ابتاع عمر الشاي والنعناع بدرهمين وعشرين فرنكا. وقدم لصاحب الدكان ورقة نقدية من فئة عشرين درهما.. قبض الشاي والنعناع بيد، وقبض على الصرف باليد الثانية..
وعندما هَمّ بالدخول الى الدرب، أوقفه رجل في سن والده..
سأله الرجل:
ـ كيف حال أبيك؟
أجاب الطفل على نيته :
ـ بخير..
ثم قال الرجل للطفل بأن النقود التي يقبض عليها داخل كف اليد ستسقط وتضيع أو تُسرق منه، ونصحه بأن يصونها ويحفظها في قطعة من ورق.. ثم أخرج ورقة من جيبه، ووضع فيها النقود، وجمعها بكف يده، غير أنه وضع بدلها قطعة أخرى ملفوفة في يد الطفل من غير أن يشعر بذلك، وطلب منه أن يشد عليها داخل كفه جيدا، ويقرئ السلام لوالده..
دخل الطفل إلى الدرب، وهو يشد على النقود داخل الورقة الملفوفة بقوة، حتى وصل إلى البيت.
قدم الشاي والنعناع لوالدته، ثم اتجه نحو والده وقال بأن أحد أصدقائه يقرؤه السلام، وقدم له الصرف في الورقة الملفوفة.
تحسس الأب الورقة فشك أن يكون بها نقودا معدنية، فتحها بسرعة، فوجد قطعا صغيرة ورقيقة من الحجر.. وتوجه إلى ابنه غاضبا:
ـ لقد احتال عليك الرجل، وسرقك أيها الحمار..
احمر وجه الطفل من الخجل والخوف..
عندما كبر وأصبح رجلا لم ينس الخديعة، وأصبح في كل مرة يأتيه شخص يسأل كيف حال أهله، ويطلب أن يصوت عليه في الانتخابات، يخشى أن يَلُفّ صوته في قطعة من الورق الذي يُلَفّ فيه قالب السكر، ويتكرر ما وقع له وهو طفل صغير.. وعندما يذهب الى البيت ويفتح قطعة الورق، تفوح منها رائحة كريهة، ويجد الصوت قد تحول إلى بُراز قط أو كلب..
مراكش 11 أكتوبر 2025