الحديث عن الأدب النسوي وقضاياه المتعلقة بهموم المرأة العربية عامة والخليجية خاصة لابد أن يدور في أفقٍ مُحدد نسبيًا، يضيق ويتسع بحسب ثقافة المجتمع.
الكاتبة رجاء البوعلي من الأقلام التي تساهم بنصها وبحضورها في تأثيث المشهد الخليجي الذي بدأ منذ زمن في إحداث الفرق والتميز نصا وملتقيات وجوائزوتعد الكاتبة أديبة وكاتبة رأي وشاعرة ومن ضمن نصوصها الشعرية المميزة نص “العابرون ” وغيره وصدر لها ” عشرة أيام في عين قسيس الانجيلي” كمجموعة قصصية طبعت أكثر من طبعة وأولاها العديد من النقاد أهمية فكتبوا عنها مثل حامد الشريف ومن النصوص الروائية العربية التي يجب أن تكون بين يدي النقاد ومجهرهم رواية الكاتبة ” أيقظني اليدك”و التي تحدث عنها العديد منهم كالروائية انعام كجه جي وكان هذا الحوار لمزيد فهم رؤية الكاتبة وآفاق تصوراتها
س1 ماهي أهم الاشكاليات التي اشتغلتم عليها في مدونتكم؟
قضيتي الجوهرية هي الإنسان، ما يعتلج فيه ويتداعى منه ويُوجه إليه، وهذا الميدان باتساعه وتنوعه وامكانية التعبير عنه بالكتابة، بدى واضحًا للقارئ المتتبع لإنتاجي في الأدب والفكر، فهو ظاهر في تجربتي منذ بواكيرها عبر المقالات الصحافية، ثم تشكل في قوالب الأدب الإنساني عبر الرواية والقصة والشعر. فجاءءت أعمالي الأدبية تطرح قضايا انسانية جدلية ووجودية واشكالية أحيانًا منها: رواية ” أيقظني الديك ” التي لامست قضايا العنف ضد الأطفال وأحلام المطالبة بحقوق الطفل والدفاع عنه، وبطبيعة الحال تُقدم تلك السردية نقدًا اجتماعيًا لثقافة التهاون مع اهمال انتهاكات الطفولة لأسباب اجتماعية وثقافية وفكرية! كما تطرقتُ في أعمالي القصصية ” عشرة أيام في عين قسيس الإنجيلي ” لموضوعات الهوية والانفتاح الثقافي، والتعددية والعنصرية والتعايش الإنساني، وتجارب إنسانية متنوعة وعديدة عابرة للحدود الجغرافية والدينية. من ناحية أخرى تشغلني أسئلة الوجود الكبرى، وقد عبرتُ عنها بصيغ وقوالب متنوعة شعريًا وسرديًا في القصص. وكقارئة على طريق النجاة لايمكن أن أعبر بحر القراءة دون اكتشاف للمنطقة الفكرية حيث النقد للموروث وتحديث الفكر الديني بما يتوائم مع متطلبات الإنسان في العصر الحديث. وفي هذا الأفق يصدر لي قريبًا عملًا جديدًا بعنوان ” هكذا قرأتُ عبدالجبار الرفاعي ” وفيه استعرض لقراءتي مشروع المفكر العراقي الدكتور عبدالجبار الرفاعي.
س2 ما هي أهم ملامح الادب الخليجي ببلدكم؟
إن إضفاء سمة ” الملمح ” على الأدب الذي يكتبه أدباء منطقة الخليج العربي لايعدو كونه تحديد لإنتاج أدبي يقع في حدود جغرافية معينة، لأن الملامح والسمات الفنية للأدب تأتي عامةً من طبيعة الأدب وماهيته. فالأدب بعامة يقدم عالمًا موازيًا لعالم الواقع، ويقوم الأدباء بدور السفراء في حقل الإبداع الأدبي مُعبرين عن هموم الإنسان وقضايا العصر بمتطلباته ومتغيراته، وهذا ما يُلاحظ في الأدب الخليجي، الذي يبرز فيه كل أديب ملمحًا مهمًا يعبر عنه برؤيته وأدواته الإبداعية الخاصة، فالرواية والقصة على سبيل المثال تتأرجح كثيرًا بين قضايا المجتمع والمرأة وكذلك الانفتاح الثقافي والتعددية الدينية والتاريخ، غير أن الأدب النسوي يظهر بإبراز قضايا وهموم المرأة العربية والخليجية بشكل خاص. إنما في العصر الحديث والمرحلة الراهنة، فهناك ملامح جديدة ظهرت على الساحة الأدبية وتألقت عبر الأعمال السردية مثل أدب الخيال والأدب الفلسفي. أما الأدب الواقعي فهو قديم على رفوف المكتبة العربية الخليجية غير أنه آخذ في التحرر والجرأة النقدية أكثر وأكثر مع تقدم الزمن. لذا أرى أن الملمح يرتبط بالأديب نفسه وما يشغله ويحرضه ويغريه في الكتابة، ففي الخليج أدباء تألقوا بكتابة الرواية التاريخية وآخرون الاجتماعية، وكثيرٌ من أديبات الخليج إن لم يكن جميهن قاربن هموم المرأة بصورٍ وأساليب متعددة. وغير ذلك من الأعمال والموضوعات الجديرة بالطرح. بعد كل هذا يمكن الإشارة للملمح باعتباره الموضوع والقضية والتصنيف الذي يطرحه الأديب الخليجي.
س3 هل هناك حركة نقدية تواكب المدونة الابداعية المنشورة ببلدكم
تُقدم منطقة السرد في المملكة العربية السعودية أعمالها الإبداعية القصصية والروائية ضمن بيئة نقدية ونقاشية جيدة، ومُقسمة بطريقة موضوعية نسبيًا، فهناك أعمالًا تدخل ضمن الدراسات الأكاديمية التي يختارها ويعمل عليها المتخصصون من طلبة الدراسات العليا، وهناك جمعيات الثقافة والفنون وجمعيات السينما وبيوت الثقافة ” المكتبات العامة ” التي تعتني بالإنتاج الأدبي قراءة ونقدًا ومعالجةً لتأهيله وتحويله لأعمال إبداعية فنية وسينمائية موازية للنص المكتوب. من جانب آخر، ترفدُ الأندية الثقافية في مختلف مناطق المملكة الأعمال الأدبية بإقامة الحلقات النقاشية النقدية والتي يعمل في دائرتها الأدباء الفاعلين في المشهد الثقافي بحضور القُراء والهواة الذين لا يقل جهدهم ودورهم الفاعل عن الأدباء أنفسهم في قراءة وتدوير ونشر الأعمال.
س4 ما اصطلح عليه بالادب النسوي وانتم جزء منه هل يمثل رقما كميا وكيفيا ببلدكم؟
الحديث عن الأدب النسوي وقضاياه المتعلقة بهموم المرأة العربية عامة والخليجية خاصة لابد أن يدور في أفقٍ مُحدد نسبيًا، يضيق ويتسع بحسب ثقافة المجتمع. فالثقافة العربية عامةً تؤطر فضاء حرية المرأة، كما أن الثقافة الخاصة لكل بيئة ومجتمع تضع هي الأخرى أُطرها وبصماتها الخاصة والمرتبطة بعاداتها وتقاليدها وأعرافها الثقافية والدينية، وهذا هو المعيار المُتغير بين النساء في منطقة الخليج، وعليه تُكتب القصص والروايات وتُطرح القضايا والمعالجات كمًا وكيفًا.
س5في مطالعاتكم الخاصة ما هي اهم النصوص الابداعية العربية والغربية التي اطلعتم عليها وكيف تقيمونها؟
يصعب حصر الأعمال العربية والغربية التي أطلعت عليها وأثرت بي، ذلك لكثرتها وتنوعها ولاشك أن ذاكرة الإنسان لا تحتفظ بكل ما يعبر عليها ولو كان جميلًا. وبلاشك مادام القراءة مستمرة فالأثر والتأثير مستمر هو الآخر، وكما أن هناك أعمالًا أثرت، ستأتي غيرها لتؤثر. ولكني سأذكر بعضًا منها؛ مثلًا في الأدب الغربي كان السبق في التأثير لرواية ” ربونسون كروز ” لدانييل ديفو، و ” الملك أوديب ” بالإنجليزية Oedipus the King لسوفوكليس، و ” أوليفر تويست ” بالإنجليزية Olive Twist لتشارلز ديكنز، و” هاملت ” بالإنجليزية Hamlet لوليام شكسبير و” أسم الوردة ” بالإيطالية Il nome della rosa لأومبيرتو إكو. كما تأثرتُ كثيرًا بالشعر الإنجليزي. بهذا تأسست مطالعاتي في الأدب العالمي، ومن ثمّ توسعت لتشمل الأدب الروسي بشكل خاص لما يكتنزه من عمق تحليلي للنفس