كانت وفاء مثالا للشابة المواضبة الذكية الطموح, المثابرة والتي تحمل روح التحدي ولا يوجد في قاموسها كلمة لا لاي مسألة,اوعمل أو مشروع. ورغم انها كانت فائقة الجمال وتتمتع بذوق أخاذ, لم تكن تبالي بالمدح وقد تتجاهله بلباقة , كأن تجيب على كلمة مدح:
-شكرا. ولكن دعونا نركز على الموضوع والأ اضعنا الوقت.
ورغم فارق السن بيننا كنت قد جاوزت الخمسين , لاادري ان كانت قد بلغت الثلاثين ام لا, بدأت بينا اواصر تعدت زمالتنا بالعمل حيث كنت ألاحظ تقاربنا بالافكار والميول حين تتفق اراءنا في معظم الامور التي تطرح للنقاش في الاجتماعات فبدأنا بالتقارب وعندما نتحدث حديثا عابرا في اوقات الفراغ او في فترات الراحة اجدها تتطابق معي فهي تحب الاغاني التراثية كما يعجبها الرسم السريالي وتستخدمه بالتأمل والأسترخاء وبدأت مع الايام تقوى اواصر علاقتنا وبدات تسالني في امور وظيفية كوني امتلك خبرة اكثر منها حيث عملت بدوائر وأماكن مختلفة وكانت كلما تلاقي صعوبة بمسألة معينة تأتي الي ولحسن الحظ اقترح عليها حلا يكون هو الأمثل فتزداد ثقتها بي وتشكرني مما يسعدني ويعزز ثقتي بنفسي ويخفف عني وطاة تقدمي بالسن. واقترابي الوشيك من سن التقاعد.
فبدات هذه الامور تنسج اواصر علاقتنا وبدات وفاء تاتي لي بكتاب كانت قد قرأته وتقول لي لعلي استمتع بقرأته وعندما فأراه مطابقا لما اهوى أو تاتي لي بقطعة كيك وتقول انها جزءا من الكيك الذي عملته قبل يوم احتفاءا بعيد ميلاد ولالدتها وعندما أقول لها كفى لاني اشعر بالذنب لاني لم ارد لها شيئا مما قدمت لي ترد بعتاب:
-ان تقديمك النصح والمشورة بقضية واحدة تعادل كل ما قدمت لك.
وهذا ما يسرني اكثر بكثير مما تجلب لي.
ثم بدأت ارى وفاء وهي متوترة تاتي لتشتكي رئسنا او احد الموظفين الذي كان فضا او قليل الذوق معها وكنت استمتع بالاصغاء لها وما تقوله عن الاخرين واكتشفت انها حساسة جدا وكلمات قد لايكترث لها الكثير من الناس تعتبرها هي اهانة كبيرة ولكنها لاتحاول ان تظهر تأثرها كما انها لاتحاول الانتقام او الثأر لنفسها ولهذا بقيت موضع احترام وتقدير من معظم زملاءنا, ولكن زميلاتنا ينظرن اليها بنظرة أخرى ويقلنا ان المدير يستعين بها بالامور التي يعتبرها صعبة عليهن رغم ان قابلياتها عادية ام لم تكن دون العادية.
وبدات تستشيرني بقضايا اكثر خصوصية حيث ابتدات عندما سألتني مرة عندما عرض عليها عمل بمرتب ودرجة اعلى , وكان من الصعب علي ان اقدم لها المشورة , فاقترحت عليها ان تنظر الى أشياء أخرى مثل الخبرة المكتسبة وبعد المكان عن الأهل والسكن واحتمال الترقية في عملها الحالي والاجهاد النفسي الذي يحدثه الانتقال الى عمل أخر, فكانت شاكرة لاقتراحاتي وكانت دائمة الترديد اني اوسع من مداركها.
ومرة جاءت تشتكي وقالت :
-اه من الواتس اب, كم تمنيت انه لو لم يخترع.
فسالتها باستغراب وانا اتصفح رسائل الواتس اب التي وصلتني حديثا:
-لماذا, اني اجده طريقة سهلة لتبادل المعلومات والترفيه وحتى المزاح.
نظرت الي بنظرة يشوبها الاعجاب والحسد وقالت:
-هنيئا لك , فلست بالعمر ولا الجنس الذي تكون فيه هدفا للمعاكسة وتضييع الوقت.
فقلت لها باستغراب أكثر :
-ولكن هنت حرة بمن تتصلي وبمن تفتحي رسائله.
فنظرت الي بعينين قهرهما الأسى وقالت:
-ليست الامور بهذا الوضوح, فغالبا ما تختلط الامور ولا تتضح الأ بعد فوات الاوان.
لم اكن اتصور ان القضية صعبة ولا يستطيع الشخص ان يحدد بمن يريد الاتصال وبمن يريد قطع الاتصال, فقلت لها بنوع من العتب:
-لم اكن اعلم ان قضية كهذه تجعلك محبطة وغير قادرة على حسمها.
فنظرت الي بنوع من القنوط وقالت :
-كما قلت لك , ليست القضية بهذه البساطة.
واستأذنت وانصرفت, وكانت المرة الاولى التي أشعر اننا اختلفنا وكان رأيينا متناقضين, ولم يكن بالامكان ان اقترح عليها ان تلغي الواتس اب للان دائرتنا كانت تستعمله كطريقة رسمية للتخاطب او ارسال المعلومات لنا. واعترف انني كنت قليلا ما استلم رسائل من جهات مجهولة ولهذا لم يكن لدي مشكلة كبيرة بفتح او عدم فتح الرسائل. المشكلة كانت في بعض الرسائل التي لم تشغل حيز اهتمامي او انها لاتتناسب مع ذوقي وفي بعض الاحيان تفتقد لللياقة ولكن لم تكن تشكل عندي معضلة او قضية قد تؤرقني ولا أستطيع حلها وبدات منذ ذلك اليوم احصي عدد الواتس الاب التي استلمها من مصادر مجهولة أو تلك التي استلمها ولا اقرأها, او اتوقف عن اكمالها وكانت لاتتعدى الواحد او الاثنين باليوم وكنت لا اجد صعوبة باتخاذ القرار المناسب من دون اية مشكلة, وعندما مرت وفاء سألتها فأكدت لي انها لازالت تعاني من الموضوع ولم تجدد طريقة تتعامل معه , نقلت لها تجربتي ولكنها لم تتقبل رأيي بود, مما زادني استغرابا للموضوع.
اعترف باني لم اكن من المتحمسين للواتس اي ولكني كنت استخدمه بانتظام ولكني بعد هذه الواقعة بدأت اتصفحه أكثر واتذكر ما دار بيني وبين وفاء والومها على عدم مقدرتها من التعامل بالموضوع بعقلانية وكنت لا اجد صعوبة بمحو الرسائل التي لا اعرف مصدرها والتي اشك بمحتواها ومرة علقت وهي تمر بقربي مستفزا ايها:
-الا زلت تعانين من الواتس اب؟
فنظرت الي باsستفزاز اكثر واجابتني بنبرة مترعة بال تهكم:
-لا, بعد ان طبقت نصيحتك , اصبحت كل الامور على ما يرام.
فأبرى هشام الذي كان قد انهى مكالمته ووضع هاتفه النقال في جيبه:
-الواتس اب نعمة لايعرفها الأ من اسبغت عليه!!
واطلق ضحكته المجلجلة التي يتمز بها وتنذر بوجوده على بعد كيلو متر .
وكان يقاسمني الغرفة منذ اكثر من ثلاث سنوات , ورغم بدانته فهو خفيف الظل والحركة لا يمسك نفسه عن مساعدة اي من يحتاج مساعدته ولا يتوانى uن الضحك على اي من يصادفه واذا لم يجد احدا يتندر على نفسه. ولما سألته عن السبب. أجاب وهو يستعد لنوبة جديدة من الضحك:
-انه خير طريقة للنصب على اناس لاتحلم بالنصب عليهم في حياتك الاعتيادية.
كان بدنه يتهيأ للاهتزاز بموجة الضحك التي بدأها مع بدايته الكلام وجالما انتهى منه استدار وهو يترنح بالهواء واصداء ضحكته المجلجلة تعصف بالغرفة.
ولكن وفاء كانت قد غادرت ولم تشهد هذا الاداء الكوميدي, والا كان من الممكن ان تؤوله على انه استهزاءا بها.
فأنتهزت انا الفرصة وسألته ان كان قد استخدمه للنصب على اي من زملاءنا .
فانفجر بنوبة جديدة من الضحك وهو يقول :
-هذا سر لن ابوح به.
وكان يبدو من نبراته انه قد استخدمه مع الجميع, ولا ادري لماذا سألت نفسي فيما اذا قد استخدمه مع وفاء, وهممت بسؤاله, ولكني غيرت رأيي لحدسي بانه سوف لن يجيب.
كان قد اكمل دورته بالغرفة وبدات قهقهاته بالتلاشي فأستخرج جواله وافتح الواطس اب ليريني صورة ويسالني:
-ماذا ترى بهذا الشكل ؟
واشهر لي جواله , وهو يقول :
-انه فحص للنوايا.
وبدا نوبته الجديدة من الضحك.
نظرت الى الرسم وكان يبدو عاريا من الوسط وبه استطالات مكسوة بالقماش.
وقال لي وهو مستغرقا بالضحك.
-ان كنت ناسكا متعبدا رأيت فيه أمرأة محجبة وان كنت لا دع لخيالك العنان.
نظرت اليه والى الهاتف الجوال الذي بدأت الوانه تخبو وأنا أقول:
-لقد كان رورشاك محقاً!!!
ولا أدري لماذا استغرقت في موجة ضحك اختلجت معها كل اوتار وعيي.
واستغرقتني الحياة بمشاغلها ولكن اهتمامي بالواتس اب اخذ يتنامى وكنت دائم النظر الى الرسائل وكلما وجدت رسالة مريبة او من مصدر مجهولقمت بشطبها دونما تفكير او عناء , وفي كل مرة يمر طيف وفاء بخيالي وا تساءل (لماذا تجد وفاء صعوبة أو حرج بمثل هذه الواقف؟) ولا اجد تفسيرا لذلك.
والغريب بالامر, انني لم استلم اية رسالة من هشام او وفاء بعد ان ناقشت مسألة الواتس اب معهما واستمرت وفاء بعلاقتها معي واستشاراتها لي رغم ان مسألة الواتس اب قد غير نظرتي عنها وتقييمي لها.
وكنت عندما أمحو واتس اب لايعجبني اشعر بالزهو وقوة الارادة واعجب ممن لايستطيع ان يعمل مثلي.
ومرة فتحت الواتس اب ففوجئت برقم غريب ترددت لاول وهلة بمحوه حيث انه كان ثلاثة مكعبات مكعب خمسة مكعب ستة مكعب سبعة, لم يكن معروفا لدي ولم امحه كما افعل مع الارقام العادية التي لا اعرفها وسألت نفسي لمن يكون , حاولت ان اعرف عنوان الرسالة ولكنه كان غير ظاهر حيث كان يشير الى فديو فقط.وتذكرت وفاء وما وصفته من حيرة تحدثه لها بعض رسائل الواتس اب , ورغم ترددي الذي استغرق بضع دقائق تغلب ارادتي فمحوته دون الاطلاع عليه.تذكرت هذه الرسالة كلما فتجت الواتس اب وسألت نفسي ممن تكون وهل ستتكرر ام لا, ومن يكون صاحب هذا الرقم امميز؟ ولم اجد جوابا, وقمت بمحو رسائل اخرى ولكني قمت بتفحص الرقم قبل المحو ولكنها كانت ارقاما عادية . ولكن راحتي النفسية لم تدوم حيث استلمترسالة جديدة من نفس الرقم بعد اربعة أيام ولكن كانت هذه الورة بعنوان الخطايا السبع, ولم اكن اصمد لاغواء فتحها والاطلاع عليها حيث انني اعلم ان دانتي قد حددها بالقرن الرابع عشر في كتابه الكوميديا الألهية, ما أثار اهتمامي ه و ان الشخص الذي بعثها يعرف اهتماماتي ويشاركني اياها كما انه يريد ان يثير اهتمامي بشكل او باخر وهذا ما جعلها اكثر اثارة لي. وعندما فتحتها كانت اكثر اثارة لي حيث تكلم المقدم عن الخطايا السبع لدانتي ولكن قال دعونا نطبقها على الشاعر احمد فؤاد نجم وكان لقاءا ممتعا جدا حيث تكلم الشاعر عن خطاياه كعادته. بصراحة . وتكلم عن فترة عزيزة من حياتي ” وذكرني بأيام الشباب وحلوها ومرها . وعندما انتهيت من مشاهدة الفديو, ٍألت نفسي من يكون المرسل ؟ ولم استطع ان أجيب , فشكرت المرسل وسالته عن اسمه وكيف عرف تلفوني.
ولكن الرد لم يات, وسالتي نفسي بعد يوم او يومين من يكون ولماذا لم يجب؟ وفكرت ان اسأل وفاء حيث كانت هي ايضا مولعة بهذه الامور الفلسفية والادبية ولكني غيرت رأي لانها قد تسألني كيف قرأت الرسالة دون ان اعرف هوية المرسل كما اكدت لها سابقا.
ونظرت الى هشام , ولكني ابتسمت حيث انني اعرف انه الشعر والفلسفة هما اخر اهتماماته. وفكرت من يكون من معارفي صاحب هذه الرسالة ولكني طردت هذا الهاجس حيث انه لو كان كذلك لاجابني من هو وانتهت المسألة , ولكن قد ينوي عمل مقلب أخر ولهذا ظل صامتا.
وبعد ثلاثة أيام بالضبط , كانت هناك رسالة من نفس الرقم, فتحتها على الفور, فكانت اجابة وليست سؤال ,
-احزر انت ممن تكون.
فكرت بالموضوع , فأنا أرى العديد من الناس الذين يمكن أن يعرفوا رقم هاتفي النقال والكثير الذين يشاركونني اهتماماتي ولكن لماذا يريدون ان يحجبوا عني هويتهم؟ واردت ان اجيب برسالة توضح عجزي عن معرفة الاسم واهتمامي بمعرفته, وكتبت جملة او جملتين وتوقفت , وقلت,علي ان أعطي نفسي مزيدا من الوقت للتفكير, ولاأدري لماذا خطر لي خاطر , هل هي مرأة أم رجل؟ ثم سألت نفسي ماالفرق؟
ورغم انه كان موضوعا عرضيا حيث اني استمتعت بالفديو ومن يكون مصدره غير ذي أهمية ولكني لم استطع ان اطرد تلك الفكرة من ذهني وظلت تتردد كلما نظرت الى الواتس اب. وبرغم استمتاعي بالفديو ألوم نفسي كلما التقت عيني بعيني وفاء .
ولم يطل بي الوقت حيث أستلمت رسالة أخرى بعد ثلاثة أيام بالضبط فحواها(اذا لم تعرف من أنا, فأني متأكدة من انك تعرف من القائل؟)
لا أراك ولكني أراك فرؤية العين رؤية ورؤية القلب لقاء
يألهي, ها انذا بامتحان عسير وممتع, فانا امام امرأة تعرف كيف ومتى وكم تفصح عن نفسها واي باب تطرق ومن اي طبقة من طبقات الوجد والشعور تنفذ, ورغم اني كنت اعرف من القائل الأ انني لم أجب الأ بعد ثلاثة أيام :
اذا كنت صائبا ,اتقولين لي من أنت؟
أجابت مباشرة:
-معرفة من أنا هي مهمتك ولكن اجابتك قد تقربك مما ترومه.
كنت لا اعير اهتماما للواتس اب ومزاباه, ولكني بعد هذه التجربة , بدأت ادرس خصائصه وعرفت ان الؤسالة اذا كانت قصيرة يتمكن الشخص من الاطلاع عليها دون فتحها وكنت اود ان اعلم ان كانت هي مشتاقة لفتح رسائلي حال استلامها ام انها تسنطيع المكوث اياما قبل فتحها,لهذا تعمدت ان تكون الاجابة طويلة:
-انه الشاعر الذي نظم الكثير من شعره بالاشعار الفلسفية والصوفية ,جلال الدين الرومي.
كنت متأكدا من الاجابة ولكني ظللت افتح الواتس اب كل ربع ساعة ,ولاأدري ان كنت اريد التأكد من الأجابة ام كنت انتظر اجابتها, ام الخطوة القادمة باستدراجها.
ولكنها انتظرت ثلاثة ايام بالتمام والكمال لتفتح الرسالة وتجيب:
-أحسنت.
وبالرغم من اني كنت متأكدا من الجواب كتاكدي من أسمي الا اني ظللت اتأكد من الواتس اب وعندما قرات الرسالة فرحت بها كانني قد اجتزت اختبارا صعبا لم اتاكد من اجتيازه .
وبعد ثلاثة ايام بالتمام والكمال لم استلم اية رسالة مضت علي مترعة بقلق التوتر ورهبة الامرئي.
وقلت من الأحسن انها انقطعت وتذكرت وفاء وعرفت انها كانت على حق واتخذت عهدا على نفسي انني سوف لن افتح رسالة اخرى مجهولة , ولكن ترقبي وافتقادي للواتس اب استمر ولدهشتي فرحت عندما استيقضت باليوم الرابع لأرى رسالة جديدة من الرقم المجهول, تقول :لا تشغل البال بماضي الزمان ولا باتي العيش قبل الاوان وأغنم من الحاضر لذاته فليس في طبع الليالي الامان .
كيف عرفت انني أفكر فيما حدث؟
ولماذا تأخذ هي المبادأة دائما؟
فكرت بالامر وودت ان انسى الموضوع ولا أجيب مطلقا على اية رسالة مهما كانت مستفزة. ولكني غيرت رأيي بعد يومين لاني لا أقبل الهزيمة كما اني وددت ان اعرف من هي وماذا تريد , فبدات بالهجوم , فسألتها كما فعلت هي , من القائل:
حبك خرافة لقنني أياها جلجلوت في منامي
وعندما رأيتك أختلطت اوهامي بأحلامي
واشواقي بألامي
ولازلت احدس هل انني استيقظت
ام لازلت احلم في منامي.
لم تستغرقت هذه المرة الا بضع دقائق حيث أجابت:
-أنت.
ماذا يجري؟ كيف عرفت وبهذه السرعة ؟
وددت ان اسألها كيف عرفت ولكني لم أسأ ان اعترف بعجزي.
وقبل ان اتكهن بما سيجري استلمت رسالة اخرى:
-الازلت تفكر كيف عرفت؟
انها تاخذ المبادأة ولاتدع لي مجالا للمناورة.
وانا لازلت افكر استلمت رسالة اخرى:
-اغبطك على محاولتك استرجاع أيام الشبابز
-كيف علمت ذلك؟
-لقد اشتريت كتاب الغريب لالبير كامو البارحة ولا بد انك تذكرت نقاشاتك المحتدمة مع اصدقاءك عن مسرح اللامعقول.
-نعم, هذا ما حدث , وهذا ما فكرت به.
-لدي مفاجأة لك.
أجبت بشوق.
-ألا تعرف ان مسرحية –في انتظار عودة كودو – لاتزال تعرض على المسرح الملكي؟
كنت قد عزمت الذهاب لمشاهدتها ولكني لم ارغب الذهاب لوحدي وكلما سألت احد الاصدقاء ,لم يبد رغبة للذهاب معي. فأجبتها:
-نعم ,كم وددت الذهاب لمشاهدتها.
-ولهذا, فانها ستكون مفاجأتين لك, الاولى هي مشاهدة المسرحية والثانية لقائي.
كانت تلك حقا مفاجئتان لم اكن اتوقعهما على الأطلاق وخاصة المفاجأة الثانية التي كنت تواقا لها, فأجبتها بلهفة:
-متى؟
-بعد غد الساعة السادسة مساءا سوف اكون بانتظارك على الباب الرئيس وساكون مرتدية معطفا ازرق.
انتظرك عند الركن الأيمن من باب المسرح الملكي تحت يافطة (الحياة مسرح كبير فأحرص ان تؤدي دورك باتقان والأ ابتلعنك الكواليس)سوف
اكون مرتدية معطفا ازرق داكن وحقيبة بنفس اللون والقماش.
اعرف ان المسافة لاتستغرق اكثر من نصف ساعة في اعتى الازدحامات, لكني بدأت الساعة الرابعة تحسبا لاي طارئ وكان الطريق سهلا وعلى بعد ميلين او ثلاثة بدأ السير بالتباطؤ وبدأت درجة حرارة السائقين بالارتفاع وأخذوا يلوحون باذرعهم ويدقون مزامير سياراتهم , ويضغطون باقدامهم على عتلة البنزين لتصرخ سيارتهم كما يفعلون وتقترب من السيارة التي امامها حتى تكاد تلامسعا فسألت نفسي, لماذا يقومون بهذه الاعمال رغم انهم يعلمون بانها سوف لن تفتح الطريق او تخفف من شدة الازدحام , وبدأ المارة على الرصيف يتندرون على السائقين الذين فقدوا اعصابهم وانهالوا بسيل من الشتائم على بعضهم البعض, وبدأت انياب القلق تنغرز بأعصابي وساورني الشك في اني سوف لن اصل الى الموعد بالساعة السادسة واذا بالسيارة التي امامي تتوقف فجاءة مما اضطرني الى التوقف واذا بجسمي يرتج من هول الصدمة التي تلقتها سيارتي من الخلف, ونزل السائق من السيارة التي خلفي ليكتشف ان السيارة التي امامي قد اصطدمت بالسيارة التي امامها والساتقين مترجلين وقد دخلا بمشادة فنظر الي شذرا وصاح:
-انت الوحيد الذي لم تصطدم بالسيارة التي امامك !!
فأجبته معتذرا.
-أقدار, وانا لا أريد شيئا.
نظر الي بحنق وهو يشير الى السيارة التي امامي:
– ولكن هذا الاحمق يجب ان يدفع الثمن .
نظرت اليه متوسلا:
-لدي ارتباط مهم ولا اريد ان اخلفه.
لم يسمع ماقلت حيث انه كان متجها الى السائق الذي امامي وهو يصيح:
لابد من استدعاء شرطة المرور .
فاجتمع الناس حولنا وكانت هناك عجوزا بالسيارة التي بالمقدمة قد تاثرت رقبتها من الضربة مما ادى بهم لاستدعاء الأسعاف ونشبت بين السائق الذي امامي والذي خلفي مشادة وهما يتنازعات هل كان يمكن تفادي الحادثة ام لا, واذا كان الاول مشغولا بتتبع السير على هاتفه الجوال وعبثا حاولت ان اهدا الموقف وكانت الدقائق تمر كأنها سنين وعندما ايقنت اني سوف اتأخر عن الموعد, استخرجت هاتفي النقال وبعثت اعتذاري واني سوف اصل ان شاء الله متاخرازاستغرق الامر أكثر من ساعة لبنجلي وكان الازدحام قد انتهى ولم استغرق الأ دقائق كي اصل واركن سياراتي .
ذهبت الى الركن الأيمن من باب المسرح الملكي فلم اجد أحدا.
نظرت الى هاتفي الجوال فرأيت ان رسالتي لم تستلم بعد.
اردت ان ادخل لمشاهدتي ما تيقى من المسرحية ولكني اثرت الانتظار لعلي اراها عند انتهاء المسرحية ولكني لم ارها رغم اني حدقت بالخارجين لدرجة اثارت احتجاج الخارجين وخاصة من الرجال حيث حدجوني بنظراتهم امستهجنة لتمحيصي للخارجين.
وبعد ان فقدت الامل برويتها عدت الى البيت وكانت لاتزال لم تستلم الرسالة ومرت الأيام وانا استيقض صباحا واتفحص الواتس اب املا ان اتلقى رسالة منها تطمأنني عنها او تعدني بلقاء لمشاهدة مسرحية اخرى, وقد حضرت عدة مسرحيات وكان شالي الرئيس ان اجد مرأة ترتدي معطفا ازرق وحقيبة زورقاء وكم توهمت بأن المرأة التي تمر امامي هي وقد غيرت معطفها وهي تتجه الي لتعرفني بنفسهل, ولكنها تمر دونما تكلمين كانها غير شاعرة بوجودي.
وكلما ارى وفاء, اود ان اقول لها انها كانت على حق, ولكني اغير رأيي باللحظة الأخيرة.