الشخصيات : انسان رقم (01)
المكان :غرفة تحتوي على العديد من الحواسيب والالات .
الزمان : مجهول .
المشهد الأول
تفتح الستارة، الإضاءة تركز بدائرة ضوء على الانسان رقم (01) الذي يجلس امام الحاسوب هو منهمك بعمله .. الرجل الآلي اقدامه بشرية وذراعيه بشرية ،
يتعالى صوت في أجواء المسرح وهو يحاور الانسان رقم (01)
-هل أنهيت المهمة رقم 12..
يصغي لثانية ثم يجيب
-نعم أنهيتها ..
– والمهمة التي بين يديك
– إنها قيد التفيذ
-حسنا ، عليك الإسراع بتنفيذها .
– نعم ، إنني أحاول
يختفي الصوت لبرهة
الانسان رقم (01) منهمك في عمله فهو يعمل على تأسيس رجل آلي آخر
الرجل يحاول ادخال البيانات المطلوبة لبرمجة الرجل الالي لكنه يلاقي صعوبة
الصوت المجهول
– ماذ حدث ، هل فشلت المحاولة ؟
– لا لم تفشل بعد ، إنني أحاول تدارك الامر
– حسنا ،إذن ، افعل ما بوسعك
-أنا أفعل
الرجل الآلي يعمل على بعض الحواسيب مضت خمس دقائق ..ربع ساعة وهي يعمل .
يعود الصوت المجهول من جديد …
– هل أنهيت مهمتك ؟
– لا أعتقد إن الامر سينجح
الصوت بحنق
– لماذا؟
– واجهتني مشكلة في ادخال البيانات ..
– وهل عرفت سبب ذلك ؟
– نعم ، يوجد عدم اتساق في البيانات ، بسبب تكرار بعض المعلومات
– إذن حدد لي هذه المعلومات
– المعلومات التي تتعلق بالمهارات التقنية ، وهذا سيؤثر على أداء الرجل الآلي
– حسنا ، سنحتاج إلى تغيير خوارزمية ادخال البيانات .
-علينا فحص البيانات
– سأقوم بتحديث الكود الخاص بذلك
– هناك مشكلة أخرى
– ما هي ؟
-بعض البيانات مفقودة .
– حسنا ، سأتحقق من اكتمال البيانات
يعود الرجل الالي لعمله بعد خمس دقائق تتحول أحدى يديه إلى يد رجل آلي …بعد عشر دقائق تتحول اليد الأخرى إلى يد رجل آلي يستمر العمل تخفت الأضواء وتسدل اللستارة
المشهد الثاني :
الانسان رقم (01) يعمل على الحاسوب
يصدر صوت ثاني مجهول .. صوت امرأة وهي تتحدث مع الصوت الأول
– دعني أتحدث معه
-وماذا تجنين من الحديث معه ،إنه لا يتذكرك، بل إنه لا يعرفك، تتعالى ضحكات الصوت الأول بينما الصوت الثاني يردد
-أنا متأكدة إنه سيتذكرني ..سأحاول معه ..من المستحيل أن ينسى بهذه السهولة لمجرد إنكم مسحتم ذاكرته ..
– ها انت تدركين الامر جيدا الامر يتعلق بذاكرته وقد تم مسحها تماما .
-كلا ، لن تنجح في ذلك وسيتذكرني، أنا متأكدة من ذلك .
تتعالى ضحكات الصوت الأول :
-لقد محونا ذاكرته الا تفهمين لقد زودنا ذاكرته ببيانات جديدة بحسب ما نريد منه ..الا تفهمين
-سيتذكرني ..أنا متأكدة إنه سيتذكرني ..
– انت مجنونة الاترين بأنه تحول بشكل تدريجي الى إنسانى آلي ..ألا ترين ..؟
– أنت من فعل به ذلك ..
-نعم أنا من فعلت ذلك ..افهمي لقد فات الاوان لتدخلك
-إنه إبني ، كيف لك أن تفعل به ذلك ..؟!!
-أنت من منحني السلطة عليه
-أنا ؟
– نعم ، أنت من سلمتيه لي بكل قواك العقلية إنه لي وينفذ مشيئتي ألا ترين ،إنه يطيعني في كل شيء ولا يتذكر سوى الايعازات الموجه له مني ..
صوت المرأة بنشيج
-لكنه ابني أنا
– لكنه أصبح ملكي الآن ..إنه ملكي ألا تفهمين ..لن يتذكرك أبدا ..أبدا
– قد لا يتذكرني ..لكنه يشعر بوجودي ..
الصوت الأول يضحك ساخرا
-أي مشاعر تلك التي تتحدثين عنها ، ارضخي للامر الواقع .. أنت لست في قائمة البيانات الخاصة ببرمجته ..
– أنت تتحدث بالأرقام والبيانات لا تفهم شيئا..عن المشاعر ..عن الإحساس بالاشياء حتى وإن لم تراها العين أو يدركها العقل
– انها تخضع لعقل الانسان وقد محونا ذاكرته .
-والروح
– ماذا تعنين ..؟
– روح الانسان هي من تعي وتشعر وتدرك …
– أنا لا أعرف ذلك ، فكل شيء يمكن تفسيره بالبيانات حتى المشاعر
-كيف ؟ لا يمكن للبيانات أن تشعر
– إنها تحاكي المشاعر
– كيف ؟
– إنها تستطيع أن تحلل من خلال البيانات
– هل تستطيع الشعور بالحب ،الحزن ، الفرح ، الشعور بالانتماء …
– إنها تحلل وتفسر معاني تلك المشاعر وتقدم استجابة مناسبة لها
-إذن هي تتعامل مع المعنى المجرد لتلك المفاهيم لا الإحساس بها
– لسنا بحاجة إلى هذه المشاعر والاحاسيس ..فهي من تجعلنا نشقى في حياتنا ، نفهمها نحاكيها بمعانيها المجردة ويكفي ذلك لنا كبشر
– لا ..لا يكفي من المستحيل أن تأخذ ابني مني
-سأعيده لي أنا متأكدة من ذلك.
الانسان رقم واحد منهمك في المختبر الآلي بحسب الايعازات التي يستلمها من الصوت الأول
الصوت الأول
-أنظري إنه لي أنا
– دعني أحاول معه ..أرجوك
-حسنا ، سأجري معك اتفاق
– ماهو ؟
– إن نجعلتيه يتذكر أو يتذكر شيئا ما من حياته السابقة سأعيده لك
– سأفعل
– أنا متأكد من إنك لن تنجحي في ذلك ، إنما هذه فرصة أمنحها لك
كي تتأكدي بنفسك
-سأجعله يتذكر وسأجعله يشعر ..إنه إنسان .. وليس رجلا آليا ..عليك أن تفهم ذلك جيدا ..لكن اطلب منك أن تختفي أنت أنا فقط معه
– لن ينجح ذلك سيكون وجودي قريبا فقط
– حسنا ….الرجل الآلي منهمكا في عمله تختفي الأضواء ،تسدل الستارة
المشهد الثالث
تفتح الستارة على الانسان رقم (01) وهو منهمك في عمله ..الانسان رقم (01) تحول الى رجل آلي باستثناء الأرجل ..
صوت المرأة
-آدم هل تسمعني
– صمت …
– آدم ..آدم ..آدم
يتوقف الرجل الآلي لوهلة
-هل تسمعني ..يا آدم ..أعرف إنك سمعتني وفهمت للحظة …
– لايوجد في بياناتي هذا الاسم
– لكنك أصغيت لوهلة
– لا أعرف أعتقد إن هناك خطأ ما في النظام ..
– كلا ، لا علاقة لذلك بالنظام
-لست مبرمجا على الاستجابة لغير مصممي ..
– لكنك أستجبت وتحدثت معي ..
– يبدو فعلا هناك خطأ في النظام
– لا ليس خطأ ..الامر لاعلاقة له بالنظام ولا البيانات
الانسان رقم (01) يصغي بصمت
-أنت أدم ..ابني ..لقد سمعت صوتي ..وبدا لك مألوفا ..أليس كذلك ؟
– صمت ..
-آدم ..عد الي يا عزيزي ..عد لأحضاني ..
-صمت ..
-أنا أمك ..لقد ولدت بين أحضاني ..ورافقتك منذ الطفولة حتى الصبا والشباب ..صدى صوت الأمم يتردد بأجواء المسرح
– أنا أمك ..لماذا تنكرني ..لماذا تحولت إلى آلة ..لماذا ..
-أنا لست مبرمجا على الإجابة لغير مصممي ..لكن لا أعرف ما الذي يجعلني أستجيب لك ..؟
-لأنك تعرفني
-لكن ذاكرتي ليست مبرمجة على ذلك
-قلت لك لا علاقة للبيانات أو البرمجة بذلك
– أنت شعرت بالصوت دون أن تلجأ الى استعادة البيانات
-كيف ذلك ؟؟
-أنت الآن في مرحلة الاستفهام والسؤال دون اللجوء الى البيانات
بدأت يداه تتحولان إلى يدين حقيقيتين
– أنا لا أفهم كيف حدث ذلك
-أنت بدأت تشعر بما أقوله لك ، لم تعتمد على البيانات ..بدأت تستعيد ذاتك ..أنا أمك …
-ماذا تعنين بذلك ؟؟
-أنا أمك الحقيقية ، وتم برمجة ذاكرتك لتحويلك الى رجل آلي من قبل الذكاء الصناعي
-وكيف لي أن اتذكرك ..
تسقط صورة ورقية لطفل وهو يركض بين الأشجار ..يلتقطها ..يحدق في الصورة …
-هذا أنا ..نعم أنا ..
– إنك تتذكر
– كيف حدث هذا ..لابد هناك خطأ في البيانات ..
– لاعلاقة للبيانات بما يحدث معك ، إنك تتفاعل بشكل طبيعي بعيدا عن المصمم ..
الانسان رقم (01) بدأت الآلات تتحول الى جسد حي في ظهره وبطنه ..
-لا أفهم ما يحدث معي ..بدأت أدرك ما تعني كلمة أم ..أنني أشعر بها بعيدا عن تحليل معناها المجرد ..!!!..من أنا ..؟؟
– أنت ولدي الحبيب بدأت طريق العودة لي ..صدى الصوت يتردد في أجواء المسرح ..لي ..لي ..لي
الصوت الأول يشق صداه في المسرح
-لا تصغي لها ..عليك إتمام مهمتك التي أوكلتك بها ..
-أي مهمة ؟؟أنني لا أذكر
الصوت بغضب
-كيف لا تتذكر ؟؟ لقد قمت بتحديث الكود الخاص بالبيانات كما طلبت مني
-أي كود
الصوت الثاني
-إنه ولدي سيتذكرني حتما وقد بدأ بذلك للتو ..
-لا تصغي لها ، عليك باكمال ما بدأنا به هيا
-لا أريد أن اكمل البيانات ..لا أريد ..
بدأ يتحول إلى إنسان بالكامل ..أخذ يتطلع إلى جسمه ..
-ها أنذا آدم ..
-سأمنحك دليلا آخر خذ هذه الزهرة ، تسقط زهرة أمام آدم
الصوت الأول :
-إياك أن تلمسها ..إياك
الصوت الثاني
-التقطها يا آدم ..هيا إنها لك
الصوت الأول
-أياك ..إياك
يتردد آدم قليلا ..لكنه مالبث إن التقطها لتخضر ساقيه ويديه بالاوراق الخضراء والازهار
الصوت الأول بدأ يتلاشى شيئا فشيئا ..إياك ..إياك ..إياك …
الصوت الثاني :
-هيا يا بني اتبع الازهار وستخرج من هنا
بدأت الازهار تتساقط متباعدة وهو يلتقطها تباعا الواحدة تلو الأخرى ..حتى يصل الى الباب
-هيا افتح الباب يا ولدي لتعود الى أحضاني
يفتح الباب يقف لبرهة ليجذب أنفاسه في شهيق واضح ومسموع ومن ثم يتقدم إلى الامام خارج الغرفة .. يضيء الخارج وتتعالى أصوات ..خرير المياه ..تغريد الطيور ..حفيف الأشجار .. يسود الظلام في الغرفة ،وتسدل الستارة .