يُعدُ التراث العربيّ مستلهماً للمطلعين عليه من الكُتّاب والادباء،فنجد من يمزج بين حكايات الف ليلة وليلة ضمن الرواية ،والقصّة ،والشعر،؛وكذلك إستفادالقاص الراحل حسن العنزي من التراث فوظّف قصة/ الصندوق الكبير / والذي حلَ تساؤل هشام ابن التاجر فكتب في الوصيّة (بُني هشام يبدو انَك أضعتَ ثروتكَ وسنوات عمرك عندما دعتك الحاجة لهذا الصندوق الكبير والاخير وعليك الآن أن تعمل فليس هناك اثمنُ من العملِ)ص10 وهذه الوصيّة تأتي بعد أن اضاع هشام الجواهر النفيسة من الصندوق الصغير والاوسط ،وتحثُ هذه القصة على العمل.وقد وردت لفظة /إكترى مركباًمع التُجار /بمعنى إستاجره وهي مفردة صعبة على عمر الاطفال .
وفي قصة /الاميرة البكاء والصياد الصغير/ص55,تظهر جرأة الصياد الصغير لينقذ بنت السلطان بعد فشل من قبله في تحقيق شفاء الاميرة،من خلال مساعدة الفقراء ليدعوا للاميرة بالشفاء ويوضّح القاصاهمية الدعاء للميت والحي ،والغاية من القصّة هو تحقيق العدالة المناسبة بين الناس في القصة :إبتسام الرعية=إبتسام الاميرة. والصياد الصغير يشابه الغلام الصغير الذي واجه احد خلفاء العصر الاموي عبد الملك بن مروان واجاد في عرض شكوى الوافدين على الخليفة ،وهذا يظهر مدى قدرة الأطفال في حلّ بعض المشاكل في المجتمع.
وبعيداً عن التراث تساهم البيئة والنظام في عنصر مهمٍّ للقصة عند القاص العنزيو فنجد وحدة الأحداث:المدرسة،الارض،البيت، الهور،المشفى،وشخصيات تلك الأحداث تدور بين الخير والشّر،والصّح والخطأ.
او يشارك الحيوانات الاليفة في قصصه كما في قصّة /القطة الضاحكة/بتوظيف القاص من مخترعات التكنولوجيا في تعويض قطة سناء المريضة والتي سببت لها خدوشاً بقطة تعمل على البطاريات وتُصدر اصواتاً مقلّدة القطة الحقيقية .ص20 وقصة/خالد والحصان الهزيل/ص75 وهو صورة لحصان خالد الذي اصابه النواب من حادث لعربة الخشب التي يجرّها ؛وتمنّى خالد أن يصل لحصانهِ في بحيرة وقع الحصان فيها ويتمنى أن تساعدهُ البحيرة يقول القاص:”فيرّد صدى البحيرة بياسٍ ليتني”مع اطالة حروف ليت.ص79
ونجد المفارقة في قصة/لعبة الديكة/ من خلال المعنى الاوّل عند القاص “كم من الوقت والجهد العقلي يبذلهُ مصممو هذه الدُمى الجميلة من اجل إدخال البسمة والبهجة للأطفال” والمعنى الثاني في نهاية القصة “كم من وقت يبذله هؤلاء من اجل قتل الإبتسامة لدى الأطفال”وهي عن صراع الخير والشر/ص68 ونجد لفظة (الوقت) المعرّفة)في المعنى الأول وهي للاخيار،ولفظة (وقت)وهي نكرة للاشرار. امّا قصة (الطبيبان) يعرض فيها القاص شخصيّة فاروق ومازن المتفوقين منذ الابتدائية وحتى تخرجهما من الطب والعمل في مشفى في الهور ،ولكن فاروق يترك المكان ليغادر إلى اوربّا ،ويبقى مازن وحده في العمل ،ويستمر حوار الطبيبين في صراع التضحية والإخلاص ،وهناويعمل القاص على حلّ هذا الاشكال بينهما بأن يفاجا الطبيب مازن بمبعوث عن وزارة الصحّة هو الدكتور فاروق نفسه ويسرد له عن ماسآة الغربة.تبيّن القصة قيمة عمل الإنسان في وطنه وحبّه له.
ونختم بعد المجموعة القصصية/الحّطاب والطيور الثلاثة/ حول ترك الأرض والعمل بمهنة اخرى حطاب في الادغال والبراري ،وإنتقاد العصفور،والبلبل،والحمامة لاهمال الأرض اليائسة عِبر حوار شيّق؛ويصل الحوار إلى إبراهيم الذي يراجع نفسه ويبدأ بزراعة الارض،وفي النهاية يسمع حديث الطيور الثلاثة عن الارض الجميلة ويظهر امامهاليقول”أنا واللّه صاحب هذه الأرض”والغاية هي تقبّل الانسان النصيحة ولو كانت من الطيور.والملاحظ في القصة ورود الفاظ كبيرة المعنى على الطفل والناشىء مثل (الصريم) وهو لعدٌة معانٍ وكان بالاحرى تعريفه ب(شجر الصريم)وهو ما جُمع ثمرهُ أو( نبات الصريم)أي ما قُطع منه،وكذلك لفظة (لكزه):أي ضربه ولفظة(عزق)وبمعنى نظّفَ.
وهذه المجموعة اكدّت لجوانب عدّة منها الجانب التربويّ والذي يُشكلّ رقماً مهمّاًفي أدب الأطفال وقد صورّت اغلب المجموعة عليه وإهتّم الكاتب به.امّا الجانب اللغويّ فقد جاءت المجموعة بلغة جمعت بين مفهوم الطفل ،والناشئة مع الفاظ صعبة اشّرت اليها،ولكنَ هذا لا يلغي اهتمام القاص في إيراد لفظة (البستان) المجاور للمدرسةلما له سور ،ولم يورد لفظة(الحديقة)والتي لاسور لها.
ويبقى الجانب الفنّي فهو تشابه الأحداث على الأرض في اكثر من قصّة والاطالة في بعض القصص ،ولم يجرّب القاص أدب الخيال العلميّ،وهو مهمُ في تحقيق قصة الطفل والناشىء ،فكانت المباشرة والحقيقة واضحتين في أغلب القصص.امّا الرسوم فقد كانت مناسبة للاحداث والوان مطابقة للبيئة والطبيعة.واعتقد انَ دار ضفاف الناشرة للكتاب قد ساهمت في غلاف مناسب للمجموعةالقصصية.
وبعد فقد أغنى مؤلّف القاص الراحل حسن العنزي المكتبة في أدب الأطفال ولجهوده في الكتابة لهذا الأدب الاثر الكبير في الثقافة العربيّة، وما الجوائز التي حصل عليها منذ كتابتهِ في أدب وقصة الطفل منذ عام 1969 إلاّ شاهداً على حُبّهٌ وتفانيهِ من أجل إسعاد الأطفال بحكايات جميلةٍ.