوه ).
قالوا بعد ذلك لي هو من اختارك لتحسم القضية .
لقد كانوا يبحثون عن المتخلفين عن المطحنة في الجحور والقبور واسس البناء وفي عقارب الساعات وتحت ظلال العجلات .ونفذوا قطع الآذان ووشم الجبهات بكلمة ( جبان ).. وكانت فرق الاعدام متأهبة لاطلاق الرصاص على أي متراجع .
وربما نجا احد فقط حفر قبرا في منزله واحاطه بسرية حتى بردت الحرب .