كان الاكل ولا يزال مدعاة السرور الإنسان، فمن الطفولة يفتح الطفل فاه ليتزوّد بالأكل؛ ويوم خاطب الرجل امرأته إلى ضرورة مشاركة الآخر في طعامه الذي تعدّه له، فهو لا يريد أن يأكل وحده.، وهذا كناية عن الكرم/
إذا ما عملت الزاد فالتمسي له //اُكيلاً فإنّي غير آكله وحدي. /ومن التراث يترك لنا ابن العديم الذي عاش أواخر الدولة العباسيّة وعاصر هولاكو على ما تذكره الكاتبة سليمى محبوب/مجلة الكويت عدد٢٩٨/آب٢٠٠٨/مِن إنّه “” عندما هوجمت دمشق من قبل التتر رفض ابن العديم منصب القضاء من قبل هولاكو، واضطّر للسفر إلى فلسطين ثمّ إلى مصر حيّى وفاته ٦٦٠ للهجرة. “” وهوبعد صاحب كتاب “الوصلة إلى الحبيب في وصف الطّيبات والطيب” ومَنْ يقرأ العنوان يذهب إلى غاية أخرى قد تخصّ المرأة، و لكنّه في الأكل، واصنافه في الطبخ وعبق الرائحة في مشروب الفاكهة، والحلوى،وغيرها في الطبخ.. ولم يدر ابن العديم ان تغزو مطابخنا اكلات الوجبة السريعة، وشركات اجنبيّة تتفنَّ بالبيتزا، و ماكدونالد وقد ركبت قطار العولمة، واستقّرت عند أهل المضر والحضر؛ ولكن ما زالت الأكلات العربيّة تتربّع الموائد، ولا تهتّم بالبيتزا. وما يثير الإستغراب إنّ جيلنا الجديد قد خطَّ له طريقاً في الأكل، وخاصة بعض طلبة الجامعات حاجتهم إلى الاكل السريع فياخذ، او تاخذ بتصوير الاكل ويأكل لقيمات منه ويترك اكثره على المائدة.!
إنَّ ثقافة الغداء قد انسحبت على بعض الفتيات المتعلمات يقلن بصراحة انَّهنَّ لا يعرفنَ الطبخ والمطبخ.، إنَّ نظام الطلبات قد أخذ طريقه في عدم غسل قدور البيت. بانتظار هكذا تغيّر الحال بين مؤلف ابن النديم في وصف الطّيبات والطيب إلى اعلانات في الجهاز عن توصيل الطعام مقابل المال حيث يجعل الأطفال يلعبون بالجهاز بيد، و يأكلون الطعام الجاهز باليد الأخرى إنَّه عالم السرعة عند اغلب الأسر عندما توائمت مع العولمة وعند السفر ترى اطباقاً، واصنافاً من الأكلات في الفنادق وتدفع الكثير من اجل تذوّق تلك الأصناف.، وربّما تنسى حتّى البسملة. اصباغ وأوراق وقطعة لحم تضَّمها السندويج، ويقرأ على غلافها اشهر المطاعم في الأكل الجاهز.. السندويج الذّي يُسرعُ بك إلى العمل في الدائرة، ثم تنفقه بتبذير وليس بتدبير.
هاهي العولمة تحمل مفتاح الإقتصاد العلمي، وتحسب لكلّ فرد في العالم ماذا سيأكل، ويُنفق، ومناطق الغازات والإحتباس الحراري الناتجة عن عوادم الشركات، والمؤسسات وهي تُنظّم باستمرار فاتورة طعام العولمة، وتُقلل طعام الطيبات والطيب لابن العديم.
وإذا كانت اطعمة ابن العديم قد أصابها السُّم وتجرعّته، فإنَّ اطعمة العولمة أصبحت حوادثاً علميّة، وحالات خارقة سطوة من الصهيونيّة على شركات الاكل وهذا ما يفزع اقتصاد العالم نحو الإستهلاك الذي تكفّلت أجهزة التواصل الاجتماعي توصيله في دقائق، وانت في بيتك تنتظر خلف الباب صوت الدليفري. الوجبة وصلت لبابك جاهزة. عندها سوف تذكر ابن العديم كصفحة من صفحات الاكل في التراث، وتستقبل العولمة باليد الأخرى.