بسم الله الرحمن الرحيم (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم)( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه)
نلاحظ بأن شهر رمضان يُرمز له بلفظي الصيام والصوم لاجتماع تزكية المادة والروح فيه بما أن الصيام هو الامتناع عن المفطرات المادية من الفجر حتى المغرب أما الصوم فيخص اللسان وإمساك الجوارح عن إتيان كل ما يخل بالأخلاق الحميدة قال تعالى( كتب عليكم الصيام) ولم يقل الصوم ذلك والله أعلم أن الصوم هو ما يجب أن يتحلى به المؤمن في سائر حياته ..
في شهر رمضان وحده تصفَّد الشياطين التي هي العدو الأول للانسان وذلك إعانة من الله له على مزيد من الطاعة والإقبال على العبادة وفي ذلك أيضا حكمة ربانية بالغة نستخلص منها أنه يعطي الإنسان فرصة التعرف على نفسه دون رتوش أو تداخل ، فإن المؤمن في رمضان يتهم نفسه وحدها على كل تقصير أو تقاعس ثم هو يعمل النظر في مدى خطورة هذا المكون الأساسي فيه ألا وهو (النفس) ليتوصل إلى أن النفس رغم قدرتها على الإغواء إلا أنها قابلة للترويض والتطوير لترتقي من الأمارة الى اللوامة ثم يكون جزاؤها الاطمئنان بتبشيرها بالجنة عند الموت .
ذكر الله النفس المطمئنة في موضع واحد في القرآن الكريم وهي قوله تعالى (يا أيتها النفس المطمئنه ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) ، من وجهة نظري والله أعلم أن النفس مهما استقامت فهي لا تبلغ درجة الاطمئنان إلا عند احتضارها لما تبشرها الملائكة برضوان الله والجنة .
النفس التي عظمها الله وأقسم بها في القرآن الكريم هي النفس اللوامة ذلك أنها لا تفتر تلوم صاحبها ، اللوامة صفة مبالغة من لام يلوم لنتبين من ذلك أنها لا ترضى عن نفسها أبدا فهي إما تلوم على الذنب أو على التقصير كما أنها لا تكتفي من الطاعة لله فهي بالتالي نفس عاملة كادحة تنم عن ضمير حي واستحضار للمراقبة الالهية لذلك استحقت أن يقسم الله بها تعظيما لدورها في الارتقاء بالإنسان وإعادته للجادة ولذلك أيضا استحقت أن تطمئن عند خاتمة حياتها الدنيا التي لم تعرف فيها اطمئنانا فهي تثق في رحمة الله وترجوها لكنها لا تستكين تصديقا لقول الله تعالى (فإنه لا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون)
أسأل الله لي ولكم ولكل المؤمنين والمؤمنات في هذه الأيام المباركات أن يبلغنا ليلة القدر ويجعلنا ممن فاز فيها بمزيد من الأجر وأن يجعلنا ممن أعتق رقابهم من النار فضلا منه ومِنة . اللهم اسألك غيثا نافعا تروي به الفؤاد وتطهر به الأجساد وتثبت به الأقدام وتسهل لنا به الفتح وتشفي لنا به الأسقام يا من يقول للشيء كن فيكون بلا تمهل ولا اهتمام واختم اللهم لنا بخاتمة الإسلام والإيمان والإحسان يا ذا الجلال والإكرام وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه العظام ما صلى عليه مصل أو غفل وكافة الأنبياء والرسل وكن اللهم لنا ولوالدينا في كنف رحمتك الإلهية ولمشائخنا ومريديهم وكافة المسلمين وأنجالهم الزكية آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين