
“الشعر والفرجات” في الكلية المتعددة التخصصات بالراشيدية
المنتدى الحواري لفعاليات الدورة الخامسة لملتقيات الشعر الجهوية، خصصته دار الشعر بمراكش لموضوع الشعر والفرجة تقاطعات جمالية، في لحظة معرفية ترنو الى استغوار أسئلة تتعلق بمقاربة جديدة لهذه الفرجات المغربية المتأصلة في الوجدان المغربي، واستنادها على النص الشعري. هذا المنتدى، والذي نظم يوم السبت 22 مارس صباحا في قاعة اللقاءات والاجتماعات التابعة للكلية المتعددة التخصصات في الراشيدية، وبتنسيق مع مختبر البحث في الدراسات الأدبية واللسانية والفنية والفلسفية وماستر التواصل السيميائي.
وافتتح السيد عميد الكلية المتعددة التخصصات الراشيدية بالنيابة، السيد محسن تيليوا، اللقاء بتأكيده على حرص الجامعة الانفتاح على المؤسسات الوطنية والدولية، والسعي الى تمكين الطلبة خصوصا طلبة الماستر والدكتوراه، من الاقتراب أكثر لفضاءات المعرفة والحوار. وتدخل في موضوع الندوة ثلة من الباحثين، الناقد الدكتور سعيد كريمي، والناقد الدكتور عبدالرحمان التمارة، والناقد الدكتور عبدالله بريمي، والأستاذة الطالبة الباحثة فتيحة يشو.
توقف الناقد سعيد كريمي في مداخلته على انفتاح الشعر على الفرجات، كما توقف عند شعر الملحون مستقصيا منابعه وجمالياته، موضحا الفرق بين الفرجة والأداء، وعلاقة الشعر بالفرجات، وصعوبة الحديث عن الفرجات بمعزل عن الشعر، وواصل الحديث عن الجذور الشعرية للفرجات، في عهد اليونان(الفرجات الدينية والديثرامب والملاحم، وكتابات سوفوكليس وثيسبيس وأرسطو)، والنسق الثقافي للأنماط الفرجوية الشعبية المغربية المختلفة، وتواشجها وتساوقها الثقافي (أمازيغية وإفريقية ويهودية وعربية..)، ثم عرج للحديث عن شعر الملحون، وأصوله الفيلالية (الشاعر سيدي التهامي المدغري، والمغراوي..) وامتداداته من تافيلالت إلى مكناس ومراكش، وآسفي وسلا وتارودانت (فن الكريحة)، وتطوره من الغرض الديني إلى أغراض أخرى (الغزل والحكمة والخمريات..)، وتداول الملحون لدى الحرفيين والصناع، وكونه يتشكل من مرددات غنائية في تفاصيل الحياة، ونسق يحتضن تراكما معرفيا، وبصمات ثقافية مرت بالمغرب، مما جعله يخلق تفرده، بأنساقه الفرجوية وفنون القول.
أما الدكتور عبد الرحمن التمارة، فقد تطرق لموضوع الشعر والفرجة، من خلال أهمية الربط بين النصي والبصري والمشاهدة والتمثل، والمنطق الذي يحكم الشعر والفرجة، ثم أكد أن فعل التجاور – وبمحددات معرفية وتعبيرية- ، هو ما يشكل عزلته وذاتيته الخاصة وتفرده، وفق نسق شعري فيه بنية غالبة، حينما يتجسد ويتحقق التكامل الدال. ومن جانب آخر، فقد ناقش الأبعاد الوجودية المستحكمة في علاقة الفرجة بالشعر، والغرض من ذلك، وهو محاولة فهم الإنسان.
وبخصوص مداخلة الدكتور عبد الله بريمي، فقد ركزت على تكسير مركزية النص في الدراسات النقدية، والباب الأول لفهم الشعر هو التلقي الواعي، بعيدا عن السطحية، وبأن التجاور يؤسس لمنطق الاختلاف والتجانس، ثم تساءل عن الأسباب التي تجعل الثقافة لا تؤطر في ما هو مؤسساتي، كما في الثقافة الغربية والثقافات الأخرى، كما تحدث أيضا عن تعدد الأنماط الفرجوية، والأشكال التعبيرية، والفرجات الشعبية (فن البلدي، وأحيدوس وأحواش ..) وخصوصيات العلاقة بين الشعر والفرجة.
وتأتي مداخلة الطالبة فتيحة يشو، لتفصل القول في أهمية الشعر في الحياة، وبأن حضوره الدائم فيها، راجع لكون الشاعر يمتح من ذاته ومحيطه، والشعر قد حاور المسرح منذ عهد أرسطو، ثم بينت الفرق بين الفرجة المستعملة في التراث اللامادي، ومراسيم الاحتفالات والأعياد والمناسبات (بوجلود وأحيدوس، وأحواش والحلقة والبساط..)، ومفهوم الأداء، ثم ميزت بين أشكال التعبير الشعبي، والطقوس التعبدية، وتوظيف القصص والحكايات الشعبية في الفرجات، وفرجة الأماكن وفضاءات الاحتجاج، ودور الشعر في بلورة الأنسنة، والقيم الإنسانية، والعلاقة بين الشعر والفرجة في سياقات خاصة.
وفي ختام المنتدى الحواري، انصبت مداخلات الحضور، على مواضيع ذات صلة بالمداخلات فتمحورت حول الفرجات المحلية (كالملحون في تافيلالت، وجهود الباحث الراحل عباس الجراري النظرية والتظيرية، والتهامي المدغري الشعرية والإبداعية)، والكاترسيس والتطهير الذي تحدثه الفرجات على الخشبة، بالإضافة إلى مسألة التجريب واعتباره أس كل التجارب وعلاقته بنظرية الأدب، والتجاور بين الشعر والفرجة، ونقل الفرجة من الفضاءات العمومية إلى الخشبة.
وتوقف الناقد سعيد موزون عند صعوبة التوفيق بين النص المكتوب ونص العرض، في غياب الوعي الجمالي والدراماتورجي لدى الكاتب والمخرج، بالإضافة إلى إشكالية التوليف بين النص الشعري والفضاء المسرحي، وأهمية السياقية والآنية والجدية في الفرجات الشعبية (أحيدوس مثلا)، والمنظور الوظيفي للأدب الشعبي، وكيفية الخروج من المعطى المحلي المغلق للثقافة الشعبية، وتأكيد أهمية علاقة التواشج والتناسج بين الشعر والفرجة (الأغراض النقدية والاجتماعية والمديح الصوفي والديني…). وانتهى المنتدى الحواري، بتوصية لعميد الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، بجمع أعمال المنتدى في مجلة سيجلماسة.
ملتقيات الشعر الجهوية، مبادرة ثقافية تسعى من خلالها دار الشعر بمراكش