اخيراً أقنعه شيخ القرية أن يأخذ دور حرملة، بعد نقاش دام أسبوعاً. أخذته الرجفة، لكنّه رغم ذلك قد تحمّس. أخذه الخيال الى أرضِ الطف. رأى عين حرملة تلمع كنصل السيف. يصوب السهم ذو الثلاثة رؤوس على رقبة الرضيع، الذي اشتد بكاؤه بين يدي أبيه يطلب له الماء. وطافت روحه فوق ماء الفرات ودخان الخيام المحترقة. سأل أهل المنابر عن شخصية القاتل الملعون، وتقمصه بدقة فاقت كل التصورات. لعنوه، رماه الناس بالحجارة. صار منبوذاً وحيداً هائماً يهلوس في الطرقات، ولم يكلّمه أحد. وعندما رأته أمه صرخت بوجهه باكية (شلت يمينك يا ملعون). ارتمى بين أقدام شيخ القرية هزيلاً، ظمآنَ لا يرتوي. لم يذق طعم النوم أياماً وليالي. يتوسل أنْ يخلّصه من الرضيع العطشان الذي يراه ويسمع بكاءه في كل مكان.