صدر عن سلسلة المنارة لأدب الطفل” البطة الوفية” للكاتب والشاعر منيرالبولاهمي مراجعة الكاتبة هدباء علي الغويلي
وقد اختار الكاتب عالم الحيوان كمن سبقوه إيمانا بهذه الفئة من الكتاب أن عالم الحيوان ما زال بمقدوره تقديم عالم الانسان فوق البسيطة
وأن يمرر رسائله التربوية والأخلاقية والبيئية وغيرها على لسان بعض الحيوانات وكانت الشخصية الرئيسية البطة وقد أضاف لها الوفاء كصفة ليبحث القارئ – الطفل والمتابع لأدب الطفل عن الوفاء هذه القيمة التي نحتاجها اليوم مع غيرها إيمانا منا بإمكانية صلاح المجتمع وأفراده
والطفل وهو يطالع قصة” البطة الوفية” سيستمتع بعدة فوائد أولها الطبيعة الجذابة خاصة في تعدد الحيوانات التي استحضرها ومنها البط والغزلان والبجع والإوز والنوارس والفراشات
والغربان والبوم، مع محيطها الذي قدمه الكاتب كمتعة للعين والنظر، والتصور والراحة، فكانت الغابة والأودية والأنهار والبحيرات والجداول التي نرتاح عندها وتكون مريحة مع الأشجار الممتدة الظلال
وفراشات تحلق في كل مكان وغزلان تقفز هنا وهناك تسلب الألباب ومياه تتدفق من عيون جارية زادتها أشعة الشمس المنعكسة على حباتها سحرا وبهاء
حتى غدت للرائي” كحبات ماس تناثرت فوق بساط أخضر مفعوم بالحياة” مذكرا بما أبدع الخالق في خلقه ليكون بناء النص السردي محكوما بجملة تناقضات أهمها غابة السلام والحب والوئام والقلوب المفتوحة والأياد ي الممدودة بالمقابل بحيرة الخراب والدمار والحرب و الكرب
وثانيها البط والبجع والخصومات المتكررة في حين حيوانات الغابة التي استراحت عندها البطة تسودها الأجواء الأخوية بين حيواناتها.
والألم الذي صاحب البط الحزينة والذي أثر فيها وأملها في إنقاذ بحيرتها ومتساكنيها من البط والبجع فكانت هجرتها لسبب مقنع البحث عن حل يساهم في إعادة السكينة والوئام والسكن المريح في حين قررت الهجرة مجموعة من البط لسبب آخر اعترضت سبيل البطة
وهي عائدة ومعها الحل يقول الكاتب “سألتهم عن وجهتهم وأخبروها أنهم سيتركون هذا الوطن الذي لم يعد يطيب فيه المقام بعد أن أصبح ساحة قتال بين البط والإوز بسبب فتن النوارس ومكرها”
كما قدم الكاتب فكرة هامة وهي الحلول التي يمكن أن يقدمها صغيرنا إذا أحس بالقلق والتوتر فهذه البطة الصغيرة اضطربت حالتها وأخذ منها الحزن كل مأخذ لأنها ليستغرب البوم منها وقال مشفقا عليها ” صغيرتي ما زلت في بداية العمر، فمن أين لك بالعلل والمحن؟” ولتمرير أهم فكرة، تشق أدب الطفل عالم الحكايات المتوارثة، والتي ترويها عادة الجدات كما تذكرت البطة قصة الأخوين الأميرين، والتي سمعتها عن جدتها وتوريث هذه الحكايات، و توارثها وعبورها من جيل لجيل، ومن مكان لآخر.
ونحن نقرأ القصص والحكايات لما فيها من عبر وفوائد وضرورة التأمل عندها والبحث فيها عن حلول مشابهة لمشاكلنا وقد صاحبت فكرة أن يعم السلام والوئام والتآخي بحيرة البط والبجع عدة أفعال ساهمت في نجاح الخطة التي دبرتها البطة
مع التشاور والتحاور ونسيان الخلافات وتوحيد الصفوف ونبذ الأنانية والغرور لتفر النوارس أولا وهكذا حولت البطة حلم التغيير إلى واقع ملموس وقد تغيرت بإرادة الحالمة التي آمنت بفكرة قلب المعطيات والواقع وقد نجحت لكن بتضحية كبيرة ماتت من أجل غد خال من الخلافات والمشاجرات
و أصبحت قصتها متوارثة يستحضرها كلا الفريقين إذا شب خلاف ليختم الكاتب نصه قائلا “مرت سنوات طويلة و ما زال الجميع يذكر تضحية البطة الصغيرة و كلما شب خلاف بين البط و الإوز تذكروا قصة البطة الوفية وتراجعوا عن خلافاتهم”
لنص البطة الوفية تناغم فكري صاحب مسيرة البطة الباحث عن حل لتجاوز الخلافات والتناحر تنقلت من واقع مأسوي مقلق لواقع أجمل أرادته ببحيرتها التي يصودها الخراب والحرب ولم تفكر في الحل الذي ارتضاه سرب البط الفرار من واقع تعيس بدل تغييره ومع الدفع المعنوي للتفكير والعمل والاجتهاد في الحل إذ ذكر الغراب البطة بالقصة لتتمعن تفاصيل الحكاية وتستنتج حلا يناسب مشكلتها عوض تقديم حلا جاهز للبطة.