يَنْحُو نحْوَ قدره الموغِل في الدَّهْشة والافْتِتان، يتربّصُ بالحرف فيهديه فاكهة رُوحِهِ ..يتقدم نحو معشوقه بكلِّ ودٍّ وحُب،فيختار من القمصان ما ينير بصيرة قلبه ..لا يتوانَى في الاعتراف والاغتراف من نبع النُّور والضّوْء..
الحُبُّ يَنْسُجُ لي
قميص ضوءه
إذا ألقي علي
ارتدّ إلي بصر قلبي !!.
أي هوى ..هذا الْهَوى الشّبيه بهوى يعقوب ليوسف ورائحته ..إنّه التعلق المغموس بالحُبّ والتبَصُّر والإيمان ..
مفتاحُ الدهْشَة والضّوء يسْرِي في الخَافق فيعود القلب مبصرا بصيرا..
هو نور الحُب المُلهم للخَيْرِ والصّفاء والدِّعة ..
إن الشّاعرَ / العاشق مُوقن متيقّنٌ أن طريقه نحو النُّور والضياء يكمن في لباس الكلفِ والْهُيَامِ..
هي بصيرة القلب، ونوره المتوقد ترْسمُ سِحْرها ألقها في كتابة وإبداع الكاتب والإعلامي المغربي ” حسن بيريش”.
من أي الزّوايا أتناول هذه الورقة؛ التي أتت إليّ لتسامرني في هدأة هذا للّيل من آوائل آيّار” .
” حسن بيريش” والافتتان بسحر الحرف والكلمة و “البورتريه”، يعانق الأصوات الإبداعية فتنكشف له أسرارها/ مغالقها وخباياها..
ذاته المسْكونَة بالْحُبِّ والنُّبل تنكشفُ في أوراقه التي اختار لها تسمية ” بورتريه” ..وكأنه رسّامٌ أو فنانٌ يلج مَرْسَمَهُ ويقف أمام صورة فيصورها بكلِّ حِرَفِيّة ودِقة ..فيحتاج إلى التقاط كل التّفاصيل حتى ولو كانت صغيرة ..يبدع البورتريه بكل حب وتفانٍ. فيكون التّصوير مائزا منطبقا على النّصِ / البورتريه.
الكاتب والمبدع ” حسن بيريش”، يَحْتَرِقُ فيَكُونُ الأثرُ افتتاناً وَدهْشةً.
هكذَا أصبَحْتُ
حِينَ خرجتُ مِنِّي، وعُدْتُ إلَيَّ!!..
ذاتهُ المبدعة الملهمة تُواعدُ حلمها ؛ فتغادرُ صوبَ أفضيةٍ وعوالمَ حالمة تُجافي كلّ الصُّور السمجة وتسمو في مدَارج السّناء ..تحفر في الأنا الغَميسَة فِي النُّور والضَّوء والْحُبِّ والرّغبة في الحياة والانوِجَاد.
تكشفُ له الطّريق عن سرّها / سِحْرَهَا ،فيَعْبُرُ نحوها مُتوكِّئاً على عُكّازِ الدّهْشَةِ؛ زاده الإيمانُ بأنَّ الحَياةَ ابتسامة تعقبها عبْرة..
متواضع،مخلصٌ للطريق الذي ارتضاهُ ؛ هو طريق الاحتراق (( احتراق الكتابة ))واحتراف السُّؤال الإبداعي المُجَدّد عبر مِساحات مُتفَرِّدَة أرادَ لها أن تسِمَ عُبُورَهُ المُشْتَهى ” البورتريه”.
رغم عَطش بعض المساحات وَجُحودها؛ إلاّ أنَّه أبَى إلاّ السّير بكل ثقةٍ مُحْتضِنا عشقه ” البورتريه”،مُعانقاً لحظات الكتابة المُضَمَّخة بِعِطْرِ الدّهشة والْحبِّ والصّفاء والتّسامُحِ.
أعلنُ أمامكم جميعا
قلبي قدْ سَامَحَ كلّ من أساء إليَّ.
…
شهد قلبي الْعيدَ؛ وشَهِدَ العيدَ قلبي.
فديدنه التسامح والتجاوز عن الإساءةِ.
من علو شاهق أنِيقٍ يُطلُّ على القارئ / المتلقي؛ ليزرع الحبّ والْحُبور والسّلامَ،
مُؤمنٌ بأنَّ فعل الكتابة قدَره الْجَميل الْمُسالم ..فإذا كانت المقولة الديكارتية تنتصرُ للوجود عن طريق التفكير:
” أنا أفَكّرُ، إذن أنا موجود” .
فإن ” حسن بيريش” ينتصر لفعل الكتابة الباعثة على الحياة ..فلا حياةَ عندهُ دُونما كتابة ووعيٍ بفعل الكتابة.
أنا أكتبُ؛
إذن..أنا عُدتُ إلى الحياة!.
وكأن به يقول :
” لقد كنت ميّتا قبل أن أقترف الكتابة وعشق الكتابة”.
وصدقا إن الكتابة حياة؛ والحياة كتابة ..فهي الأثر الذي يُخلد من خلاله المرء وجُوده وكيوننته،فينتقل من الوجود بالقوة إلى الوجُودِ بالفعلِ.
هادرةٌ شلالات الرُّوحِ بالحبِّ والنقاء.
أقولُ كبيرٌ أنت بيننا،حيّ بحرفك السامق الذي ينكتب بكل صدقٍ وسلاسة ..
وأنت ترسم بورتريهاتك تصبح اللغة في حضرتك مطواعة.
تباغثُ الحرف ، تبوحُ فيكونُ البوح عُنواناً مُضيئا،وتكونُ السِّيرةُ حُبلى بمحطات ووقفات وتأمُّلات واعترافات.
هذَا القلب لا يخون
قلبي يكتبُ قبلَ يدي
قد تخدعُني يدي،أمّا قلبي فلن يخونني!.
في محراب الكتابةِ تعانِقُ كلّ نبضٍ فيكَ؛ فتُرْبكُ صمتك،صوتك،
في محرابها تُصَلّي ما تيسَّرَ من صلواتكَ الأثيرة.
في حضرتها أنت طفلٌ مطيعٌ بريءٌ ..لا تلبسُ غير صوت قلبك وخافقك.
ملحاحٌ؛ رَاسِخٌ في الْوِصَالِ،مُوغلٌ في عشقك لها؛ لذلكَ تُطيلُ الإقامةَ والسّكنَ في منازلها الْفخمة.
إنّي مُوغِلٌ في جذبتها!!
يا لجمال هذا التَّوغُّل والسّكن والعِشْق..إنّ الْمُبْدِعَ حينما يختارُ سكنهُ ويؤمنُ بقدرهِ ..تأتي إليه الْحياة التي ارتضاها دُونما حاجةٍ إلى كبير جُهدٍ وعناءٍ.
دعك سيدي تحتفي وتُطيلُ السّفر والإقامة والصّلاة في محرابك الأثير ..
اُنثر رذاذ روحك التّواقة نحو الحلم حروفاً تعبرُ نحونا دُونما حجابٍ أو وسائط.
دعْ نبْضَكَ الشفاف يُقيمُ في الأعالي؛ فكلّ المِسَاحات باتت مُضَاءة مُضِيئة.
هكذا حدّثتني نفسي ذات غواية ؛ فالحرف يستحق كل هذي الدهشة وكل هذا الافتتان وكل هذا الحبّ.
أشْهِرْ عناوينك ” بورتريهاتك” المليحة ؛ فكل “بورتريه” عمر ، فصل ،عطش وحياة، صرخة، صهيل ،بوح وعشقٌ.
إنها رحلة الكتابة حينما تقتربُ من النّبضِ؛ تُعيدُ للقلب ثورته وثروته ..فيعود النبض للحياة والخفقان.
فكنْ عاشقا ،ناسكاً،حالما،جميلا في محراب الكتابة ..
هي الكتابة؛ لا تثريب لحن مُتَجَدّدٌ وَعَزْفٌ مُتفَرِّدٌ.
وفي ختام هذي الورقة نقول لك :
” اُنثر فوق البياضِ أزاهيرك الطيبة الزكية، وغرّدْ تغريدة كاتب متفرد ..إنّكَ بقلوبنا”.