الملاك يتخلى عني..
يترك آثار جروحه..
تتفتح مثل أزهار (Rosen)..
ترفع عبء هذا الفضاء عن جفوني..
يا رب، امنحهم الراحة الأبدية
(aeternam dona eis, Domine)*
في أبيض وأخضر
الملاك يكون في كل الأشياء
أكف بصري عنه.
دون حلم يبقى فمي
في شعره.
يدي تلمس وجهه
مثل قيثارة.
أفكاري خاملة
باردة مثل زهرة الغابة.
أنا أحبه.
غناء (ترانيم) بيني وبينك
هل ترى نجوم المساء…؟
أراها
هل تسمع صوت الريح…؟
اسمعها
هل تشعر بالخلود…؟
اشعر به
وأسمك…؟
سميني ليلا
من أين جئت…؟
من وحدتك.
إلى أين ذاهب…؟
إليك، لأضمك إلى صدري
أعطني يدك.
ألا زلت تسمع شيء ما
هدوء مطبق
آذاني صماء لا تسمع
عيناي عمياء لا ترى
لا شيء هنا، تقريبا،
ما يمنحني الحركة
أرى عتمة وجهي
أمامي، مقابل النافذة
غريب إلي،
ربما أنا ميتة.
أشـرب
لا أستطيع أن أشربك مثل قدح
مع هذا لي رغبة أن أشرب كل ما فيه بفمي
لأن الظمأ لا زال يشدني إليك
لا أستطيع البحث عنك
إلا أن رغبتي تدفعني للطيران حول العالم
كي أكون بجانبك
لا أستطيع أن أقدم لك مكانا تأوي إليه
ومع هذا أريد أن أنام في الثلوج والرياح
كي أجعل فراشي فاضيا لك
لا أستطيع أن أحلم بك
ومع هذا أحلم في وضح النهار
كي أراك ثانية.
ماذا تسميني…؟
أي اسم تمنحني،
نهر تحت الأرض.
إذا أغمضت عيناي
ارسم ملامحك
نهر تحت الأرض
أصورك:
أنا رأسك، أنا قلبك
أعيش في عشرين إصبعا.
ربما، لهذا السبب، الكلمات
توقفت، من هنا إلى هناك، بالقفز فيما بيننا
عندما نكون لوحدنا.
ربما احتضن نفسي
حينما احتضنك
ربما انقسمت عن نفسي:
كلا، نهر تحت الأرض،
هذا ليس حبا
وإنما حلول روحين في جسم واحد.
نصف قرن من الحياة المشتركة، وهذا يعني بالطبع أيضا عملاً أدبيا مشتركا، ربط فريدريكَ مايرويكير وارنست ياندل (ُErnst Jandel).
مباشرة بعد وفاة رفيقها في صيف عام 2000 حاولت فريدريكَ مايرويكير التعامل مع الخسارة في رثاء صامت وعاطفي، والذي أصبح أغنية ذات كثافة ساحرة تستذكر فيها الحنان، والحنين على ما فقدته.
في هذه القصيدة تستحضر الشاعرة ذكريات نصف قرن من الحياة سوية مع ياندل والفراغ المفاجئ الذي تركه بعد الغياب.
في وصيتها طلبت أن يوضع جثمانها الى جانب جثمان رفيقها في قبر واحد في مقبرة المشاهير في المقبرة المركزية في فيننا. دفنها إلى جانب رفيقها في القبر الذي دفن فيه.
ولدت فريدريك مايرويكير في مدينة فيننا، العاصمة النمساوية عام 1924.
ومن عام 1956 حتى قبل وفاتها بفترة وجيزة في عام 2021، بقت مستمرة في كتابة الشعر، النثر، مسرحيات إذاعية وكتب للأطفال. حصلت على العديد من الجوائز عن أعمالها، كان أهمها جائزة جورج بوشنر (Georg Büchner) عام 2001 وجائزة الأدب النمساوي عام 2016.
وصفت طريقتها في العمل على النحو التالي: أتعايش مع الصورة بكل ماضيها وذكرياتها تساعدني على تحويلها إلى لغة متكاملة.
في عام 1954 التقت ارنست ياندل “كان لدى كلاهما شغف واضح باللغة” وكان كلاهما أعضاء في مجموعة فيننا، التي كانت كل أعمالها الشعرية (متجذرتاًً) في الشعر الباروكي، إضافة الى التعبيرية والدادائية.
* قداس جنائزي.
النص المترجم مستل من كتاب قصائد مختارة للشاعرة فريدريكا مايرويكير الصادر عن دار سوركامب في ألمانيا
(Friederike Mayröcker: Gesammelte Gedichte 1939-2003) Suhrkamp